لم تكن قضية كتاب “في الشعر الجاهلي” والذي تعرض طه حسين، إثر نشره، لمنعطف خطير في حياته، هي الضربة الوحيدة التي وجهها الأزهر إليه، بل تخطي الأمر عقب سفره إلى فرنسا وإقدامه على الزواج من “سوزان” وهي الرغبة التي عارضها الأزهر فما القصة؟ .
لهذه الأسباب عارض الأزهر زواج طه حسين
ضمن سلسلة اقرأ، التي تصدرها دار المعارف بالقاهرة في مايو من العام 1952، صدر للكاتب السوري سامي الكيالي، كتاب بعنوان “مع طه حسين”، وفيه يعرض لأفكار ورؤي عميد الأدب العربي، المولود في مثل هذا اليوم من العام 1889.
ومما عرض له “الكيالي” في كتابه عن طه حسين، هو علاقته بزوجته الفرنسية “سوزان”، وكيف أنه قد أحبها وكانت النور الذي أضاء له جوانب حياته، لافتا إلي الصعوبات والعقبات التي واجهت زواجهما في البداية.
اقرأ أيضا:
https://www.dostor.org/4377129
فى مسلسل «التنظيم السري».. عندما أتهم الإخوانى عبد الرحمن السندي أستاذه لطفي السيد بالكفر
خطاب طه حسين للحصول على الإذن بالزواج
يقول الكيالي: وقد قامت دون هذه الرغبة ــ زواجهما ــ العقبات، فما كان ليسمح للطلاب بالزواج من الأجنبيات، وعلي طه حسين، الشيخ الأزهري أن يخضع لما تفرضه الأنظمة، ولكن هناك عوامل كانت تدعوه أن يربط حياته بمن خفق قلبه بحبها وكانت له خير أنيس يبدد هذه الوحشة من غربة السفر ويضيئ بعض ما نزل به من ظلمة القدر.
وتقدم طه حسين إلى الجامعة يلتمس الإذن له بالزواج الاستثنائي، وقد شرح العوامل التي دفعته لهذا الزواج ومما جاء في خطابه: “إنه بالنسبة لحالته الطبيعية الخاصة التي تقتضي اشتراك شخص آخر معه ليساعده علي الدراسة، وبالنسبة لكون، مدة إقامته في فرنسا، وجد في أسرة منها فتاة كانت قارئته وكاتبته. وقد أخلصت له الإخلاص كله، بحيث أصبح لا يري بدا من مرافقتها، فهو يلتمس من الجامعة التجاوز له عن الشرط القاضي بعدم زواج الطلبة مدة دراستهم، والإذن له بصفة استثنائية في الزواج.”
ويضيف “الكيالي”: ولقد تداول المجلس في هذا الموضوع، واختلفت الآراء فيه، فبعضهم قبل بالموافقة علي هذا الطلب الاستثنائي، مراعاة لحالة هذا الطالب الخصوصية، وبعضهم قال بالرفض احتراما لقرار المجلس السابق صدوره في 15 مارس سنة 1911 القاضي بعدم جواز تزوج طلبة الإرسالية ماداموا في سلك الدراسة بأوروبا. وبعد مناقشة طويلة تقرر أخذ الأصوات فكانت النتيجة: إسماعيل حسنين باشا، عبد الله وهبي باشا، وحسن سعيد باشا، أبدوا رأيهم برفض الطلب.
اقرأ أيضا:
https://www.dostor.org/4523176
من فرنسا إلى مصر.. قصة حب خالدة وثقتها زوجة عميد الأدب العربي طه حسين؟
بينما من أبدوا رفضهم لطلب طه حسين بالزواج فهم، الدكتور محمد علوي باشا، المسيو فوكار، أحمد عبد العزيز فهمي بك، أحمد لطفي السيد بك. وهكذا فقد تقرر بالإغلبية الإذن للشيخ طه حسين بالزواج من الفتاة التي يرغب في الزواج منها.
وكانت هذه الفتاة الآنسة “سوزان” وقد أشار روبير لاندري، الكاتب الفرنسي الشهير إلي هذا الزواج بقوله “وذات يوم بينما طه حسين علي مقعده في قاعة المحاضرات في جامعة السربون سمع صوتا جميلا يرن في أذنيه، صوت صبية حنون تقول له بعذوبة: إني أستطيع أن أساعدك في استظهار الدروس. كانت صاحبة الصوت سوزان التلميذة الفرنسية المنحدرة من عائلة كاثوليكية في مدينة بورجون. وقد ظلت سوزان تتردد زمنا طويلا قبل أن تتزوج طه حسين المسلم. ولكن أحد أعمامها استطاع أن يقنعها، وكان ذلك العم قسيسا، وقد قال لها: ”مع هذا الرجل يمكن أن تثقي بأنه سيظل معك دائما."
ويشدد “الكيالي” علي: “وعاشت سوزان وطه حسين في منزل متواضع في الحي اللاتيني، وهنا بدأت مهمة الزوجة المثالية في إخراج زوجها من عزلته الروحية والمادية عن الناس، وعاش طه حسين معها وأصبحت سوزان ”الحاسة السادسة" له، وأخذت تكافح معه ومن أجله كل حجب الظلام."