جدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الخميس، التأكيد على أن القوات الإسرائيلية لن تنسحب من قطاع غزة “أبدًا”، مشيرًا إلى التوجه نحو إنشاء منطقة أمنية واسعة داخل أراضي القطاع، إلى جانب الحديث عن نواة استيطانية مستقبلية في شمال غزة
وفي تصريحات اعتُبرت الأكثر وضوحًا بشأن الرؤية الاستراتيجية للحكومة تجاه المرحلة التالية من العمليات العسكرية.
منطقة أمنية داخل غزة لحماية المستوطنات
قال كاتس إن إسرائيل تعتزم الإبقاء على منطقة أمنية “مهمة” داخل القطاع، موضحًا أن هذا الإجراء يهدف — وفق رؤيته — إلى حماية البلدات الإسرائيلية المحاذية، حتى بعد الانتقال إلى ما وصفه بمرحلة تفكيك حماس وبنيتها العسكرية والتنظيمية.
وأضاف:“ستبقى منطقة ذات أهمية تُقام داخل غزة، في مواقع مسيطرة، من أجل حماية الاستيطان. هذه سياسة ثابتة، ولن نخرج من غزة .
وبذلك، يربط كاتس بين الوجود العسكري الدائم واعتبارات الأمن القومي الإسرائيلي على الحدود الجنوبية.
“نوى استيطان” في شمال القطاع.. رؤية مشروطة بالمستقبل
وفيها يتعلق بالشمال، قال كاتس إنه يرى أنه من الممكن مستقبلًا وبشكل منظّم إقامة نوى استيطانية في بعض مناطق القطاع الشمالية، لكنه شدد على أن الأمر ليس إعلانًا فوريًا عن مشروع استيطاني شامل .
وأوضح الوزير أن حديثه يتصل بـ”رؤية سياسية وأمنية بعيدة المدى”، مشيرًا إلى أن أي خطوات من هذا النوع ستكون مرتبطة بتطورات المرحلة المقبلة وما وصفه بـ“الظروف المناسبة .
رسالة سياسية موجّهة.. ونفي لاتهامات “الضم المباشر”
وأكد كاتس أن تصريحاته لا تعني — في الوقت الراهن — إعادة مشروع الاستيطان بشكل كامل داخل غزة، لكنه قال إنه يواصل التأكيد على أن “نوى الاستيطان تمثل عنصرًا مهمًا ضمن الرؤية المستقبلية”، في إشارة عُدّت بحسب مراقبين رسالة سياسية متعمدة للداخل والخارج في آن واحد.
دلالات الموقف الإسرائيلي ورؤية الصحافة الدولية
ترى تحليلات سياسية ودولية حديثة أن تصريحات كاتس تعكس تحولًا استراتيجيًا واضحًا في مقاربة الحكومة الإسرائيلية لمرحلة ما بعد العمليات العسكرية في غزة، يقوم على :
ترسيخ وجود أمني دائم داخل القطاع بدل الانسحاب الكامل
إعادة طرح فكرة المناطق العازلة بوصفها جزءًا من معادلة الردع الحدودي
إبقاء الباب مفتوحًا أمام سيناريوهات “إعادة توظيف” الأراضي عبر نوى استيطانية مستقبلية
استخدام الخطاب الأمني غطاءً لمسارات سياسية طويلة الأمد
وفي ذات السياق تشير تقارير لعدد من الصحف والمراكز البحثية الغربية إلى أن الخطاب الإسرائيلي الراهن يعكس نزعة تشدد متزايدة داخل المؤسسة الحاكمة، مع تراجع فرص طرح تسوية سياسية شاملة في المدى القريب، مقابل تعزيز سياسات السيطرة الميدانية وإعادة الهندسة الجغرافية للقطاع.
ويرى خبراء دوليون أن الإصرار على بقاء قوات إسرائيلية داخل غزة حتى بصيغة “منطقة أمنية” قد يفتح الباب أمام توترات قانونية وسياسية دولية تتعلق بوضع الأراضي الفلسطينية وحقوق السكان المدنيين، فضلًا عن تأثيره على مستقبل الاستقرار الإقليمي ومسارات أي ترتيبات سياسية لاحقة.
كما تحذّر قراءات صحفية من أن الحديث عن “نوى استيطان مستقبلية”، حتى وإن قُدم بوصفه رؤية غير فورية، قد يُنظر إليه دوليًا بوصفه إشارة إلى نوايا تغيير ديموغرافي أو جغرافي طويلة الأمد، الأمر الذي يزيد من حدة الانتقادات الدولية للحكومة الإسرائيلية ويعمّق الفجوة بينها وبين أطراف المجتمع الدولي الداعية إلى حل سياسي مستدام.
وفي المحصلة، تعكس التصريحات وفق مجمل التحليلات تصعيدًا في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، يضع مستقبل القطاع أمام سيناريوهات شديدة التعقيد، تتراوح بين الأمن الدائم والهيمنة الميدانية، مقابل انسداد متزايد في آفاق التسوية والحلول الدبلوماسية.

















0 تعليق