حلفاؤه فى أوروبا وآسيا سيتوددون له من أجل ضمان أمنهم
رأت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن الانتصار الذى حققه الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية التى جرت أمس الأول، على حساب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، من شأنه أن يُغير جذريًا الدور الذى تلعبه الولايات المتحدة فى العالم، بل ويفرض نظامًا عالميًا جديدًا.
وقالت الصحيفة، فى مستهل افتتاحيتها: «وبكل تأكيد يعج تاريخ ديمقراطية أمريكا بالانتخابات المفصلية، لطالما رفض فيها الناخبون بشكل حاسم فلسفة وسجل الإدارة المنتهية ولايتها واختاروا شيئًا جديدًا، لكن بين الحين والآخر، تظهر نتيجة تذهب إلى أبعد من ذلك بكثير وتنذر بعواقب غير عادية ومضطربة، ليس فقط داخل أمريكا بل والعالم برمته، والانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤ واحدة من هذه النتائج».
وأضافت أن الناخبين من خلال التصويت لدونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، بدا عليهم الاقتناع بأن كل ما يثار حول سجل الرئيس السابق الجنائى أو ما أُشيع حول عدم قدرته على التنبؤ بالتصرفات تعد أمورًا أقل أهمية بالنسبة لهم من شعاره الواضح «أمريكا أولًا» بشأن الاقتصاد والأمن القومى والعالم، وقد بدا العديد من سياساته سطحية ومتغطرسة، إن لم تكن متهورة فى نظر خصومه، والواقع أن العديد منها كذلك بالفعل.
ولكن على عكس ولايته الأولى عندما تولى «ترامب» منصبه دون خطة واضحة وكان محاطًا بموظفين عموميين محنكين، اعتبرت الصحيفة البريطانية أن الرئيس المنتخب يدرك هذه المرة بالضبط ما يريد أن يفعله، وهو ما بدا فى تعهده بأن يكون محاطًا أيضًا بالمؤمنين الحقيقيين، وبالنسبة للاقتصاد العالمى وحلفاء أمريكا والنظام الدولى بعد عام ١٩٤٥، فإن هذا الأمر يفرض مخاطر هائلة وتداعيات مذهلة.
وتابعت «فاينانشيال تايمز»: «الديمقراطيون سوف يندمون حتمًا على حملتهم وفشل كامالا هاريس فى استقطاب الأصوات، غير أن فوز ترامب يشير أيضًا إلى حالة عامة بشأن تجاوز أجندة اليسار التقدمية وتساؤل الناخبين عن الغرض الحقيقى للديمقراطية إذا فشلت فى تحقيق أهدافهم، ومن المتوقع أن ينظر زعماء أوروبا الوسطيون جيدًا لهذه المشاعر وهم يواجهون أيضًا اليمين الشعبوى».
وأكملت: «لقد كان العالم منبهرًا باستطلاعات الرأى التى تشير إلى أن السباق كان متقاربًا للغاية بين هاريس وترامب. ومع ذلك، فإن الأمة التى تدّعى أن نسبة الأصوات فيها متساوية كانت حاسمة لصالح ترامب، الذى اكتسب أرضية على حساب الديمقراطيين فى ٤٨ من الولايات الخمسين، وقد ينتهى الأمر بالجمهوريين إلى السيطرة على مجلسى الكونجرس والبيت الأبيض. وهذا من شأنه أن يمنح ترامب مساحة أكبر كثيرًا مما كان عليه فى ولايته الأولى».
أما بالنسبة لحلفاء أمريكا، فقد رأت الصحيفة البريطانية أن الشعب الأمريكى ربما قصد من خلال تصويته لصالح «ترامب» الإعراب عن استيائه من الدور الذى تلعبه البلاد بعد عام ١٩٤٥ فى مراقبة العالم.
وأردفت: «الواقع ربما يكشف حقيقة أن شبكات التحالفات التى استمر الرئيس الحالى جو بايدن فى رعايتها قد تبدو أقل أهمية بالنسبة لترامب من العلاقات الثنائية. ومع إدراك هذا، فإن حلفاء شرق آسيا وأوروبا سوف يتوددون له بشكل فردى لضمان أمنهم، ولكن بالنسبة للتحالفات الإقليمية وخاصة حلف شمال الأطلسى (الناتو) فسيكون لزامًا عليه أن يستمر فيها، وإذا لم يحدث هذا، فمن المؤكد أن روسيا والصين ستكونان الفائزتين».
وقالت: «تراجع شبكات التحالف التى تقودها الولايات المتحدة قد يؤدى إلى انتشار الأسلحة النووية، حيث ترى الدول التى ظلت تحت المظلة الأمريكية لفترة طويلة أنه من الحكمة أن تتطلع إلى الدفاع عن نفسها بشكل فردى على المدى الطويل».
وبالنسبة لأوكرانيا، أوضحت «فاينانشيال تايمز» أن حالة عدم اليقين باتت فى أعلى معدلاتها بشكل خاص، حيث أصر «ترامب» على أنه سينهى الحرب مع روسيا، غير أن هذا الأمر قد يكون وفقًا لشروط موسكو، والخوف الأعظم بالنسبة لكييف و«الناتو» هو أن يبرم «ترامب» صفقة متسرعة تترك أوكرانيا دون ضمانات أمنية وتتسبب فى انقسامها.