منال عبداللطيف تخلع الحجاب بعد 12 عامًا.. بين حرية الاختيار وضريبة الضوء

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في زمنٍ صار فيه القرار الشخصي مادةً للاستهلاك العام، تحوّل ظهور الفنانة منال عبد اللطيف بدون حجاب بعد 12 عامًا من ارتدائه إلى قضية رأي عام تشغل مواقع التواصل الاجتماعي وتعيد طرح الأسئلة القديمة عن الحجاب، والحرية، والضوء المسلط على حياة الفنانات. 

وبين من يراها “خطوة جريئة تعبّر عن الذات”، ومن يصفها بـ“التراجع عن الالتزام”، تظل الحقيقة أن منال لم تخلع فقط غطاء الرأس، بل أزاحت الغبار عن نقاش اجتماعي متجذر لا يهدأ في مجتمع يتعامل مع المشاهير كأنهم ملكية عامة.

قرار أعادها إلى الواجهة من جديد

ظهور منال عبد اللطيف مع الإعلامي شريف باهر في افتتاح أحد المطاعم كان كافيًا ليشعل موجة من الجدل على السوشيال ميديا.

فبعد أن غابت طويلاً عن الساحة الفنية، عادت إلى الضوء من بوابة مختلفة، لتتصدر مؤشرات البحث، وتصبح صورتها - دون قصد - مرآةً لجدل متكرر حول حرية المرأة وحدود المجتمع في محاسبتها على اختياراتها الشخصية.
اللافت أن منال لم ترد على الانتقادات، واكتفت بتعليق مقتضب: «ما عنديش تعليق على حد»، في رسالة تحمل مزيجًا من الصمت المتزن والرفض للدخول في دوامة المزايدات.

منال بين “المنطلقة” و”المقيّدة”

منال لم تُخفِ يومًا صراعها الداخلي بين التزام الحجاب وحنينها إلى شخصيتها القديمة.

 ففي حوارها مع الإعلامية مروة صبري، اعترفت قائلة: «أوقات بتوحشني منال المنطلقة، وأوقات بحس إن الطرحة بتضايقني، بس دايمًا أرجع وأقول يا رب ثبّتني».
هي كلمات تكشف عن تجربة إنسانية شديدة الخصوصية، تتجاوز مجرد “خلع الحجاب” لتلامس أبعادًا أعمق: التوازن بين القناعة والإكراه، وبين ما يراه المجتمع “صوابًا” وما تشعر به النفس من رغبة في الانطلاق.

بين حرية الفرد وضغط الجمهور

المتابع للمشهد الفني يلاحظ أن كل فنانة تُقدم على خلع الحجاب تُواجَه بالعاصفة نفسها، وكأن المجتمع لم يتعلم بعد أن قرارات الزيّ ليست مؤشرًا على القيم أو الأخلاق. 

القضية في جوهرها ليست حجابًا يُرفع أو يُوضع، بل نظرة اجتماعية تُصرّ على مراقبة النساء والحكم عليهن بمعايير جاهزة.
اللافت أن منال - مثل كثيرات قبلها - لم تطلب من أحد أن يحتذي بها، ولم تُعلن تمرّدًا فكريًا أو دينيًا، بل تحدثت بصدق عن تعب شخصي، وشوق إلى “نفسها القديمة”، في لحظة صريحة تُحسَب لها لا عليها.

 

منال عبد اللطيف.. رحلة من الطفولة إلى الضوء

عرفها الجمهور طفلة في برنامج «البرلمان الصغير»، ثم لفتت الأنظار في أعمال خالدة مثل ضمير أبلة حكمت، أرابيسك، ملك روحي، وكيد النسا.

 ومع كل دور كانت تثبت أنها فنانة ذات حضور طاغٍ وملامح مصرية أصيلة.
لكن بعد قرارها ارتداء الحجاب عام 2012، انسحبت من الأضواء، واعتذرت عن أعمال عديدة، قبل أن تأتي لحظة 2025 لتعلن فيها عودتها للظهور من جديد - دون إعلان رسمي عن العودة للفن - بل بعودة رمزية إلى “منال الإنسانة”.

 

زاوية مختلفة: الحجاب ليس النهاية ولا البداية

ما فعلته منال عبد اللطيف لا يستحق الهجوم ولا التصفيق المفرط، بل الفهم. لأن الحجاب في حياة الفنانة - كما في حياة أي امرأة - تجربة شخصية تتقاطع فيها الروح والمجتمع، والقرار لا يُقاس بقطعة قماش بل بما يحمله من شجاعة وصدق مع الذات.
الدرس الحقيقي من قصة منال أن الفنانة لم تبحث عن إثارة، بل عن توازن بين ما تريده لنفسها وما ينتظره منها الناس، وهو توازن هشّ يعانيه كل من عاش تحت الضوء طويلاً.

منال عبد اللطيف لم تخلع الحجاب فقط، بل خلعت الصمت عن حق الفنانات في أن يكنّ أنفسهن دون محاكمة. 

ومهما اختلفت الآراء، يبقى القرار الشخصي ملكًا لصاحبه، لا للجمهور ولا للشبكات الاجتماعية. 

وربما تذكّرنا هذه القصة أن “الحرية الحقيقية” لا تُقاس بالملابس، بل بالقدرة على الاختيار دون خوف من العيون التي تراقب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق