أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الأمريكية، أن مصر وقفت أمام لحظة تاريخية طال انتظارها عند افتتاح المتحف الكبير، الذى فتح أبوابه للعالم؛ ليعلن عن ولادة أيقونة حضارية جديدة على «ضفاف» هضبة الأهرامات.
وأوضحت الصحيفة أن المتحف ليس مجرد مبنى، بل وبلا مبالغة، مدينة متحفية ممتدة على مساحة نصف مليون متر مربع تتسع لأكثر من ١٠٠ ألف قطعة أثرية، وتضم تمثال رمسيس الثانى الشاهق بارتفاع ١١ مترًا كحارس أول للبوابة الرئيسية، وتتيح للزائر أن يشاهد توت عنخ آمون وجهًا لوجه لأول مرة خارج وادى الملوك.
وأكدت أن هذا المتحف العملاق يقف رمزًا لتاريخ أمة عريقة، وشهادة حية على قدرة مصر على الجمع بين عراقة الماضى وإبهار المستقبل، مطلًا على أهرامات الجيزة الخالدة فى مشهد يمزج العظمة القديمة بالبراعة الهندسية الحديثة.
بدأ الحلم فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى، عندما أدركت الدولة أن المتحف المصرى فى ميدان التحرير لم يعد قادرًا على استيعاب كنوز الأجداد.
وفى عام ٢٠٠٢، أعلنت عن مسابقة عالمية جذبت ١٥٥٠ مكتبًا هندسيًا من ٨٣ دولة، ليفوز تحالف «أيرلندى- مصرى» بتصميم يُشبه المثلث الزجاجى الذى ينبثق من رمال الصحراء، وكأنه هرم شفاف يعكس ضوء الشمس على واجهاته المائلة بزاوية ٢٩ درجة مطابقة لزاوية هرم خوفو تمامًا.
ويبدأ الزائر رحلته من البهو العظيم، حيث يقف تمثال رمسيس الثانى، الذى نُقل من ميدان رمسيس فى عملية هندسية استغرقت ١٠ ساعات، ليصبح أول ما يراه الزائر قبل أن يصعد الدرج الملكى المكون من ١٠٨ درجات، رمزًا لعدد سنوات حكم رمسيس.
وفى القاعة الرئيسية، ينتظر مركب خوفو الشمسى بطول ٤٣ مترًا، الذى أُعيد تركيبه من ١٢٠٠ قطعة خشبية بعد ٤٦ قرنًا من الغياب، ليطفو على بحيرة صناعية تعكس ضوء الشمس من خلال ٤٢ ألف متر مربع من الزجاج المقاوم للزلازل.
أما جناح توت عنخ آمون، فيمتد على ٧٢٠٠ متر مربع ويضم ٥٤٠٠ قطعة، منها ١٨٠٠ تُعرض لأول مرة، ويمكن للزائر أن يقترب من القناع الذهبى حتى ٣٠ سنتيمترًا فقط، وأن يرى التمثال الذهبى للإله آمون وهو يحمى الملك الطفل، وأن يدخل نسخة طبق الأصل من غرفة الدفن بتقنية الواقع الافتراضى ليشاهد الملك وهو يُدفن قبل ٣٣ قرنًا. وحسب الصحيفة الأمريكية، فإن تكنولوجيا المتحف لا تقل روعة عن محتوياته، حيث يشمل ٤٨ شاشة عملاقة تعرض أفلامًا ثلاثية الأبعاد عن بناء الأهرامات، و١٢٢ جهاز عرض هولوجرامى يحيى الملكات والفراعنة، وتطبيقًا ذكيًا يرافق الزائر بـ١٢ لغة ليترجم النقوش الهيروغليفية لحظيًا.
حتى المصعد الزجاجى الذى يصعد ٣٦ مترًا يتحول إلى نافذة على عصور مصر الثلاثين، حيث تتغير الجدران الرقمية من عصر الدولة القديمة إلى العصر البطلمى فى ٦٠ ثانية، ويضم المجمع ٢٨ مطعمًا ومقهى، منها مطعم على سطح المبنى يطل على الأهرامات الثلاثة مباشرة، وآخر يقدم وجبات فرعونية أعيد ابتكارها من وصفات برديات قديمة.
كما يحتوى على ١٠ قاعات سينما، ومسرح مكشوف يتسع لألفى متفرج، ومركز لترميم الآثار مفتوح للجمهور؛ ليشاهد علماء الآثار وهم يعيدون الحياة لقطعة طينية مكسورة.
وأكدت الصحيفة الأمريكية أن افتتاح المتحف يتزامن مع خطة طموحة لجذب ١٠ ملايين زائر سنويًا، مقارنة بـ٣ ملايين زاروا المتحف القديم، مشيرة إلى أن تذكرة الدخول تبدأ من ٣٠ دولارًا للأجانب وتشمل جولة رقمية، كما أُطلقت حملة «ادعُ صديقًا»، وتتيح لكل مصرى اصطحاب سائح أجنبى مجانًا خلال الشهر الأول.















0 تعليق