تحت السيطرة.. «الدستور» تكشف: الدولة تنجح فى حصار مافيا الإسكان الاجتماعى

تحت السيطرة.. «الدستور» تكشف: الدولة تنجح فى حصار مافيا الإسكان الاجتماعى
تحت
      السيطرة..
      «الدستور»
      تكشف:
      الدولة
      تنجح
      فى
      حصار
      مافيا
      الإسكان
      الاجتماعى

مع كل طرح لوحدات الإسكان الاجتماعى تطفو على السطح ظاهرة السماسرة الذين يزعمون قدرتهم على تمكين المواطنين غير المنطبقة عليهم الشروط، من التقديم على تلك الوحدات عن طريق الاحتيال والتزوير.

وانتشرت تلك الظاهرة بشكل أكبر خلال الأيام الأخيرة بعد إعلان وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية مؤخرًا عن فتح باب الحجز لأكثر من ٦ آلاف وحدة سكنية فى ١٥ مدينة.

وتنوع النشاط غير القانونى لهؤلاء السماسرة ما بين تزوير المحررات الرسمية الخاصة بمفردات المرتب، وكذلك بيع كراسات الشروط بشكل غير قانونى وبأسعار مرتفعة عما تباع به داخل مكاتب البريد، فضلًا عن أنشطة أخرى غير شرعية.«الدستور» خاضت مغامرة صحفية لكشف التعاملات غير القانونية لهؤلاء السماسرة، وكيف يساهمون فى حرمان المواطنين المستحقين من الوحدات السكنية التى تتيحها الدولة لهم عن طريق تمكين غير المستحقين من الحصول عليها.

سماسرة يحاولون تزوير مفردات مرتب وعقود إيجار وإيصالات مرافق

تمكنت «الدستور» من الوصول إلى أحد هؤلاء السماسرة، الذى يدّعى تسهيل تقديم الأوراق للمتقدمين للحصول على إحدى شقق الإسكان الاجتماعى، كانت البداية بالحصول على رقم هاتفه، وعند الاتصال به عرّف السمسار نفسه باسم «هشام»، وزعم قدرته على تقديم خدماته للراغبين فى التقديم، وأن بإمكانه إعداد شهادات دخل مزيفة مقابل ٦٠٠ جنيه.

وعند سؤاله عما إذا كانت هناك حاجة إلى شهادة دخل رسمية من مكان العمل، أكد أن هذه المسألة لا تشكل عائقًا، وأنه يستطيع بسهولة إصدار شهادة دخل مطابقة لمتطلبات التقديم بشكل فورى.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عرض خدماته الكاملة، بدءًا من تجهيز الأوراق المطلوبة حتى متابعة الملف خلال جميع المراحل، بما فى ذلك رفع الطلب على الموقع الإلكترونى المخصص، مقابل ١٥٠٠ جنيه.

وكشف عن الطريقة التى يتم بها التحايل على الشروط، بتزوير إثبات الدخل المناسب للمتقدمين، وكذلك عقود إيجار وهمية مطلوبة للتقديم، والطرق التى تتم بها الإجابة عن استفسارات المسئولين فى حال تم الكشف عن أى خلل فى الأوراق المقدمة.

وزعم قدرته على مساعدة المتقدمين فى تجهيز عقد إيجار مزيف دون الحاجة إلى توثيق رسمى، مع توفير إيصالات للكهرباء أو الغاز من الشقة ذاتها لضمان تمرير الأوراق بسلاسة.

وفى مغامرة مشابهة، توصلت «الدستور» إلى سمسار آخر وطلبنا منه مقابلته وجهًا لوجه، وحين تم اللقاء عرّف نفسه باسم «عادل»، وقال إنه يعمل فى مكتب محاسبة، ويسهّل إجراءات التقديم للوحدات السكنية الجديدة بطرق غير قانونية، وبدأ بطلب معلومات حول الحالة الاجتماعية والوظيفة والراتب، مؤكدًا قدرته على إعداد مفردات راتب بأى رقم يناسب الشروط المطلوبة.

وطلب تجهيز بطاقات الرقم القومى وإيصالات المرافق، ليتولى بنفسه إعداد شهادة الدخل وإدارة الملف، موضحًا أنه يتكفل بإنشاء الحسابات الرقمية ورفع الملفات مقابل عمولة قدرها ٥٠٠ جنيه، مبررًا المبلغ بالتعقيدات الجديدة فى النظام الرقمى. وبيّن أنه على استعداد لإتمام العملية بمجرد تقديم الأوراق اللازمة، وأنه مقابل المتابعة مع العميل لنهاية قبول أوراقه والوصول إلى مرحلة استعلام البنك سيحصل من العميل على ١٠٠٠ جنيه.

وعلى أبواب مكتب بريد رمسيس، رصدنا سمسارًا عرض بيع كراسة الشروط بسعر ٥٠٠ جنيه، بينما السعر الرسمى داخل المكتب هو ٣٠٠ جنيه للكراسة، وزعم أنه يمتلك علاقات مع بعض الموظفين فى المكتب، بما يمكّنه من توفير كميات أكبر من الكراسات مقابل الحصول على نسبة من الأرباح.

وقال السمسار: «معارفنا كتير جوه، وأقدر أجيب لكم العدد اللى إنتوا عايزينه، بس هما بياخدوا نسبة من المكسب»، بعد مفاوضات، وافق السمسار على بيع الكراسة الواحدة بـ٤٥٠ جنيهًا، وطلب صور البطاقات الشخصية لتوثيق الطلبات، وأشار إلى أن التسليم سيكون فى نفس اليوم، ولكن بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية.

كما ينشط هؤلاء السماسرة بشكل أكبر على منصات التواصل الاجتماعى وخاصة «فيسبوك»، من خلال جروبات مغلقة تروج لبيع كراسات الشروط.

