قال عدد من الخبراء الاقتصاديين إن زيارة وفد صندوق النقد الدولى إلى مصر، حاليًا، تعكس مدى التزام الصندوق بدعم الاقتصاد المصرى، مشيرين إلى أن اجتماعات المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، التى تبدأ اليوم، بين مسئولى الملف بوزارة المالية والبنك المركزى وفريق صندوق النقد، تعزز الثقة فى قدرة البلاد على تحقيق استقرار ونمو مستدامين، فى ظل التحديات الراهنة. وأوضح الخبراء، خلال حديثهم لـ«الدستور»، أن المراجعة الحالية تعد فرصة مهمة لمتابعة التقدم المحرز فى إصلاحات الاقتصاد المصرى، الذى يسعى للتعافى من تداعيات الأزمات الإقليمية والعالمية، ما يسهم فى تعزيز الاستقرار المالى والنقدى، ويشجع على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
التركيز على خفض التضخم وزيادة برامج الحماية الاجتماعية
أشاد الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، بزيارة مديرة صندوق النقد الدولى، كريستالينا جورجييفا، إلى مصر، موضحًا أن الزيارة تحمل دلالات إيجابية لمستقبل الاقتصاد المصرى، ويمكن أن تمثل نقطة انطلاق جديدة نحو تحقيق التنمية ودفع عجلة النمو الاقتصادى إلى الأمام.
وأشار إلى أن الزيارة تعكس التزام الصندوق بدعم مساعى الحكومة المصرية فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى، وتعرز الثقة لدى المستثمرين المحليين والدوليين، خاصة بعدما أثنت مديرة الصندوق على الخطوات التى اتخذتها مصر لتعزيز النمو وخلق فرص العمل، مما يشير إلى نجاح السياسات الاقتصادية الحالية.
واعتبر أن الزيارة تمثل فرصة لمناقشة الخطوات المستقبلية لتعزيز التعاون بين مصر وصندوق النقد، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية العالمية، مؤكدًا أن استكمال البرنامج الإصلاحى بالتعاون مع الصندوق سيؤدى إلى نتائج إيجابية، خاصة أنه يعكس مدى مرونة الاقتصاد المصرى وقدرته على التكيف مع الأزمات.
ودعا «الإدريسى» إلى التركيز على تحقيق نتائج ملموسة من المراجعة الحالية، بما يسهم فى تخفيض معدلات التضخم ودعم برامج الحماية الاجتماعية، مشيرًا إلى أهمية استغلال الفرصة لدعم تحقيق نمو اقتصادى مستدام ومواجهة الضغوط الناتجة عن الأزمات العالمية.
توقعات بتأجيل ترشيد دعم المحروقات
توقعت سهر الدماطى، الخبيرة المصرفية، أن يوافق صندوق النقد الدولى على تأجيل بعض شروطه خلال المراجعة الرابعة، وأحد أهم هذه الشروط هو تأجيل ترشيد الدعم عن المحروقات، وذلك تفهمًا من الصندوق للظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر، ومن شأن هذا التأجيل أن يعزز الثقة فى قدرة الحكومة على معالجة التحديات الحالية دون تحميل المواطنين أعباءً إضافية فى هذه المرحلة الحساسة.
خطوات لتعزيز الاستثمارات الأجنبية
أعرب الدكتور أحمد معطى، الخبير الاقتصادى، عن تفاؤله البالغ بزيارة مديرة صندوق النقد الدولى، كريستالينا جورجييفا، مصر، موضحًا أنها تمثل خطوة مهمة فى تعزيز الثقة بين الحكومة المصرية والصندوق.
وقال: «وجود دعم من المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد، يعكس التزام الحكومة بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة لتعزيز الاستقرار المالى والنمو».
وأضاف: «التصريحات الإيجابية التى أدلت بها مديرة الصندوق بشأن التقدم المحرز فى الاقتصاد المصرى، رغم التحديات الإقليمية، تبعث رسالة قوية للمستثمرين المحليين والدوليين»، مؤكدًا أن المراجعة الرابعة للبرنامج ستتيح لمصر فرصة جديدة لتعزيز برامج الحماية الاجتماعية والحد من التضخم، مما يسهم فى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين. وتابع: «هذه الزيارة تمثل علامة فارقة فى جهود مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق التنمية المستدامة»، معربًا عن أمله فى تحقيق نتائج إيجابية من المراجعة المقبلة.
استجابة من الصندوق لمطالب الرئيس
رأى الدكتور فتحى السيد، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بنها، أن هناك استجابة سريعة من صندوق النقد الدولى لمطالب الرئيس السيسى بتخفيف الأعباء عن المواطنين وتمديد تنفيذ البرنامج مع الصندوق ومراجعة التقديرات بشأن سعر الصرف وتخفيض دعم الطاقة والمحروقات، كما من المتوقع بحث زيادة مساهمة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى.
وأضاف أن أبرز المطالب المتوقعة مد أجل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لفترة إضافية فى ظل التوترات الجيوسياسية بالمنطقة والحروب التى أدت إلى أزمات اقتصادية عالمية، منها رفع أسعار الطاقة ومشكلات فى خطوط الملاحة والشحن والتوريد، ما أدى إلى التأثير السلبى على إيرادات قناة السويس.
وأشار إلى أن هناك ثلاثة مطالب عاجلة هى تأجيل رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء، وزيادة فاعلية القطاع الخاص، وتطبيق سعر صرف عادل ومرن للدولار.
