حفيد "أنوبيس" وروح "باستيت".. حيوانات الفراعنة تعود إلى الحياة

في زمن بعيد، عندما كانت مصر تكتظ بالحياة والنشاط، كان هناك إله يُدعى "أنوبيس"، حامي الموتى ومرافق أرواحهم إلى الحياة الأبدية، ويظهر برأس ابن آوى (كلب) وجسد إنسان، كان يحرس المقابر ويجسد قوة الموت والتحنيط، لم يكن مجرد رمز؛ بل كان روحًا متجسدة في آلهة مصر القديمة، يلعب دورًا محوريًا في طقوس التحنيط ووزن القلوب، فكان يزن قلوب الموتى بريشة الحقيقة، ليحدد مصيرهم في الآخرة.

وبعد آلاف السنين، تحت سماء أهرامات الجيزة، وفي مشهد غير مألوف، ظهر كلب بلدي، قد يكون ابنًا من أبناء أنوبيس، وهو يتسلق هرم خوفو، أحد عجائب العالم السبع، متجاوزًا قوانين الجاذبية وكأنه يعود من عالم آخر، وكانت تلك اللحظة أسطورية، حيث تحوّل ذلك الكلب الضال إلى حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، في اليومين الماضيين.

7605130254.jpg

حفيد "أنوبيس" يصعد هرم "خوفو"

ففي يوم 14 أكتوبر، رصد الطيار الشراعي أليكس لانغ، الكلب وهو يتجول بأمان فوق قمة الهرم، الذي يبلغ ارتفاعه 481 قدمًا ويقدر عمره بحوالي 4600 عام، وكأن تلك المشاهد تنقل للجميع روح الحماية والعزيمة التي يجسدها أنوبيس، حتى أن الكلب لم يكن يحاول تسلق القمة للبحث عن طعام، بل كان يبدو مستمتعًا بالمشهد، فكان ينبح على الطيور، متحديًا كل ما هو عادي.

وفي اليوم التالي، قرر المغامر مارشال موشر العودة إلى المكان ليبحث عن ذلك الكلب، وتفاجأ عندما لم يجده، فالكلب، الذي أثار الجدل حول كيفية وصوله إلى القمة، اختفى فجأة كما ظهر، لذا انطلقت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتقد البعض أنه سيتعرض للخطر، معلقين: "الكلاب لا تستطيع تسلق المرتفعات"، لكن، كما يبدو، كانت روح أنوبيس ترافقه، مشجعة إياه على الانتصار على الصعاب.

بعض التعليقات على موقع "إكس"

ومع انتقال الكاميرات بين السائحين، تذكر الجميع أهمية الكلاب في الحضارة المصرية القديمة، فقد كان الفراعنة يقدسون هذه الحيوانات، ويعتبرونها جزءًا من حياتهم اليومية، إذ كان لهم دور كبير في حماية المزارع والمنازل، ولعلنا نرى أن ذلك الكلب كان يمثل رمزًا للحرية والتحدي، يتجاوز الحدود المفروضة عليه.

صورة بالذكاء الاصطناعي
صورة بالذكاء الاصطناعي

روح "باستيت" تحرس معبد فيلة بأسوان

ولم يكن هذا الكلب هو المشهد الوحيد الذي لاح بين الآثار المصرية، ففي معبد فيلة بأسوان، كانت قصة أخرى تُروى، حيث ظهر "القط الحارس"، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من تاريخ المكان، كالأرواح التي لا تغادر، فأصبح القط جزءًا من المعبد، يجذب السياح بنظراته الثاقبة وسلوكه الواثق، كأنه يترقب زوار المعبد، وينتظر الطعام، وكأنه يقوم بدور الحارس القديم الذي كان الفراعنة يعهدون إليه بحماية الآثار.

May be an image of 5 people and the Great Sphinx of Giza
أرشيفية

باحث أثري: القطط والكلاب كانت وسائل للتواصل مع العالم الروحي عند الفراعنة

وعن مكانة القطط والكلاب عند المصريين القدماء، قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن المصريين القدماء أولوا أهمية كبيرة للحيوانات، وخاصةً القطط والكلاب، حيث اعتبروها رموزًا للآلهة ووسائل للتواصل مع العالم الروحي.

وأوضح "عامر"، في حديثه، أن القطط من أكثر الحيوانات قدسية في الثقافة المصرية القديمة، فقد صنع الفراعنة العديد من التماثيل لها، ورسموا صورها على جدران المعابد، وكانت القطة "باستت" تجسد الحب والجمال، واعتبروا موتها جريمة يعاقب عليها القانون المصري القديم، فكان المصريون يؤمنون بأن قتل القطط يجلب الشؤم، مما يعكس مدى احترامهم وتقديرهم لهذا الحيوان الأليف.

الباحث أحمد عامر
الباحث أحمد عامر

وتابع الباحث الأثري: أما الكلاب، فقد كانت تمثل الوفاء والإخلاص في نظر المصري القديم، فاعتبروها وسطاء بين البشر والآلهة بعد الموت، حيث كانت تُعتبر كرفيق وفي للإنسان، وقد حصلت على مكانة بارزة في المجتمع، مما جعلها تعكس العلاقة القوية بين الإنسان والحيوان.

وأكد أن الاكتشافات الأثرية تُظهر العديد من القطط والكلاب المحنطة، مما يبرز ارتباط المصريين القدماء بهذا العالم الروحي وعلاقتهم الحميمة بالحيوانات، فلم تكن مجرد حيوانات أليفة في تاريخ المصريين القدماء، بل كانت تجسد قيمًا روحية وثقافية عميقة، تتخطى حدود الزمن وتبقى حتى يومنا هذا رمزًا للولاء والحماية.

أرشيفية
أرشيفية

خبير سياحي: "الكلب" قادم من عصر بُناة الأهرامات

واعتبر محمد كارم، الخبير السياحي، أن تداول صور كلب يتسلق هرم خوفو يشكل دعاية مجانية للسياحة المصرية، رغم الشهرة العالمية لأهرامات الجيزة، فالكلب، الذي تسلق هرم خوفو، ليس كائنًا ضالًا كما يُشاع، بل هو من "حُماة الأهرامات" الذين يقيمون في المنطقة منذ القدم، حيث وتُعرف هذه الكلاب بسلالتها الممتدة منذ عصر بناء الأهرامات، مما يتيح لها القدرة على تسلق الهرم والنزول منه بسهولة.

الخبير محمد كارم
الخبير محمد كارم

ولفت "كارم"، في حديثه، إلى وجود قطط مقيمة في منطقة المعابد في الأقصر وأسوان، تشبه تلك المرسومة على جدران المعابد، وكذلك قطط أخرى بجوار الأهرامات، مشيرًا إلى أن هذه الحيوانات تعتمد على رعاية أهل المنطقة، رغم الظروف القاسية في المنطقة، وعلى الرغم من أن المصادر تشير إلى صعوبة السيطرة على الحيوانات الهائمة في المنطقة المفتوحة، يتم تطعيم هذه الكلاب ضد الأمراض لتأمين سلامة السياح.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق 10 مسلسلات قصيرة في رمضان 2025.. تعرف عليها
التالى ماتش الزمالك مباشر.. مشاهدة مباراة الزمالك وبيراميدز لحظة بلحظة