أفادت وسائل إعلام سودانية أن سكان المناطق شمال الخرطوم بحري، التي لا تزال خارج سيطرة الجيش السوداني، يعانون من أوضاع مأساوية، في ظل تجدد العنف الذي تمارسه ميليشيات الدعم السريع، وانتشار نقص حاد في المواد الغذائية وتفشي أمراض قاتلة.
ميليشيات الدعم السريع عادت إلى ضاحية حلفايا
ونقلت صحيفة "سودان تريبيون" عن مصادر محلية، طلبت عدم الكشف عن هويتها خشية الانتقام، أن ميليشيات الدعم السريع عادت إلى ضاحية حلفايا، حيث يقومون بعمليات تفتيش واسعة من منزل إلى آخر، ويعتقلون المدنيين ويعتدون عليهم تعسفيًا بزعم تعاونهم مع الجيش.
ورغم إعلان الجيش السوداني في أواخر سبتمبر أنه سيطر على حلفايا والمناطق المحيطة بها مثل كادرو والزرقاب، إلا أن ميليشيات الدعم السريع نشرت لاحقًا مقاطع فيديو تؤكد استمرار وجودها في جنوب حلفايا، المحاذية لحي شمبات.
حصار على جنوب حلفايا وحي السامراب
وقامت الميليشيات بفرض حصار على جنوب حلفايا وحي السامراب، مما أدى إلى قطع الإمدادات الغذائية وتفاقم حالة الجوع، فضلاً عن انتشار سريع لحمى غامضة، أودت بحياة العديد، بما في ذلك أسرة كاملة في السامراب.
وأشار أحد سكان السامراب إلى أن "الناس هنا يموتون بسبب الحمى، لا يوجد دواء، ولا توجد وسيلة للحصول على المساعدة"، وفي الوقت ذاته، أعادت ميليشيات الدعم السريع إنشاء نقاط تفتيش في شمبات، مما قيد حركة السكان بشكل كبير، حيث أصبح من الصعب عليهم الوصول إلى السوق المركزي لشراء الغذاء أو عبور جسر حلفايا إلى أم درمان، مما دفعهم للاعتماد على المساعدات من المطابخ المجتمعية، وسط مخاوف من الوقوع في مرمى النيران بينما يحاول الجيش التقدم جنوبًا.
أقرّ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، تمديد مهمة بعثة تقصي الحقائق الدولية المعنية بالتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في السودان حتى أكتوبر 2025. هذا القرار جاء بعد أسابيع قليلة من إصدار اللجنة تقريرًا يدين انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، داعيًا إلى تدخل دولي عاجل لحماية المدنيين ووقف إطلاق النار بشكل فوري.
إدانة الانتهاكات والدعوة لتدخل دولي
في تقريرها الأخير، أدانت بعثة تقصي الحقائق الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها طرفا الصراع - الجيش وقوات الدعم السريع - مشيرة إلى أن المدنيين في السودان هم الأكثر تضررًا من هذه الحرب المدمرة. دعا التقرير المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز حماية المدنيين ومنع وقوع المزيد من الجرائم، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب.
وأكدت اللجنة على أهمية تدخل الأطراف الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لضمان حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة. كما شددت على ضرورة وقف الانتهاكات وضمان وقف إطلاق النار بشكل كامل.
ردود فعل متباينة من الأطراف السودانية
قوبل تقرير اللجنة بردود فعل متباينة من الأطراف السودانية. فقد هاجمت وزارة الخارجية السودانية التوصيات، واعتبرت أن اللجنة تتصرف بدوافع سياسية وليست قانونية، رافضةً بشكل قاطع ما ورد في التقرير. وفي الوقت ذاته، أعربت قوات الدعم السريع عن استعدادها للتعاون مع اللجنة ودعت أعضاءها إلى زيارة المناطق التي تسيطر عليها لمراقبة الوضع عن كثب.
انتهاكات حقوق الإنسان وأوضاع إنسانية متدهورة
يتركز عمل بعثة تقصي الحقائق على رصد انتهاكات حقوق الإنسان والتحقيق فيها، مع التركيز على تقديم تقارير موثوقة وشفافة تساهم في إنهاء الإفلات من العقاب. ووفقًا لما ذكره نزار عبدالقادر صالح، مدير معهد حقوق الإنسان بجنيف، فإن اللجنة تسعى لتحقيق العدالة من خلال محاسبة مرتكبي الانتهاكات وحماية المدنيين.