مناقشات حول تخفيف أو تأجيل بعض «الالتزامات»
أكد الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، أهمية زيارة مديرة صندوق النقد الدولى إلى مصر بهدف مراجعة الوضع الاقتصادى المصرى ومناقشة اشتراطات برنامج الإصلاح الاقتصادى المتفق عليه، خاصة بعدما أعلنت مديرة الصندوق، منذ أيام، أنها منفتحة على تعديل البرنامج، بما يراعى الظروف الدولية الإقليمية.
وقال: «مراجعة شروط برنامج الصندوق تعنى تعديل بعض الشروط التى كانت سببًا فى رفع معدلات التضخم، ومنها رفع الدعم عن السولار والبنزين».
وأوضح أن إجراءات وشروط الصندوق تضمنت تخارج الدولة من الأصول لصالح القطاع الخاص، مع ترشيد الدعم على المحروقات، ووضع سعر صرف مرن للدولار، مضيفًا: «هذا ما قام بتنفيذه البنك المركزى منذ مارس الماضى، وتسعى الحكومة لتطبيق بقية برنامج الإصلاح الاقتصادى تدريجيًا».
واستطرد: «بعد التأثيرات السلبية على مصر نتيجة التوترات الجيوسياسية وتصاعد الصراع بالشرق الأوسط، تراجع إيراد قناة السويس، وزادت مشكلات نقص سلاسل الإمداد، لذا فمن حق مصر مراجعة برنامج الصندوق، خاصة أن هذه التأثيرات السلبية خارجة عن إرادة الدولة المصرية».
وتابع: «من حق مصر تقديم طلب بمراجعة بعض الإجراءات والشروط، من أجل تخفيفها أو تأجيلها، وليس إلغاءها، وسيوافق الصندوق على طلبات مصر، خاصة بعد رفع تصنيف مصر الائتمانى من قبل وكالة (فيتش)، وسيقوم بتأجيل بعض الشروط أو تخفيفها، لأنه يتفهم الأوضاع الاقتصادية والسياسية التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط وتأثيرها على مصر، والذى قد يؤثر على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها».
ونوه «غراب» إلى أن مصر تواجه تحديات عديدة نتيجة التطورات الجيوسياسية حولها، والتى أثرت على الوضع الاقتصادى، منها ارتفاع سعر السلع ومعدل التضخم العالمى، موضحًا أن «هذا ما جعل الحكومة تطالب بتعديل شروط وإجراءات الصندوق، لضمان استقرار الأوضاع».
تقييم التقدم المتحقق حتى الآن
أبدى الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، تفاؤله بشأن بدء المراجعة الرابعة لبعثة صندوق النقد الدولى، موضحًا أن هذه المراجعة تمثل فرصة مهمة لتقييم التقدم المحرز فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبعه مصر.
وأشار إلى أن المراجعة تأتى فى وقت يتطلب فيه الاقتصاد المصرى تعزيز الثقة وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصةً فى ظل التحديات الإقليمية والدولية الحالية، لافتًا إلى أهمية التعاون المستمر مع صندوق النقد، الذى يعد مؤشرًا إيجابيًا على استقرار السياسات المالية نقابة المحامينوالنقدية فى مصر.
وأضاف: «نتائج هذه المراجعة يمكن أن تؤدى إلى تدفقات مالية إضافية من الصندوق، مما يسهم فى دعم جهود الحكومة لتخفيف الضغوط الاقتصادية على المواطنين وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية»، داعيًا إلى الالتزام بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة لتعزيز النمو وتحسين بيئة الأعمال، مما يزيد من قدرة الاقتصاد المصرى على التكيف مع المتغيرات العالمية.
الحفاظ على سعر صرف مرن مع مراعاة الظروف الاستثنائية
أكد محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، أن هناك دلائل قوية على وجود حسن نوايا ورغبة حقيقية فى تعزيز التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولى، مشيرًا إلى أن هذا تجلى فى تصريحات مديرة صندوق النقد الدولى خلال زيارتها مصر، مما يجعلنا نتوقع نجاح المراجعة الرابعة وصرف الشريحة المالية المقررة لمصر بقيمة ١.٣ مليار دولار.
ورجح الخبير المصرفى أن تركز هذه المراجعة على تطوير برنامج الصندوق، مع الحفاظ على ثوابت الاتفاق مثل سعر صرف مرن للجنيه المصرى واستمرار إعادة هيكلة الدعم وتمكين القطاع الخاص وزيادة مساهمته فى النشاط الاقتصادى، متوقعًا أن يُظهر صندوق النقد تفهمه للظروف الاستثنائية التى تواجهها مصر فى ظل التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، ما قد يؤدى إلى منح وقت إضافى لتطبيق الإجراءات التى قد تثقل كاهل المواطنين.
وتوقع أن تربط الحكومة هذه الإجراءات بحزم جديدة للحماية الاجتماعية، مما يضمن تخفيف الأعباء عن المواطنين ومد أجل تنفيذ إعادة الهيكلة من ٣ إلى ٥ سنوات أو الحصول على عام إضافى لتنفيذ اشتراطات الصندوق، لحين انتهاء التوترات الجيوسياسية بالمنطقة والحرب على غزة ولبنان، مرجحًا إمكانية زيادة قيمة تمويل الصندوق للبرنامج المصرى فى مراحل لاحقة، ما سيسهم فى تعزيز الاستقرار المالى ودعم الاقتصاد فى هذه الأوقات الصعبة.