كشف الدكتور حسام بدراوي، المفكر السياسي، والذي شغل منصب رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب عام 2000، عن تفاصيل معركة سياسية وقانونية ضارية خاضها ضد الحكومة والبيروقراطية المصرية، انتهت بانتصاره وتدخل رئاسة الجمهورية لصالح موقفه، وتضمنت القصة كواليس مثيرة عن محاولات رشوة لعدد من النواب لتمرير مادة مثيرة للجدل في قانون حماية الملكية الفكرية.
أكاديمية المعلم
وأكد “بدراوي”، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج “كل الكلام”، المذاع على قناة “الشمس”، أنه حتى بعد إقرار "أكاديمية المعلم" وإطلاقها بشكل محترم، تم تحوير مسارها فيما بعد، كاشفًا عن القضايا المهمة التي أوكلت إليه خارج إطار التعليم، مثل قانون إنشاء مكتبة الإسكندرية و قانون حماية الملكية الفكرية، موضحًا أن أبرز نقاط الخلاف في القانون الأخير كانت متعلقة بـ"حماية الملكية الفكرية في الطب وصناعة الدواء"، وقدمت الحكومة مقترحًا ينص على أن وزير الصحة هو من يصدر براءة الاختراع المتعلقة بالدواء، وعارض رئيس اللجنة بشدة هذا المقترح بعد إجراء نحو 50 اجتماعًا مع أصحاب المصلحة وزيارة هيئات دولية (مثل هيئة ضمان الجودة في جنيف)، مشددًا على أكد أنه "لا ينفع" أن يكون وزير الصحة، وهو سلطة تنفيذية مسؤولة عن تداول الدواء وتسعيره، هو نفسه المسؤول عن إصدار براءة الاختراع، معتبرًا أن هذه المنظومة تدعو إلى الفساد بدون اتهام.
مكتب براءات الاختراع
وأوضح أنه كان يسعى لجعل مكتب براءات الاختراع في مصر هو المكتب المعتمد للمنطقة كلها، مؤكدًا أن حصول مخترع من الأردن أو العراق على براءة من وزير الصحة المصري "لا ينفع"، مشيرًا إلى أن الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء آنذاك عقد اجتماعًا مع رئيس اللجنة، للضغط عليه بحجة أهمية الدواء للمواطن، لكن رئيس اللجنة أصر على موقفه.
وكشف “بدراوي” عن قصة مثيرة تزامنت مع مناقشات القانون، وهي قصة "العلاج على نفقة الدولة" ومحاولة استخدامه للتأثير على تصويت النواب، متسائلًا: "إيه العلاج على نفقة الدولة إلا لو كنا معترفين ضمنيًا أن العلاج في الدولة مش كويس؟"
وأشار إلى أن وزير الصحة في ذلك الوقت جلب عددًا من النواب، مؤكدًا أن الوزير اقترح عليهم "العلاج على نفقة الدولة" ومنحهم صكوكًا بمبالغ مالية لتقديمها للناخبين للعلاج، بشرط أن "يعترضوا على ما تقوله اللجنة بخصوص براءة الاختراع".
نواب الصكوك
وقال “بدراوي” إن نحو 72 نائبًا ممن تلقوا الصكوك جاءوا إليه وأخبروه بما حدث، وقرر حينها التكتم على الموقف، وفي يوم مناقشة القانون، وعند الوصول إلى المادة الخلافية (المادة 18)، قام رئيس اللجنة بخطوة غير مسبوقة، حيث أوقف الميكروفون وتوجه بالحديث إلى رئيس البرلمان آنذاك، الدكتور فتحي سرور، قائلاً: "بص هناك رشوة أعطيت لعدد من النواب، أقسم بالله لو حد منهم فتح بقه لفضحكم على المنصة ومستقيل من الحزب الوطني ومن البرلمان"، فأعلن الدكتور سرور، وبذكاء شديد، على الفور: "يوجد خلاف بين رئيس اللجنة ووزير الصحة، فسنؤجل المناقشة إلى نهاية القانون".
وتابع: بعد أسابيع، تلقى رئيس اللجنة اتصالًا مباشرًا من رئاسة الجمهورية، يستفسر عن سبب تعطيل قانون حماية الملكية الفكرية، وبعد أن شرح رئيس اللجنة الموقف بالكامل، جاءه الرد من رئيس الجمهورية: "أنت معاك حق"، مؤكدًا أن الرئيس مبارك حينئذ "غير وزير الصحة وشاله وجاب واحد تاني"، معتبرًا أن هذا الموقف "جزء من احترامي للرئيس مبارك، لأنه لما ده حصل عمل كده".










0 تعليق