صفاء أبو السعود ليست مجرّد فنانة مصرية، بل هي نبض الطفولة وفرحها، الصوت الذي سكن الذاكرة، والابتسامة التي عبرت من جيل إلى جيل. بأغانيها وبرامجها، أنارت صفحات كثيرة من حياة أجيال نشأت على كلماتها الرقيقة وأنغامها المبهجة، فغدت رمزًا للبراءة ورفيقةً للعيد.
بدأت رحلتها الفنية في ستينيات القرن الماضي، بخطوات واثقة على خشبة الإذاعة والتلفزيون، حين قدمت برنامج “بابا شارو”، الذي سرعان ما تحوّل إلى علامة فارقة في عالم الطفولة. ومن خلاله، أطلقت أغنيتها الأشهر “أهلًا بالعيد”، التي باتت نشيدًا موسميًا لا يشيخ، نردّده بفرح كلما عاد العيد، وكأنّ الزمن توقف عند عتبة البهجة الأولى.
لم تكتفِ صفاء بالغناء، بل أبدعت على خشبة المسرح، حيث تألّقت إلى جانب ثلاثي أضواء المسرح في أعمال بقيت محفورة في الذاكرة، منها “موسيقى في الحي الشرقي” و”أولادنا في لندن”. أظهرت في هذه التجارب قدرة لافتة على التنقل بين أدوار متنوعة، مفعمة بالحيوية والذكاء، تجمع بين العفوية والعمق.
وفي السينما والتلفزيون، شكّلت حضورًا إنسانيًا آسرًا، شاركت في أعمال حملت قضايا المجتمع وهمومه، خاصة تلك التي تعنى بالطفل والمرأة. لم يكن أداؤها مجرد تمثيل، بل كان صوتًا لقضايا مسكوت عنها، تنقلها بروح شفافة وضمير حيّ.
مع مرور الوقت، انتقلت صفاء إلى مجال الإعلام والإدارة، وأسهمت بفعالية في تطوير شبكة ART التلفزيونية، مقدّمة برامج فنية وثقافية حافظت من خلالها على تواصلها مع جمهورها، ومُجددة حضورها دون أن تفقد هويتها الفنية الأصيلة.
على الصعيد الشخصي، واجهت محنًا مؤلمة بشجاعة وصبر، منها حادثة سرقة مجوهراتها التي تعاملت معها بثبات، ثم فقدان زوجها الشيخ صالح كامل، وهي خسارة تركت أثرًا إنسانيًا عميقًا في حياتها. ومع ذلك، ظلّت محتفظة بكرامتها وإشراقها، ماضية في رسالتها الفنية والاجتماعية.
اليوم، تُعد صفاء أبو السعود رمزًا للفن النقي، ووجهًا مشرقًا للمرأة العربية المُلهِمة. من خلال انضمامها إلى المجلس القومي للمرأة، تسهم في دعم قضايا المجتمع، وتسعى إلى ترسيخ ثقافة أرقى وأكثر وعيًا، تجعل من الفن رسالة حياة.
صفاء أبو السعود ليست مجرد فنانة، بل هي قصيدة حبّ للفن، للطفولة، وللإنسان. تحكيها ألحانها، وتجسّدها أدوارها، وتُثبتها سيرةٌ لا تزال تُضيء قلوبنا حتى اليوم.





            



0 تعليق