بعد عام كامل من الفراغ والنزاعات السياسية، انتخب مجلس النواب العراقي محمود المشهداني رئيسًا له، وذلك في جلسة جرت مساء الخميس، ليحل بذلك محل الرئيس السابق محمد الحلبوسي الذي أُقيل في نوفمبر الماضي. يمثل انتخاب المشهداني تطورًا كبيرًا في المشهد السياسي العراقي، خاصة داخل البيت السني الذي شهد انقسامات عديدة حول هذا المنصب.
تفاصيل الانتخاب: فوز المشهداني في الجولة الثانية من التصويت
جاء انتخاب محمود المشهداني بعد جولة ثانية من التصويت، حيث حصل على 182 صوتًا، متفوقًا بذلك على منافسه سالم العيساوي الذي نال 42 صوتًا فقط. وقد اعتُبرت 39 ورقة اقتراع باطلة، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
ويمثل هذا الفوز للمشهداني نهاية عام من النزاع حول رئاسة البرلمان، حيث بقي المنصب شاغرًا منذ إقالة محمد الحلبوسي في نوفمبر الماضي، بعدما قررت المحكمة الاتحادية تنحيته بناءً على دعوى تزوير تقدم بها النائب ليث الدليمي، والتي اتهم فيها الحلبوسي بتزوير تاريخ استقالته.
أزمة منصب رئيس البرلمان: عام من الانقسامات والخلافات السياسية
منذ إقالة الحلبوسي، واجه مجلس النواب صعوبة في انتخاب رئيس جديد، حيث تعمقت الانقسامات داخل القوى السنية التي عجزت عن الاتفاق على مرشح موحد. وتسبب هذا الفراغ في تأخير العديد من القرارات التشريعية وتباطؤ عمل البرلمان.
خلال هذه الفترة، تولى النائب الأول لرئيس المجلس محسن المندلاوي، وهو من المكون الشيعي، إدارة جلسات البرلمان بشكل مؤقت. لكن ذلك لم يكن كافيًا لتلبية احتياجات المجلس، حيث تزايدت الدعوات من القوى السياسية المختلفة بضرورة انتخاب رئيس جديد لتفعيل دور البرلمان وتعزيز الاستقرار السياسي.
تداعيات انتخاب المشهداني على المشهد السياسي العراقي
يعتبر انتخاب محمود المشهداني خطوة مهمة لتجاوز الانقسام السني الداخلي، حيث تمكن من الحصول على دعم عدد كبير من أعضاء المجلس، مما يعكس رغبة مشتركة في إنهاء الصراع وتوحيد الصفوف. وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العراق أزمات سياسية واقتصادية تتطلب توافقًا بين الأطراف السياسية لإيجاد حلول عملية.
ويرى محللون أن المشهداني، الذي شغل منصب رئيس البرلمان في السابق، قد يكون قادرًا على بناء جسور الحوار بين الكتل السنية والشيعية والكردية داخل البرلمان، وهو ما يمكن أن يسهم في تعزيز العمل البرلماني والتوصل إلى تفاهمات حول الملفات العالقة.
الخلفية القانونية لإقالة الحلبوسي وانتخاب رئيس جديد
تعود أزمة رئاسة البرلمان إلى نوفمبر من العام الماضي، عندما أصدرت المحكمة الاتحادية قرارًا بإقالة محمد الحلبوسي بناءً على دعوى قضائية تقدم بها النائب ليث الدليمي، متهماً الحلبوسي بتزوير تاريخ استقالته من مجلس النواب. وعلى إثر هذا القرار، شهدت القوى السياسية السنية حالة من التوتر والانقسام حول آلية اختيار الرئيس الجديد، مما حال دون التوصل إلى اتفاق سريع.
وتمثل دعوة المحكمة الاتحادية لإقالة الحلبوسي سابقة قانونية في العراق، حيث شددت المحكمة على أهمية النزاهة والشفافية في العملية السياسية، ما يعكس توجهاً جديداً نحو تعزيز سلطة القضاء ودوره في الرقابة على المؤسسات الحكومية.