التقدّم الإسرائيليّ براً داخل جنوب لبنان وبوتيرة تصاعديّة لا يوحي بأنّ الحرب ستنتهي قريباً، وما يجري هو أنَّ إسرائيل تحاول تعزيز الكثير من المكتسبات الخاصّة بها ميدانياً وبالتالي الإستفادة من الوقت المتبقي لها قبل استلام دونالد ترامب زمام الإدارة الأميركية في 20 كانون الثاني 2025 بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي جو بايدن.
Advertisement
ما بدا لافتاً هو أن إسرائيل نفذت هجوماً مباشراً للوصول إلى أطراف منطقة ديرميماس والسيطرة على خط منطقة الخردلي هناك بغية التقدم أكثر نحو نهر الليطاني. أيضاً، تسعى إسرائيل للتقدم نحو البياضة في منطقة الناقورة بعد السعي للسيطرة على منطقة شمع وسط اشتباكات عنيفة تحصل مع "حزب الله".
المُصادفة هنا هو أن هذه العملية حصلت بعد زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان قبل أيام وانتقاله إثر ذلك إلى تل أبيب لمناقشة المسودة الأميركية لإتفاق وقف إطلاق النار. هنا، يُطرح التساؤل: ما الرابط بين الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة على النحو البري وزيارة هوكشتاين؟ وما الهدف من وراء ما يجري حالياً وإلى أي حد سيبقى المشهد هكذا؟
تقول مصادر معنية بالشأن العسكريّ لـ"لبنان24" إنّ ما يتبين من خلال الوقائع الحالية هو أنّ إسرائيل تريد الإستمرار بعملياتها حالياً في جنوب لبنان لكي تتمكن من تأمين المنطقة الفاصلة بين نهر الليطاني والحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
المصادر ذكرت أنّ إسرائيل لا ترغب في إنهاء الحرب حالياً لأنها تجد نفسها قادرة على تنفيذ عمليات توغل برّي، ما يمنحها ورقة قوية ضد "حزب الله"، وبالتالي عدم الإكتفاء بقرى الحافة الأمامية بل الانتقال أكثر نحو المناطق الأبعد قليلاً وتحديداً تلك المحاذية لنهر الليطاني.
تُرجح المصادر أن تكون هذه الأمور قد وُضعت على طاولة البحث بين هوكشتاين والجانب الإسرائيلي، علماً أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبحسب ما تكشفه التقارير الإعلامية الإسرائيلية، لا ينوي إنهاء الحرب في عهد بايدن، وبالتالي فإنه مستمرّ حتى الآن في التغاضي عما يُطالب به هوكشتاين لأنَّ الأخير مرتبط بإدارة بايدن وليس بإدارة ترامب.
لهذا السبب، فإنَّ الحراك الفعلي الذي تقوم به إسرائيل الآن يستمدّ قوته من أن نتنياهو بات مُتحرراً أكثر من القبضة الأميركية، والدليل على ذلك هو أنه لم يمتثل حتى الآن لضغوط واشنطن بإنهاء الحرب، رغم الحركة المكوكية لهوكشتاين. كل هذا يعني أنَّ نتنياهو ينتظر استلام ترامب للإدارة الأميركية لتحقيق مُكتسبات جديدة على عهد الأخير من خلال إفشال حصول أي إنجازٍ لصالح بايدن في نهاية عهده.
أمام كل ذلك، فإن إسرائيل ترى نفسها أكثر تحرراً من ذي قبل، ولهذا السبب فإنّها تسعى الآن للاستفادة من هذه الفترة قبل 20 كانون الثاني لتنفيذ عمليات مختلفة في لبنان من اغتيالات، مناورات برية، انزالات بحرية جديدة متوقعة، دخول بري متزايد، فيما الهدف الأساس هنا هو تحصيل مُكتسبات معنوية أمام الجمهور الإسرائيلي للقول إن الجيش تمكن من التقدم داخل لبنان وإبعاد حزب الله، وثانياً السعي أكثر لكسر "الردع" الذي تحدّث عنه "حزب الله" طيلة المراحل السابقة وتحديداً قبل الحرب الحالية.
انطلاقاً من كل ذلك، يُمكن القول إن المرحلة الحالية هي مرحلة الوقت الضائع قبل استلام ترامب مهامه في البيت الأبيض، علماً أن الأخير لا يُعارض ما تقوم به إسرائيل الآن باعتبار أن مجابهة "حزب الله" بالنسبة للأميركيين هو أمرٌ ضروري، لكنه يأمل في الوقت عينه أن تنتهي الحرب في مطلع عهده. وعليه، وخلال مرحلة الشهرين الحاليين، فإنه من المتوقع اشتداد القتال، تصاعد القصف والتوتر، بينما الأنظار ستتجه إلى النتائج وسط توقعات بأن تدخل تعديلات لاحقة على المسودة الأميركية بشروطٍ قد يضعها الجانب الإسرائيلي في سياق المحادثات اللاحقة.