تقترب التسوية السياسية التي ستؤدي الى وقف إطلاق النار بين لبنان واسرائيل من خواتيمها، هذا في حال لم يتمّ عرقلتها من قِبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. وعليه نصبح أمام نتائج متعددة يمكن دراستها بعد انتهاء المعركة التي دامت أكثر من سنة بشكلها القديم ونحو شهرين بشكل مختلف تماماً على مستوى التصعيد ليدخل لبنان في فترة من الهدوء.
Advertisement
يمكن اعتبار أن "حزب الله" استطاع تجنّب الهزيمة في هذه الحرب، وخرج منها بشبه توازن مع اسرائيل، وهذا الامر كان أيضاً شبه مستحيل في المراحل الفائتة وحتى وفق ما كان مخططاً لها، اذ بدا الأمر ضرباً من الخيال، لكنّ الواقع تبدّل تماماً بعدما استطاع "حزب الله" استعادة عافيته بشكل أو بآخر.
ترى مصادر عسكرية مطّلعة أن "حزب الله" قد قدّم تنازلاً، الى حدّ ما، لجهة جبهة الاسناد وربط الساحات وذلك بعد 14 شهراً من بدء عملية "طوفان الأقصى"، حيث دفعت خلالها المقاومة وبيئتها الحاضنة أثماناً باهظة، وهذا التنازل يأتي بعد أن تعرض الى خسائر نسبية ولم يتمكن رغم كل عمليات التصعيد من إنهاء الحرب ووقف اطلاق النار بشكل كامل في قطاع غزّة، فكان لا بدّ من التراجع خطوة الى الوراء بهدف حماية واقعه الاستراتيجي.
لكن هذا التنازل الذي قدّمه "حزب الله" فرض على إسرائيل تقديم تنازل مقابل ويتركّز حول عدم عودة المستوطنيين الى الشمال الا باتفاق سياسي، والعودة هي واحدة من أهم أهداف العدوّ الاسرائيلي وتشكّل أولوية لدى القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية. هذا الاتفاق السياسي هو عملياً القرار 1701 مع تعديلات بسيطة وغير جوهرية بمعزل عما سيُحكى في الاعلام في المرحلة المقبلة، وتحديداً الموضوع المرتبط بالحضور الاميركي في اللجنة المعنية بمراقبة تطبيق هذا القرار.
من جهة أخرى، ترى مصادر اعلامية أنّه لا يمكن الحديث اليوم عن فصل الجبهات، معتبرةً أن خطاب أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم لم يقف عند "فصل الجبهات" بشكل واضح. وترجّح المصادر أن يكون هذا "التحليل" جزءًا من مناورة في ظلّ المفاوضات القائمة، وذلك بهدف رمي الكرة في ملعب العدو وانتظار ردّه.
من يتابع الميدان يجد أن التصعيد الذي قام به "حزب الله" من خلال قصف "تل أبيب" وخمس قواعد عسكرية في حيفا دفعة واحدة اضافة الى استخدام بعض الاسلحة المدمّرة والذكية الجديدة، ترافق مع العمل البرّي الذي أفشل خطة اسرائيل باحتلال أي بلدة بشكل كامل حتى اليوم رغم اختراقها الى حدود معينة، لكن كل الاختراقات حصلت في الاماكن غير المبنية ولم تستطع اسرائيل الدخول الى الخيام والبياضة حتى اللحظة، ما شكّل ضغطاً كبيراً على حكومة العدو ودفعتها الى التراخي قليلاً. وعليه فإنّ كل هذه التطورات ساهمت في اعادة التوازن الى المشهد اللبناني - الاسرائيلي.
ويبقى السؤال، هل نتّجه الى وقف اطلاق النار، أم أنّ ثمة مفاجآت قد تزيد الامور تعقيداً في الايام المقبلة؟!