عطاف: “هناك تحييد وتغيب بل وحتى إقصاء لدور مجلس الأمن”

أكد وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف ان مجلس الأمن صار اليوم يسجل تتابع الأزمات دون أن يكون له أي قرار حاسم.

وجاء في كلمة عطاف التي ألقاها بمجلس الأمن الدولي خلال جلسة حول الحفاظ على السلام والامن الدوليين قال: ان هذه الأزمة تُعدُّ، في تقديرنا، الأخطر والأشد في تاريخ منظمتِنا الأممية، وذلك بالنظر لجسامةِ تجلياتها على مختلف المستويات وعلى أصعدة عدة.

كما أضاف رئيس الدبلوماسية الجزائرية نُلاحظ بكل قلق تصاعد منطق “توازن القوى” وعودة النزعة الأحادية والفردية والانطواء على الذات على حساب نهج تعددية الأطراف الذي تجسده وتكرسه منظمتُنا هذه التي بعث أصلاً لبناء وتنويع الترابطات بين أعضائها.

كما نُشاهد بكل أسف تزايد وتفاقم وتراكم الأزمات والنزاعات والحروب بشكلٍ لم يسبق له مثيلٌ في التاريخ المعاصر للعلاقات الدولية، في ظل تراجع متنامي للتقيد بمنظومة القانون الدولية واحترامها بكل مراجعها وثوابتها وضوابطها.يضيف الوزير.

بالإضافة إلى تسجيل بكل حسرة شُحَّوعُقْمَالمبادرات الدولية الرامية لحل هذه الأزمات والنزاعات والحروب في ظلالإضعافاللافت لمنظمتنا الأممية في المشهد الدبلوماسي العالمي.

إن هذه المعطيات الثلاث تُعتبرُ مؤشراتٍ ساطعة على حالة التَصدُّع التي أصابت منظومة الأمن الجماعي وما يتربص بهذه المنظومة من أخطار التلاشي والاضمحلال والاندثار.

فمجلس الأمن صاراليوم يُسجلُ تَتَابعَ الأزماتِ وَتَراكُمَها كبنودٍ قارة ودائمة على جدول أعمالِه، دون أن يكون لهُأي قرار حاسم، أو أي دور بارز، أو أي قول فصل في تحديد مَعالِمِ الحلول المنشودة وفرضِها كما يُخولُ له ذلك ميثاقُ الأمم المتحدة.

وما كان لوضعٍ كهذا، إلا أن يُشكل ضوءً أخضرَ بالنسبة لمفتعلي الأزمات والساعين لتغذيتِها وإطالةِ أمدِها، وبالنسبة لمن كانوا ولا يزالون يَرَوْنَ في الشرعية الدولية وفي ميثاق منظمتِنا الأممية حاجزاً يَحولُ أمام تحقيق أهدافِهم ومخططاتِهم.

وقد رأينا كيف شَجَّعَ هذا الوضع على استمرار حرب الإبادة الجماعية المفروضة على الفلسطينيين في قطاع غزة، دون أن يلقى الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني أي وازع وأدنى رادع للكفِّ عن ممارساته الإجرامية وانتهاكاتهاللاأخلاقية واللاإنسانية.

والحال ذاتُه بالنسبة لبقية الأزمات والصراعات التي تُرهق كاهلَ المجموعة الدولية وتُثْقل أجندةَ مجلسِنا هذا، وليس أقلُّها الحربُ المتواصلة في أوكرانيا بتداعياتها على جميع بقاع العالم، والحربُالمستعرة في السودان بحصيلتها التي تدمي القلوبَ قبل العيون،والأزمة المزمنة في ليبيا التي تجاوزت عامَها الثالثَ عَشَرْ، وما ابتلي به اليمن شر البلية من دمار وخراب وسفك الدماء على يد أبناء الوطن الواحد،وما يحدثُ في منطقة الساحل الصحراوي من تطورات واضطرابات تُغذي القلق ولا تبعثُ البتة على الارتياح، وكذا النزاعُ المستمر في آخر مستعمرة إفريقية في الصحراء الغربية.

من هذا المنظور، فإن الجزائر تدعو إلى حشد الجهود ومُضاعفَتِها من أجل إعادة الاعتبار لدور مجلس الأمن بشكل خاص ولدور مُنظمتِنا الأممية بشكل عام، وذلك عبر التركيز على خَمْسِ محاورَ رئيسية:

المحور الأول، وهو يتصل بضرورة الإسراع في تجاوز منطق الاستقطاب وتحسين مناخ العمل في مجلس الأمن، عبر فتح مجال أكبر وخلق مساحة أوسع لمجموعة الدول المُنتخَبَة (E-10). فهذه المجموعة قد أثبتت قُدرتَها على تقريب وجهاتِ النظر وَمَدِّ جسور التواصل والتفاهم بين الدول دائمة العضوية بالمجلس بهدف بلورة حلول توافقيةترضي الجميع، وتعلي راية الصالح العام،وتَخدُمُ السلم والأمن الدوليين.

المحور الثاني، وهو يتعلق بضرورة متابعةِ تنفيذ قرارات مجلس الأمن ومحاسبة الأطراف التي يَثبتُ تَحَدِّيها لهذه القرارات وتجاهُلُها لإرادة المجموعة الدولية. فالطابع الإلزامي يبقى لصيقاً بجميع قرارات مجلس الأمن، على غرار تلك التي تم تبنيها بخصوص القضية الفلسطينية، وبالتالي فإن الحرص على تفعيلها ونفاذها على أرض الواقعيظل منصلب اختصاصات مجلسِنا هذا.

المحور الثالث، وهو يهدف لتحسين التنسيق بين مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة،بخصوص المسائل المتعلقة بالسلم والأمن الدوليين. فَتحرُّكُ الجمعية العامة في مَوَاقِفِ عَجْزِ مجلسِ الأمن يَجِبُ تشجيعُه وتثمينُه لبناء علاقة تكاملية، لا تصادمية، بين هذين الجهازين الرئيسيين للأمم المتحدة.

المحور الرابع، وهو يتعلق بالمهام والمسؤوليات المنوطة بالأمين العام للأمم المتحدة بصفته المشرفَ الأول على منظمتِنا هذه والمسؤولَ الأول عن أدائها. فالأمين العام يجب أن تكون له الحريةُ الكاملة والمطلقة في المبادرة بأي مسعىً دبلوماسي يصبُّ في خدمة السلم والأمن الدوليين، ولا ينبغي بأي حالٍ من الأحوال أن تكون تحركاتُه مقيدةً بتوافق مسبقٍيستحيلُ في أغلبِ الأحيان تحقيقُه على مستوى مجلس الأمن.

أما المحور الخامس والأخير، فهو يعني ملف إصلاح مجلس الأمن، عبر دمقرطة أساليبِ عملٍه وتوسيعِ العضوية فيهعبر تركيبةٍأوسع تكونُ أكثر تمثيلاً للمجموعة الدولية في المرحلة الراهنة. والأولى ثم الأولى بالنسبة لنا في مسعىً كهذا هو تصحيح الظلم التاريخي المُسلط على قارتنا الإفريقية التي تظل الغائبَ الوحيد في فئة المقاعد الدائمة والأقلَّ تمثيلاً في فئة المقاعد غير الدائمة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق متحدث الجيش الإسرائيلي: عشرات الطائرات الإسرائيلية تشن غارات واسعة في لبنان
التالى الرئيس الأوكراني يدعو لتسليح بلاده بالقدرات الصاروخية بعيدة المدى