مواليد مراكز الإيواء: بارقة أمل في زمن الخوف

 
تحلم كل امرأة حامل باليوم الذي ستلتقي فيه أخيراً بالجنين الذي تحمله في أحشائها. إلا أن الحوامل في زمن الحرب، اللواتي يخضن صعوبات جمّة في رحلتهن نحو الأمومة، يفكّرن بكل الصعاب التي ستواجه أطفالهنّ المولودين في مراكز الإيواء، أولئك الذين لا حول لهم ولا قوة.

Advertisement


أكثر من 11 ألف امرأة حامل بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية، أعرب صندوق الأمم المتحدة للسكان عن قلقه البالغ إزاء سلامتهنّ منذ 27 أيلول الفائت، أي مع انطلاق شرارة الحرب.
فمن أبسط حقوق الأطفال وأكثرها بديهية، أن يولدوا في مستشفيات آمنة ومجهزة لأي حالة من الطوارئ والحصول على كامل سبل الرعاية الصحية اللازمة للأم والمولود الجديد. ربما هذا أقصى ما تتمناه الحوامل اللواتي تركن منازلهنّ في أبشع ظرف يمكن أن تمرّ به أي امرأة تترقب وصول جنينها.

لم يعد للأم ترف الحلم بجهاز طفلها، ولا تصميم غرفته وأغراضه وألعابه. وبات الأمان وتوفير أبسط المستلزمات أكثر ما تطلب توفيره لولدها في ظل القصف الإسرائيلي المستمر.  فالقلق من المصير الذي يترقب المولود وانعدام مقومات الحياة الكريمة والهانئة، حسرة تلاحق النساء النازحات الحوامل في كل مراكز الإيواء.

ولادات عدّة شهدتها هذه المراكز في أكثر من منطقة في لبنان، تمكّنت من جلب ولو شيء بسيط من الفرحة والأمل ليس فقط للأم والأب، بل أيضاً لجميع من شهد على هذه اللحظة سواء في مدرسة أو أي مركز آخر بات السقف الوحيد لمن تركوا بيوتهم خوفاً من الدمار والموت.

وفي بعض المراكز، تمّكنت الأمهات اللواتي أنجبن مولودهنّ فيها، من عيش فرحتهنّ بما تيسّر. فتزيّنت غرفهنّ بالبالونات المزيّنة طبقاً لجنس المولود الحديث، وحضّرت النساء الموجودات "المغلي" لتوزيعه على النازحين احتفاءً بهذه اللحظة العظيمة، فباتت الحياة طبيعية وجميلة مجدداً ولو لبرهة من الزمن.
إلا أن الخوف والقلق لا يفارقان الأمّ في ظروف أكثر من صعبة وغير آمنة، ولا شيء فيها قريب من الخصوصية، على الرغم من المساعدات التي تصلهنّ وتخصيص وزارة الصحة خطاً ساخناً (1787-1214) لهنّ بالإضافة إلى مرضى غسيل الكلى والسرطان.

وفي الواقع، صعوبات جمّة تواجه الحامل أو الأم الحديثة حتى قبل أن تضع مولودها أكثرها نفسيّ، إذ أن زيارة الطبيب المعتادة لم تعد متوفرة لإجراء الفحوصات الدورية، ولا معايير الصحة موجودة بشكل مناسب في ظل وجودها مع عدد لا بأس به من النازحين في غرفة واحدة، ولا خصوصية كي تتمكن من إرضاع مولودها بالشكل المناسب.

رغماً عن كل السواد الذي يحيط بهم، تمكّن الأطفال المولودون في مراكز الإيواء من جلب نوع من السعادة إلى أهلهم والمحيطين بهم، فهم بارقة امل في هذا الزمن المرعب. ولكن أي مستقبل ينتظرهم؟ وهل سيتمكنون من العودة مع أهاليهم إلى قراهم وبلداتهم التي هشّمها العدو الإسرائيلي؟ كيف سينظرون إلى الواقع الذي ولدوا فيه عندما يكبرون قليلاً؟ كلّها أسئلة لا أجوبة لها اليوم، إلا أن غداً لناظره لقريب.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق السكة الحديد تطالب المواطنين بمساعدتها في التصدي لظاهرة رشق القطارات بالحجارة
التالى أسعار السلع التموينية اليوم الجمعة 8-11-2024 في محافظة الدقهلية