لدولة إستونيا تجربة رائدة فى التحول الرقمى، وتوصف بأنها أكثر المجتمعات الرقمية تطورًا فى العالم. وخلال زيارته الرسمية الأولى لمصر، على المستوى الثنائى، أكد الرئيس الإستونى آلار كاريس اهتمام بلاده بتعزيز العلاقات بين البلدين، وقال إن هدفه الأساسى من هذه الزيارة هو خلق المزيد من فرص التعاون، خاصة فى مجالات النقل والطاقة والدفاع والصحة والتكنولوجيا والتعدين والخدمات الرقمية و... و... وبناء علاقات تعليمية قوية بين جامعات إستونيا والجامعات المصرية.
استقلت إستونيا عن الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن الماضى، وانضمت لحلف شمال الأطلسى، الناتو، فى مارس ٢٠٠٤، ثم للاتحاد الأوروبى، فى مايو التالى، وفى يوليو الماضى، استقالت رئيسة وزرائها، كاجا كالاس، استعدادًا لتولى منصب «الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية» للاتحاد، فى أول ديسمبر المقبل، خلفًا لجوزيب بوريل. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن الدولة الصديقة تدعم باستمرار الملفات ذات الأولوية بالنسبة للدولة المصرية، داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبى، وهو ما أشاد به الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مباحثاته مع نظيره الإستونى، معربًا عن تطلعه إلى تعزيز أواصر التعاون بين البلدين الصديقين، واستمرار تبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية.
زار رئيس إستونيا القاهرة، أمس الأول، الأربعاء، واستقبله الرئيس السيسى، فى قصر الاتحادية، وتوافقت رؤى الرئيسين بشأن أهمية تكثيف العمل المشترك، وتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، و... و... وأكدا أهمية الحفاظ على دورية انعقاد جولات المشاورات السياسية والزيارات الفنية بين البلدين، لإعطاء الدفعة اللازمة لتعزيز وتعميق العلاقات، وبحث مجالات التعاون المتعددة. كما تناول الرئيسان، أيضًا، سبل تعزيز التعاون الثلاثى، فى قارة إفريقيا، بما يحقق المصلحة المشتركة لكل الأطراف، واتفقا على تبادل الخبرات فى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتهريب المهاجرين غير الشرعيين.
المباحثات، فى مجملها، عكست حرص البلدين على تعزيز علاقاتهما خلال الفترة المقبلة واستثمار كل الفرص الممكنة، لبلوغ آفاق أرحب من التعاون. وهو ما عكسه، أيضًا، حرص الرئيس كاريس على اصطحاب وفد من رجال الأعمال والمستثمرين الإستونيين، لاستشراف فرص التعاون، خاصة فى مجالات الطاقة والتعدين والتعليم والصناعات الغذائية، أسوة بالتعاون المتنامى فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمى، الذى تحظى فيه إستونيا، كما أشرنا، بخبرات متميزة وتجربة رائدة.
القضايا الإقليمية والملفات الدولية كانت حاضرة، بقوة، خلال المباحثات، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، التى تعتبرها مصر صلب قضايا المنطقة. ومن هذا المنطلق، استعرض الرئيس السيسى الجهود المصرية الحثيثة، لوقف التصعيد الإسرائيلى، المتواصل وغير المبرر، فى قطاع غزة ولبنان، واتساع نطاق الهجمات الإسرائيلية، لتشمل اليمن وسوريا، مؤكدًا أهمية تضافر الجهود الدولية، للتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، ومنع انزلاق المنطقة لحرب إقليمية واسعة النطاق. كما شدّد على أهمية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، باعتبارها حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار فى المنطقة.
فى هذا السياق، ثمّن الرئيس الإستونى الجهود المصرية من أجل إحلال السلام فى منطقة الشرق الأوسط، محذرًا من أن الصراعات المستمرة لها تداعيات خطيرة، وتؤثر على حياة الشعوب. كما أكد أن بلاده تقدر دور مصر، كوسيط وصانع للسلام، فى القضية الفلسطينية، لافتًا إلى أن إستونيا تدعم حل الدولتين، وتراه الحل الوحيد لتحقيق السلام الدائم. ومع ملفى الأمن الغذائى وأمن الطاقة، ناقش الرئيسان أزمات ليبيا، وسوريا، والسودان، واليمن، وأمن البحر الأحمر، والأزمة الأوكرانية، وتوافقا على أهمية تكثيف الجهود الدولية، للتعامل مع هذه الأزمات، وضرورة التوصل إلى حلول سلمية لها، وترسيخ السلام والاستقرار.
.. وتبقى الإشارة إلى أن رئيس جمهورية إستونيا ثمّن دور مصر كشريك أساسى للاتحاد الأوروبى وحلف الناتو، مؤكدًا أن هذه الشراكة أساس جيد للتعاون فى الاقتصاد والأمن ودعم استقرار المنطقة. ومن القاهرة، دعا الرئيس كاريس المجتمع الدولى للانضمام إلى بلاده فى جهودها لحل الأزمة الروسية الأوكرانية، معربًا عن تقديره لجهود مصر من أجل التوصل إلى صيغة سلمية لحل تلك الأزمة.