تبدو «ساعة الحرب المؤجلة» بين إسرائيل وإيران أقرب إلى الانفجار من أي وقت مضى في ظل تصاعد غير مسبوق في حدة التصريحات السياسية والعسكرية وتبادل الرسائل المباشرة وغير المباشرة بين الطرفين وتشير المؤشرات المتراكمة إلى أن أي جولة مقبلة إن وقعت قد لا تكون كسابقاتها بل ربما تتخذ طابعًا أكثر شمولًا وخطورة
في هذا السياق كشفت تقارير وتصريحات إسرائيلية وأمريكية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستعد لتقديم إحاطة شاملة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول خيارات شن هجوم جديد يستهدف البرنامج النووي الإيراني وذلك خلال لقاء مرتقب في مقر إقامة ترامب بولاية فلوريدا نهاية الشهر الجاري
وتأتي هذه التحركات في وقت يتزايد فيه القلق الإسرائيلي من تسارع وتيرة تطوير إيران لقدراتها الصاروخية ورفع مستوى تسليحها وهي خطوات تتعامل معها تل أبيب باعتبارها تهديدًا وجوديًا لا يمكن احتواؤه بالوسائل الدبلوماسية وحدها
ولم يقتصر التصعيد على المستوى السياسي بل امتد إلى المؤسسة العسكرية إذ أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير خلال مراسم رسمية أن إسرائيل ستهاجم «حيثما يلزم» في مواجهة أعدائها سواء «على الجبهات القريبة أو البعيدة» في إشارة واضحة إلى إيران
واعتبر زامير أن المواجهة مع طهران تندرج ضمن ما وصفه بـ«أطول وأعقد حرب في تاريخ إسرائيل» متهمًا النظام الإيراني بتمويل وتسليح ما سماه «حلقة الضغط» المحيطة بإسرائيل والوقوف خلف مخططات تهدف إلى تقويض أمنها ووجودها
في المقابل لم تخف طهران قلقها من احتمالات التصعيد لكنها شددت في الوقت ذاته على جاهزيتها إذ قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» إن بلاده مستعدة للتعامل مع أي هجوم أمريكي محتمل أو حتى مع عملية عسكرية أوسع نطاقًا تستهدف إيران
وأضاف أن طهران «تستبعد وقوع مثل هذا السيناريو لكنها في الوقت نفسه على أتم الاستعداد له بل وأكثر جاهزية من السابق» مشددًا على أن هذا الاستعداد «لا يعني الترحيب بحرب جديدة بل يعكس السعي الجاد لتجنبها» معتبرًا أن «أفضل وسيلة لمنع الحرب هي الاستعداد لها»
وأشار عراقجي إلى أن إيران أعادت بناء جميع المنشآت والبنى التي تضررت خلال ما وصفه بالعدوان السابق مؤكدًا أن «أي محاولة لتكرار التجربة ذاتها لن تفضي إلى نتائج مختلفة»
وفيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية أوضح أن إسرائيل شنت هجومًا على طهران قبل يومين من انعقاد الجولة السادسة من المفاوضات واصفًا ذلك الهجوم بأنه «غير قانوني» لافتًا إلى أن الولايات المتحدة انضمت لاحقًا إلى تلك العمليات
وكشف أيضًا عراقجي أنه واصل عقب الحرب التي استمرت اثني عشر يومًا التواصل مع ستيف ويتكوف وتبادل وجهات النظر معه موضحًا أن الجانب الأمريكي «كان يضغط باتجاه استئناف المفاوضات» إلا أنه رأى أن «هذا الإصرار جاء مقرونًا بنهج خاطئ تمامًا»
وفي خضم الأخبار المتداولة أشارت بعض التقارير والمزاعم الإعلامية إلى قيام إيران بدراسات أو أبحاث تتعلق بتطوير أسلحة نووية «متقدمة» وفي هذا الإطار نقلت صحيفة عبرية مزاعم تفيد بأن إيران استكشفت إمكانية تطوير سلاح نووي يعتمد على الاندماج النووي الخالص وهو ما يصنف نظريًا ضمن ما يعرف بأسلحة «الجيل الرابع»
ويشار إلى أن هذا النوع من الأسلحة لا يزال في الإطار النظري ولم يتم إنتاجه عمليًا من قبل أي دولة حتى الآن نظرًا لتعقيده التقني الكبير ومتطلباته العلمية العالية
غير أن هذه المزاعم تبقى غير مؤكدة إذ لا تستند إلى تقارير استخبارية مستقلة أو مصادر رسمية موثوقة ولا توجد حتى الآن أدلة أو تأكيدات رسمية تفيد بأن إيران نجحت في تصنيع سلاح نووي من هذا النوع أو من أي نوع آخر
في المقابل أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إرنا أن إيران لن تتجه نحو بناء قنبلة نووية التزامًا بفتوى دينية صريحة تحرم إنتاج واستخدام الأسلحة النووية مشددة على أن طهران لا تمتلك حاليًا برنامجًا نوويًا ذا طابع عسكري
وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد صرح في وقت سابق بأن الأنشطة النووية الإيرانية «سلمية بالكامل» معتبرًا أن الاتهامات بوجود مساعٍ إيرانية لتصنيع سلاح نووي «واهية» ومؤكدًا أن استخدام السلاح النووي محرم دينيًا
وبناء على المعطيات المتاحة لا يوجد حتى الآن أي تأكيد رسمي مستقل يفيد بأن إيران قامت بتصنيع سلاح نووي من «الجيل الرابع» أو أي سلاح نووي آخر فيما تشير التقديرات الدولية إلى أن طهران لم تتخذ قرارًا رسميًا بإنتاج سلاح نووي رغم التقدم الذي أحرزته في بعض جوانب برنامجها النووي
تبدو الحرب خيارًا مكلفًا لجميع الأطراف لكنه يظل حاضرًا في خلفية المشهد بفعل انعدام الثقة وتراكم الأزمات.


















0 تعليق