انتبه ألبير كامو، مبكرًا إلى عبثية الحياة، وغاص في جدوها وقضايا الإنسان التي تؤرقه ما بين البحث عن المعنى وترقب الموت، ويحل اليوم الموافق 7 نوفمبر، ذكرى ميلاد ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي، جزائري الأصل، عام 1913.
وبهذه المناسبة، نستعرض في التقرير التالي، فلسفة ألبير كامو في الحياة:
طفولة قاسية
ولد كامو، في قرية موندوفي الجزائرية، لأب فرنسي وأم جزائرية، ونشأ في حي فقير من أحياء الطبقة العاملة في الجزائر، وكان كامو يعاني من مرض السل الذي أثر على صحته بشكل خطير في طفولته، وكان تفكيره المستمر في اقتراب الموت له أثرًا كبيرًا على حياته ويدفعه نحو الفلسفة.
وكان كامو من أتباع الفلسفة الوجودية وحدد لنفسه مكانة خاصة في هذه الحركة الفلسفية، حيث تميزت أعماله بالتشاؤم الاجتماعي، وكان موضوع الكثير من أعماله مكرسًا لأفكار مثل الانتحار والقتل والاضطرابات، وغيره.
عبثية الوجود البشري في أعمال كامو
لا يعتبر كامو نفسه فيلسوفًا، ومع ذلك دخلت أعماله في إطار الفلسفة التشاؤمية حول عبثية الوجود البشري، ففي أعماله، يُعرف الوجود البشري باعتباره محدودًا بإطار الوجود الأرضي.
وألبير كامو كان كاتبًا وفيلسوفًا وصحفيًا فرنسيًا، ومن أشهر أعماله روايات، الغريب، وأسطورة سيزيف، والمتمرد، وحصل كامو على جائزة نوبل في الأدب عام 1957.
غريب ألبير كامو
في عام 1935، نشر كامو أول رواية له بعنوان "الغريب"، وتحكي الرواية قصة رجل جزائري يُدعى مورسو يقتل رجلًا دون سبب واضح، وأحدثت الرواية ضجة كبيرة وجعلت من كامو شخصية مشهورة بين عشية وضحاها.
واستمر كامو في الكتابة عن الحالة الإنسانية، وفي عام 1957، حصل على جائزة نوبل في الأدب، وتوفي كامو في حادث سيارة عام 1960، تاركًا إرثًا كبيرًا من الاعمال الأدبية.
ما معني الحياة عند ألبير كامو؟
ما معنى الحياة؟ لماذا نحن هنا؟ ما الهدف من كل هذا؟ هذه أسئلة طرحت منذ فجر التاريخ، ولكن لم يتمكن أحد من تقديم إجابة مرضية عنها، ولكن يرى كامو أن السبب في ذلك هو أنه "لا معنى للحياة"، وهي وجهة نظر رأها الكثير من النقاد والقرأ "عبثية"، ولكن يؤكد كامو أن هذا هو الاستنتاج المنطقي الوحيد الذي يمكن للمرء أن يتوصل إليه عند النظر في الأدلة من حوله.
ويبدأ كامو بمعالجة وجهة نظره في الحياة بشكل أكثر علمية، فيرى أنه إذا نظرنا إلى الكون، فسوف نجد أنه مكان غير مبالٍ ولا هدف له، فالنجوم لا تهتم بنا، فنحن مجرد نقطة صغيرة في المخطط الأكبر للأشياء في الكون، وهذا هو الدليل الأول الذي يقود كامو إلى الاستنتاج بأن الحياة لا معنى لها.
لا معنى للحياة عند ألبير كامو
يتناول كامو في الكثير من أعماله، نقده لفكرة خلق معنى خاص بنا في الحياة، وهو النهج الذي يتبناه كثير من الناس، لكن كامو يزعم أن هذا النهج غير مجدٍ في نهاية المطاف، فمهما كان المعنى الذي نضفيه على حياتنا فسوف يستند إلى تفضيلاتنا وآرائنا الذاتية، وبما أنه لا يوجد أساس موضوعي لهذه التفضيلات، فإنها في نهاية المطاف عبثية، فهو صاحب مقولة: "أصرخ قائلًا إنني لا أؤمن بشيء.. وأن كل شيء عبث".
كما كتب كامو الكثير عن "الموت" ويرى أن قضية "الموت" هي أمر لابد وأن نتعامل معه إذا كنا راغبين في فهم معنى الحياة الحقيقية، وهو يعتقد أن مواجهة حقيقة الموت من شأنها أن تساعدنا على تقدير قيمة الحياة.
فقال كامو: "إن البشر لا يقتنعون بأسبابك وصدقك وجدية عذابك إلا حين تموت، وما دمت حيًا فإن قضيتك مغمورة في الشك، وليس لك أي حق إلا في الحصول على شكوكهم".