شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تدشين مهرجان الفسطاط الشتوي الأول لعام 2025، الذي انطلق بأمسية رائعة للموسيقار الكبير عُمر خيرت على مسرح الأرينا، بحديقة تلال الفسطاط.
وبهذه المناسبة، أدلى رئيس الوزراء بكلمة، استهلها بالترحيب بالحضور في تدشين مهرجان تلال الفسطاط الشتوي 2025، قائلًا: أرحب بكم جميعًا اليوم في حديقة تلال الفسطاط، وبمشيئة الله سنبدأ أولى الفعاليات الثقافية والترفيهية بها، وقبل أن نبدأ ونستمتع بموسيقار مصر العظيم عمر خيرت، أحكي لكم قصة هذه الحديقة، حيث تعرف هذه المنطقة باسم تلال الفسطاط، واسم "تلال الفسطاط" جاء من ثلاثة تلال أصولها كانت رماد حريق القاهرة الذي حدث في العصور الإسلامية، وذلك في أوقات تاريخية معينة يعرفها المتخصصون في التاريخ، ونقل رماد هذا الحريق إلى هذه المنطقة التي كانت مهجورة ومكونة من ثلاث تباب، وللأسف مع مرور الوقت تحولت إلى مقالب القمامة العمومية للقاهرة.
وتابع قائلًا: يعرف الجميع أن هذه الحديقة بجوار متحف الحضارة وبحيرة عين الصيرة، وهذه المنطقة كانت لسنوات قليلة جدًا سابقة منطقة للمخلفات والنفايات والحيوانات النافقة، ومياه البحيرات كانت شديدة التلوث بالمجاري والصرف الصحي، هذا إلى جانب وجود منطقتين من أكبر المناطق غير الآمنة والعشوائية في مصر، وهما منطقتا "عزبة أبوقرن"، و"بطن البقرة"، ومناطق أخرى كثيرة.
مهرجان الفسطاط الشتوي الأول.. منصة للمهرجانات والفعاليات الكبرى
شهدت منطقة الفسطاط خلال السنوات الأخيرة واحدة من أكبر عمليات التطوير العمراني في قلب القاهرة التاريخية، بعد أن كانت لسنوات منطقة مهملة تفتقر إلى الخدمات الأساسية وتحيط بها الكتل العشوائية.
اليوم، تحولت الفسطاط إلى نموذج لمدينة ذكية تجمع بين الطابع التراثي العريق والمشروعات الحديثة، لتصبح وجهة سياحية وثقافية قادرة على استضافة الفعاليات والمهرجانات العالمية.
بفضل هذه التحولات، أصبحت الفسطاط نقطة جذب للفعاليات الفنية والثقافية، إذ تُخصص مساحات واسعة لإقامة الحفلات والمهرجانات الدولية في الهواء الطلق، مستفيدة من التلال الخضراء والمسارح المفتوحة والبنية التحتية الحديثة.
وبدأت المنطقة بالفعل في استضافة فعاليات جماهيرية كبرى، ما عزز مكانتها كوجهة عالمية جديدة في قلب القاهرة.
رؤية عمرانية لإحياء التراث
جاء التطوير ضمن خطة شاملة لإحياء القاهرة التاريخية، استهدفت تحويل الفسطاط إلى مركز حضاري مفتوح يربط بين بحيرة عين الصيرة والمتحف القومي للحضارة المصرية ومحيط مسجد عمرو بن العاص.
وشملت الرؤية إزالة المظاهر العشوائية وإعادة تنظيم الشبكات المرورية وإنشاء مسارات للمشاة وربط المناطق الأثرية بمناطق الخدمة الحديثة، بما يجعل الحركة داخل المنطقة أكثر سهولة وجاذبية للزوار.
حدائق تلال الفسطاط… أكبر متنفس أخضر في قلب القاهرة
أحد أبرز عناصر التحول كان إنشاء حدائق تلال الفسطاط على مساحة تتجاوز 500 فدان لتكون أكبر حديقة مفتوحة في الشرق الأوسط، تعتمد الحديقة على تصميم بيئي حديث يضم تلالًا خضراء، بحيرات صناعية، مسارات للمشي والجري، ومناطق جلوس توفر إطلالات بانورامية على معالم القاهرة، في مقدمتها الأهرامات وقلعة صلاح الدين والمتحف الحضاري. هذا التطوير نقل المنطقة من كونها مساحات مهجورة إلى مقصد ترفيهي وثقافي للعائلات والسائحين.
إحياء الحرف والأسواق التراثية
ولتعزيز الهوية الثقافية، أعيد تطوير منطقة الحرف في الفسطاط، حيث جرى ترميم الورش القديمة وتحويلها إلى مركز يعرض الصناعات التقليدية مثل الفخار والزجاج والجلود، كما جرى تحسين البنية المحيطة بمسجد عمرو بن العاص، بما يشمل الإضاءة والممرات والساحات، ليكون جزءًا من التجربة السياحية المتكاملة داخل المنطقة.
استثمارات ذكية وتطوير عمراني مستدام
أطلقت الدولة وصندوق التنمية الحضرية، سلسلة من المشروعات العقارية والتجارية، أبرزها مشروع “فسطاط فيو”، الذي يجمع بين السكن العصري والمساحات الخدمية والترفيهية، مع إطلالات مباشرة على حدائق الفسطاط
نجحت الفسطاط التي تعد أول عواصم مصر الإسلامية — في الانتقال من منطقة خدمية مهمَلة إلى نموذج متقدم للتنمية العمرانية التي تجمع بين التاريخ والحداثة، ومع استمرار أعمال التطوير، تبدو المنطقة مرشحة لأن تصبح واحدًا من أهم المراكز الثقافية والسياحية في المنطقة العربية خلال السنوات المقبلة.













0 تعليق