أحد هؤلاء السماسرة، ويُدعى أحمد حسين، زعم أنه يستطيع توفير ٢٠ كراسة بسعر ٦٠٠ جنيه للواحدة مع إضافة المصاريف الإدارية، وزعم أن هناك «جروبات» أخرى تباع فيها الكراسة بمبلغ أكبر من ذلك، وطلب إرسال صور البطاقة الشخصية عبر تطبيق «واتس آب»، بالإضافة إلى تجهيز مستند «مفردات الراتب» المطلوب.

سمسار آخر فى منطقة حدائق المعادى قال إنه يدير مجموعة على «فيسبوك» لبيع الكراسات، وزعم أن كل مكتب بريد يحتوى على ٥٠ كراسة فقط، وقال: «أستطيع توفير أى عدد حسب الطلبات التى تصلنى»، مدعيًا أنه يبيع نحو ٧٠ كراسة يوميًا، رغم أن كل مكتب بريد يبيع كراسة واحدة لكل مواطن.

خبراء: تفعيل الضبطية القضائية وإتاحة الحجز عبر منصة إلكترونية تعتمد على الأسبقية

كشف الدكتور رشدى عبدالظاهر، أستاذ الإدارة المحلية، أن هناك بعض الأفراد الذين يروجون لتقديم خدمات مشبوهة تتعلق بتسهيل إجراءات تقديم الأوراق لشقق الإسكان الاجتماعى لضمان مطابقتها المواصفات المطلوبة ورفعها على الموقع الرسمى، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات تتضمن تلاعبًا فى الأوراق وتزويرًا للمستندات.

وأوضح «عبدالظاهر»، أن الوزارة وضعت آليات صارمة للتأكد من أن الشقق تُمنح لمستحقيها الفعليين، تشمل هذه الآليات الفحص الدقيق للأوراق المقدمة من خلال لجان متخصصة للتحقق من صحتها ومطابقتها المعايير المحددة، مضيفًا: «هناك تنسيق مع الجهات المعنية لضمان نزاهة العملية ومنع أى تلاعب فى الأوراق، ونشدد على أهمية تقديم البلاغات عن أى تلاعب أو محاولات احتيال».

ودعا المواطنين إلى التعامل فقط مع القنوات الرسمية لتقديم أوراق الإسكان الاجتماعى، مؤكدًا أن الوزارة تعمل بجد لضمان العدالة والشفافية فى توزيع الشقق على المستحقين، مختتمًا حديثه بتوجيه رسالة توعية للمواطنين، قائلًا: «لا تنساقوا وراء الوعود الزائفة من أى جهات غير رسمية، وتعاونوا معنا لضمان حصول الجميع على حقوقهم».

أما الدكتور حمدى عرفة، خبير الإدارة الحكومية والمحلية، فقال إن هناك مجموعة من السماسرة الذين يدّعون قدرتهم على تقديم جميع الأوراق المطلوبة للمواطنين والتلاعب فى كراسة الشروط، الأمر الذى يستغل احتياج المواطنين».

ولفت إلى أن هناك آلية رقابية صارمة تضمن تقديم الشقق لمستحقيها عبر فحص دقيق لطلبات المواطنين ومتابعة المراحل المختلفة من تقديم الطلب حتى التسليم، وشدد على أن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى فى هذا المجال يمكن أن تسهم فى توفير السكن المناسب للفئات المستهدفة.

وأكد أهمية تفعيل الضبطية القضائية بشكل أكثر حزمًا فى مواجهة السماسرة والمتلاعبين فى السوق العقارية، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء سيكون خطوة أساسية لحماية المواطن وضمان وصول الدعم السكنى للفئات المستحقة.

فى السياق، أكد الدكتور علاء الناظر، أستاذ الإدارة العامة والمحلية، أن الدولة حققت إنجازات ملحوظة فى إنشاء مدن جديدة وتوفير وحدات سكنية تستهدف جميع فئات المجتمع، بدءًا من محدودى الدخل وصولًا إلى الفئات الأعلى فى مختلف محافظات مصر.

وأوضح «الناظر» أن مشكلة «سماسرة كراسات الشروط» تشكل أحد التحديات الكبيرة التى تواجه منظومة الإسكان الاجتماعى، مؤكدًا أن هؤلاء السماسرة يستغلون حاجة المواطنين، وخاصة الشباب ومحدودى الدخل، من خلال الحصول على كراسات الشروط وبيعها مقابل مبالغ مالية مرتفعة.

وأعرب عن ضرورة الفصل بين مقدم الخدمة وطالبها، وتحويل عملية الحجز إلى منصة إلكترونية تعتمد على أسبقية الحجز لضمان الشفافية ومنع أى تلاعب، داعيًا إلى مواجهة هذه الظاهرة بحسم من خلال تشديد العقوبات على المخالفين.

«الإسكان»: فرق رصد وبلاغات ضد الإعلانات المضللة

قال الدكتور عمرو خطاب، المتحدث الرسمى باسم وزارة الإسكان، إن جميع المكاتب التى تدعى الوساطة هى مجموعات احتيالية، مشيرًا إلى أن الوزارة تكشف بسهولة الأوراق المزورة.

وذكرت مى عبدالحميد، الرئيس التنفيذى لصندوق الإسكان الاجتماعى، أن فرق الرصد تعمل على متابعة الإعلانات المضللة، وتم تقديم بلاغات ضد الصفحات التى تنتحل اسم الصندوق.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بدء نظر دعاوى السب والقذف المتبادلة بين ميار الببلاوي ومحمد أبو بكر
التالى ضربة جديدة لنتنياهو.. اعتقالات بشبهة تسريب معلومات سرية من مكتبه