تبرز في عصر يتسم بالتحديات البيئية المتزايدة والاحتياجات المتنامية للطاقة، استراتيجية مصر للطاقة 2040 كخطوة محورية لتحويل هذه التحديات إلى فرص حقيقية للنمو، فهذه الاستراتيجية ليست مجرد خطة لتطوير القطاع، بل هي رؤية طموحة تهدف إلى تحقيق مستقبل مستدام وتعزيز أمن الطاقة من خلال تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الواردات، فضلا عن تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة، مما يعزز من قدرتها التنافسية ويجذب الاستثمارات الأجنبية.
وتسعى الدولة من خلال استراتيجية الطاقة 2040، التي تم اعتمادها مؤخرًا، إلى تحقيق تحول جذري في قطاع الطاقة، فزيادة حصة الطاقات المتجددة إلى 60% بحلول عام 2040 لا تعكس فقط التزام مصر بالاستدامة، بل تمثل أيضًا خطوة استراتيجية نحو تعزيز استقلالها الطاقي وتقليل الانبعاثات الكربونية، حيث تهدف الاستراتيجية إلى زيادة مساهمة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة، لتصل إلى 42% بحلول عام 2030 و60% بحلول عام 2040.
تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري
وتمثل استراتيجية مصر للطاقة 2040 رؤية شاملة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري بشكل كبير، حيث تشير التعديلات الأخيرة إلى عزم الحكومة على تقليص القدرات المولدة من الغاز والمازوت من 60 ألف ميجا وات حاليًا إلى 49 ألف ميجا وات بحلول عام 2040. سيساهم هذا التحول في تقليل الانبعاثات الكربونية، مما يُسهم بشكل فعال في تحسين جودة الهواء ومكافحة التغير المناخي.
وتعتبر زيادة حصة الطاقة المتجددة من الأهداف الأساسية للاستراتيجية؛ حيث من المتوقع أن تصل إجمالي القدرات المولدة من الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النووية إلى 123 ألف و400 ميجا وات بحلول عام 2040، وستشكل الطاقات الشمسية وطاقة الرياح الجزء الأكبر من هذه الزيادة، مع إضافة 64 ألف و400 ميجا وات من مصادر الطاقة المتجددة.
كما تعمل الاستراتيجية على تنويع مصادر الطاقة، من خلال الاستفادة من تقنيات حديثة مثل الضخ والتخزين، التي ستضيف 2400 ميجا وات إلى الشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى 2000 ميجا وات من الطاقة المائية، كما تعزز الاستراتيجية من دور القطاع الخاص في الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، مما يساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
ويلعب البرنامج النووي المصري، ممثلًا في محطة الضبعة النووية، دورًا حيويًا في استراتيجية الطاقة؛ إذ ستوفر المحطة قدرة إجمالية تبلغ 4800 ميجا وات من الطاقة النظيفة، مما يعزز من قدرة البلاد على تقليل الانبعاثات الكربونية ويحقق وفرًا كبيرا عبر خفض استهلاك الوقود التقليدي.
تعد استراتيجية مصر للطاقة 2040 حجر الزاوية في بناء مستقبل مستدام؛ فهي ليست مجرد خطة عمل، بل هي استثمار في مستقبل الأجيال القادمة من خلال تعزيز استخدام الطاقة المتجددة، تضمن مصر أن تكون قادرة على تلبية احتياجات الطاقة المستقبلية، مع الحفاظ على البيئة وحماية الموارد الطبيعية.
