صدق المجلس الوزاري المصغّر، على إقامة 19 مستوطنة إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ليرتفع إجمالي عدد المستوطنات التي جرى إقرارها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة، بحسب بيان رسمي صادر عن حكومة الاحتلال.
ويأتي القرار في سياق تصعيد واضح لسياسة الاستيطان، التي تشهد تسارعًا غير مسبوق، وسط انتقادات وتحذيرات دولية من تداعياته السياسية والأمنية على مستقبل القضية الفلسطينية.
وبحسب بيان صادر عن مكتب وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، فإن الموافقة تمت بناءً على اقتراح مشترك قدمه مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، بهدف «إقرار وتنظيم» المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية المحتلة.
ووصف البيان الخطوة بأنها ذات «أهمية استراتيجية عالية»، مشيرًا إلى أن من أبرز المواقع التي شملها القرار إعادة إقامة مستوطنتي غانيم وكاديم، اللتين سبق تفكيكهما في شمال الضفة الغربية، في مؤشر على توجه إسرائيلي لإعادة رسم الخريطة الاستيطانية في المناطق التي شهدت انسحابات سابقة.
تصاعد قياسي منذ بدء الرصد الأممي
وتزامن القرار الإسرائيلي مع تقرير حديث للأمم المتحدة، كشف أن وتيرة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية بلغت خلال عام 2025 أعلى مستوياتها منذ بدء الرصد المنهجي للأمم المتحدة عام 2017.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في وثيقة رسمية وُزعت على أعضاء مجلس الأمن، أن مؤشرات الاستيطان خلال العام الجاري تخطت كل الأرقام المسجلة في السنوات الماضية، ما يعكس تحولًا نوعيًا في حجم وسرعة البناء الاستيطاني.
أرقام تكشف حجم التوسع
وأشار التقرير الأممي إلى أنه جرى خلال عام 2025 تقديم أو الموافقة أو فتح مناقصات لبناء نحو 47 ألفًا و390 وحدة سكنية استيطانية، مقارنة بنحو 26 ألفًا و170 وحدة فقط خلال عام 2024، وهو ما يمثل قفزة كبيرة مقارنة بمتوسط سنوي بلغ نحو 12 ألفًا و800 وحدة بين عامي 2017 و2022.
وتعكس هذه الأرقام، بحسب مراقبين، سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى فرض وقائع ديموغرافية وجغرافية جديدة على الأرض، في وقت تتعثر فيه أي جهود سياسية لإحياء عملية السلام.
إدانة أممية وتحذير من تقويض حل الدولتين
وفي موقف شديد اللهجة، أدان الأمين العام للأمم المتحدة التوسع الاستيطاني المستمر في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، معتبرًا أنه يشكل عاملًا رئيسيًا في تأجيج التوترات، ويمنع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم ومواردهم الطبيعية.
وشدد غوتيريس على أن هذه السياسات «تهدد بشكل مباشر إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة، ديمقراطية، مترابطة جغرافيًا، وذات سيادة كاملة»، مؤكدًا أن الاستيطان يرسخ الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وينتهك بشكل واضح القانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
دعوة لوقف فوري للنشاط الاستيطاني
وجددت الأمم المتحدة دعوتها إلى وقف «فوري وكامل» لجميع الأنشطة الاستيطانية، محذرة من أن استمرارها سيقوض أي أفق سياسي مستقبلي، ويدفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد وعدم الاستقرار.
ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه التحذيرات من أن قرارات من هذا النوع قد تشعل موجة جديدة من التوترات الميدانية في الضفة الغربية، وتضع المجتمع الدولي أمام اختبار جديد لقدرته على فرض احترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.














0 تعليق