في حوار يكشف كواليس الحياة السياسية في مطلع الألفية، روى الدكتور حسام بدراوي، المفكر السياسي، والذي شغل منصب رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب عام 2000، كيف تمكن من اختراق الحرس القديم في الحزب الوطني آنذاك، وتولى رئاسة لجنة نوعية وحساسة مثل لجنة التعليم، مسجلًا مواقف فاصلة قادته لتأسيس مفاهيم إصلاحية لا تزال حاضرة حتى اليوم.
اعتراض كمال الشاذلي
وقال “بدراوي”، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج “كل الكلام”، المذاع على قناة “الشمس”، إنه دخل مجلس الشعب عام 2000، وهو في الرابعة والأربعين من عمره، وقراره الصادم للقيادات حينئذ بالترشح لرئاسة لجنة التعليم، كاشفًا عن اعتراض قوي من المرحوم كمال الشاذلي، أحد أقطاب الحزب والبرلمان، الذي قال له صراحة: “يا دكتور متقدرش تخش البرلمان وتبقى رئيس لجنة ثاني يوم وأنت سنك صغير”.
وأشار إلى أنه رفض العرض، مؤكدًا أنه نجح بجهده وسيرشح نفسه، ومتحدياً بإسقاطه إن أرادوا، وبعد يومين، عاد كمال الشاذلي ومعه صفوت الشريف ليقترحا عليه رئاسة لجنة الصحة، وهو ما رفضه أيضًا لوجود تضارب مصالح كونه يملك مستشفى وشركة تأمين صحي.
لجنة التعليم
وأوضح “بدراوي” أنه بعد إصرار، جاء الرد الحاسم من الرئيس حسني مبارك رئيس الجمهورية في ذلك الوقت: "قال للقيادات أنتم مالكم خلوه يرشح نفسه زي ما هو عاوز"، وبذلك، أصبح رئيسًا للجنة التعليم، مؤكدًا أنه عمل في تلك الفترة مع وزيرين قويين كانا محل احترام وتقدير، وهما الدكتور حسين كامل بهاء الدين (التربية والتعليم) والدكتور مفيد شهاب (التعليم العالي)، ورغم الاختلافات الأيديولوجية مع الدكتور حسين كامل، إلا أنه أشار إلى أن الأخير كان "رجلاً له كلمته" ويلتزم بالتنفيذ حال الاتفاق.
هيئة ضمان الجودة في التعليم
وحول إنجازاته ورؤاه التي طرحها خلال هذه الفترة، لفت إلى أنه طرح فكرة تأسيس هيئة لضمان الجودة في التعليم، وهي فكرة كانت غير موجودة في الذهن الحكومي آنذاك، ونجح في إقناع المجتمع والحكومة بها، رغم أن التقييم المعتاد كان ينصب على "المادة"
وحذر من قدرة البيروقراطية المصرية والدولة العميقة على تحوير الأهداف، مشيرًا إلى أن الهيئة خرجت منقوصة من البرلمان، حيث صدرت بدون موازنة وتم اعتبارها هيئة اقتصادية، مما أبعدها عن تحقيق رؤيتها النهائية، وكان هدفه أن يرتقي المعلم في 5 درجات وظيفية مثل عضو هيئة التدريس، شريطة عمل بحث علمي أو تقييم دوري، ورغم تأسيس أكاديمية المعلم بهدف رفع مكانة المعلم، إلا أنه أشار إلى أنها أيضًا ثبت إحادتها عن طريقها فيما بعد.
قانون حماية الملكية الفكرية
وأشار “بدراوي” إلى أن دوره لم يقتصر على قضايا التعليم فقط، بل كُلّف أيضاً بملفات مهمة أخرى بطلب من رئيس المجلس، مثل قانون إنشاء مكتبة الإسكندرية و قانون حماية الملكية الفكرية، وفي هذا القانون ، نشب خلاف كبير بينه وبين الحكومة، خاصة فيما يتعلق بـ"صناعة الدواء"، وكانت الحكومة مقدمة قانون ينص على أن وزير الصحة هو من يصدر براءة الاختراع المتعلقة بصناعة الدواء، ورفض ذلك تمامًا، مؤكدًا أن وزير الصحة سلطة تنفيذية (مسؤول عن تداول وتسعير الدواء)، وإسناد براءة الاختراع إليه دعوة للفساد بدون اتهام، وكان يسعى أن يصبح مكتب براءات الاختراع المصري مكتبًا إقليميًا للمنطقة.
وشدد على أن رئيس الجمهورية في ذلك الوقت حسم الخلاف لصالحه وليس لصالح موقف الحكومة، مؤكدًا بذلك ضرورة فصل السلطات والمهام لضمان النزاهة.









0 تعليق