عانت الزراعة في قطاع غزة تداعيات الحرب المستمرة لأكثر من عام، حيث فقد المزارعون الأراضي والمعدات وأحيانًا حياتهم.
وحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”، الأمريكية، كان المزارعون في غزة يزرعون الباذنجان والفلفل والطماطم في قطع أراض صغيرة محصورة بين التوسع الحضري للقطاع وأبراج المراقبة على الجدار الحدودي الإسرائيلي.
معدات ومزارعون تحت خط النار
وبعد أكثر من عام على حرب الغزة، أصبحت المزارع في خراب، حيث تضررت حقولهم من دبابات الجيش الإسرائيلي وحركة الجنود، ودُمرت معداتهم، وقُتل العديد من المزارعين.
وفي بيت لاهيا، المنطقة التي كانت ذات يوم خضراء نسبياً في شمال غزة، قام يوسف صقر، البالغ من العمر 24 عامًا، بتفقد الأرض التي كانت تضم دفيئات ومعدات ري، وأوضح: "كل ذلك قد زال الآن.. دمرت الدبابات كل شيء".
وتابع: "كنا نستخدم الآلات والجرارات، والآن عدنا لحفر الأرض بالفئوس والشوكة والمعاول.. عدنا إلى الطرق القديمة للقيام بكل شيء".
غزة لم تكن يومًا كافية من حيث الأراضي الزراعية لتغذية سكانها البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، الذين يعيشون في منطقة ذات كثافة سكانية عالية وحضرية للغاية.
كانت معظم إمدادات الغذاء في غزة قبل الحرب تُدخل عبر وكالات الإغاثة، نتيجة للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع بهدف إضعاف حماس.
على الرغم من ذلك، كانت الزراعة وصيد الأسماك جزءًا مهمًا من الاقتصاد، حيث توفر فرص العمل، وبعض الإيرادات من الصادرات، والطعام للسكان.
والآن، ومع فرض الاحتلال قيودًا صارمة على المساعدات إلى غزة، يقترب القطاع من المجاعة.
وحذر فريق من الخبراء المدعومين من الأمم المتحدة، التقييم المرحلي للأمن الغذائي المتكامل، من هذا الخطر في غزة منذ نحو عام.
وفي الشهر الماضي، أفاد الفريق بأن معظم سكان القطاع يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، داعياً إسرائيل لضمان "الوصول غير المعاق" للمساعدات، وكذلك لاستعادة إنتاج الغذاء.
السكان يواجهون خطر المجاعة
قال عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة: "لا أعلم أي مكان على هذا الكوكب مرّ بمثل هذا الوضع على هذا النطاق، مشيرًا إلى أن السكان في القطاع يواجهون خطر المجاعة.
وأضاف: لقد نظمت إسرائيل دخول جميع البضائع بشدة وقيّدت استيراد ما تسميه "المواد ذات الاستخدام المزدوج"- المنتجات والمواد المدنية التي تقول إنها قد تستخدم أيضًا لأغراض عسكرية.
وردًا على أسئلة حول هذا المقال، قالت قوات الاحتلال "إنها لا تهدف إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية المدنية" و"بالتأكيد لا تستخدم المياه أو الأراضي الزراعية أو أي موارد إنسانية كسلاح في الحرب".
منذ بداية الحرب، استطاع برنامج الغذاء العالمي، في المتوسط، إدخال 20% فقط من المساعدات الغذائية اللازمة لغزة.
وفي الوقت نفسه، تم إضعاف المزارع في مايو، وجدت دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن الحرب دمرت 57% من الأراضي الزراعية في غزة، ودمرت 33% من الدفيئات، وقتلت 70% من الماشية.
تأثرت خسائر المزارعين في غزة بشكل كبير، وكان زراعة الفلفل والمحاصيل الأخرى توفر لرائد أبوأسعد، 47 عامًا، ما وصفه بـ"حياة مريحة"، حتى في ظل الحرمان الناجم عن الحصار. كان يوظف 15 شخصًا ويكسب ما يكفي لتوفير تعليم أجنبي لابنه وابنته، بالإضافة إلى منزل جميل وحديقة وسيارة ونظام طاقة شمسية.
لكن الحرب دمرت تلك الحياة، حتى في دير البلح، مسقط رأسه، المدينة المركزية في غزة التي نالت بعض الحظ في تجنب أسوأ قصف إسرائيلي.
تقدّر أبوأسعد أن جزءًا كبيرًا من أرضه أصبح غير قابل للاستخدام، وأصبح ما تبقى مكلفًا للغاية للزراعة. كان يدفع حوالي 1700 دولار لكل فدان للأغطية لدفيئاته، لكن السعر ارتفع إلى أكثر من 12000 دولار لأن العديد من الناس الآن يعيشون في خيام مصنوعة من الأقمشة البلاستيكية. واضطر إلى شراء مولدين جديدين لتشغيل أنظمة الري بتكلفة تقارب 8000 دولار.
قال إنه فقد حوالي 100,000 دولار منذ بداية الحرب، مشيرًا إلى أن فكرة إعادة بناء كل ما فقده أصبحت عبئًا ثقيلًا، خاصة مع عدم وجود نهاية للصراع في الأفق.
لقد جعلت القيود الأمنية الإسرائيلية في المياه الساحلية لغزة الصيد مستحيلًا منذ بداية الحرب، وفقًا للعاملين في الإغاثة والصيادين في القطاع.
وقال نزار عياش، رئيس جمعية صيادي غزة، إن 120 صيادًا على الأقل قُتلوا خلال الحرب، ووفقا للتقرير فقد"يذهب الصيادون الجائعون والقلقون الآن إلى البحر فقط للصيد بالقرب من الشاطئ. قال عياش "إنهم يخاطرون بحياتهم، لكن لا خيار آخر لديهم. لقد كانت القوات تطلق النار على أي شخص يذهب إلى البحر".