في خطوة غير مسبوقة على الساحة الدولية، أعلن القضاء التركي، الجمعة، إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير، والخارجية إسرائيل كاتس، على خلفية اتهامات تتعلق بـ"ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة.
القرار أثار ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والإعلامية، بين من اعتبره "رسالة قانونية قوية من أنقرة"، ومن وصفه بـ"خطوة رمزية ذات أبعاد سياسية".
وحدة الجرائم الدولية
ووفق بيان رسمي صادر عن النيابة العامة التركية، فإن القرار جاء بناءً على تحقيقات موسعة أجرتها وحدة الجرائم الدولية، بالتعاون مع عدد من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، التي وثّقت انتهاكات مزعومة ضد المدنيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب في أكتوبر الماضي.
وأوضح البيان أن الملفات تضمنت أدلة وشهادات ميدانية وصور أقمار صناعية وتقارير طبية، تشير إلى "استهداف متعمد لمناطق سكنية ومستشفيات ومدارس" في القطاع.
وأكدت النيابة أن إصدار مذكرات التوقيف تم استناداً إلى القانون التركي الذي يجيز محاكمة المتورطين في جرائم حرب خارج الحدود الإقليمية، استناداً إلى مبدأ "الولاية القضائية العالمية".
ردود إسرائيلية غاضبة
في المقابل، وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية القرار بأنه "عدائي واستفزازي"، متهمة أنقرة بـ"تسييس القضاء" ومحاولة "كسب نقاط سياسية على حساب إسرائيل".
وقال الوزير كاتس في تغريدة على منصة "إكس" إن "القضاء التركي فقد حياده"، مضيفاً أن "بلاده لن تسمح لأي جهة بتهديد مسؤوليها أو تشويه صورة جيش الدفاع".
بينما تجاهلت الحكومة الإسرائيلية حتى الآن أي إشارة إلى إمكانية التعاون مع أنقرة في هذا الملف.
تحرك قانوني ودبلوماسي
من جانبها، أكدت وزارة العدل التركية أنها ستخاطب الإنتربول الدولي لإدراج أسماء المتهمين ضمن قائمة المطلوبين، مشيرة إلى أن الخطوة تأتي في إطار "التزام تركيا بالقانون الدولي الإنساني".
كما دعا عدد من نواب البرلمان التركي الحكومة إلى تجميد أي اتفاقيات أمنية أو تجارية مع إسرائيل حتى يتم تنفيذ مذكرات التوقيف، معتبرين أن العدالة "لا يمكن أن تكون انتقائية".
أبعاد سياسية ودبلوماسية
يرى مراقبون أن الخطوة قد تزيد من توتر العلاقات التركية الإسرائيلية، التي تشهد أصلاً حالة من الجفاء منذ بداية الحرب على غزة، رغم محاولات سابقة للتقارب.
ويرجح محللون أن أنقرة تسعى إلى تعزيز موقعها كمدافع عن القضية الفلسطينية، في ظل تراجع الموقف الدولي من الدعوات إلى وقف إطلاق النار.
ورغم صعوبة تنفيذ مذكرات التوقيف عملياً، إلا أن القرار التركي يحمل رمزية قانونية وسياسية كبرى، ويعكس تصعيداً جديداً في المواجهة الدبلوماسية مع تل أبيب.















0 تعليق