في مثل هذا اليوم عام 1919، وُلدت الفنانة رجاء عبده، واحدة من أبرز الأصوات النسائية التي ظهرت في أربعينيات القرن الماضي، لكنها غابت عن الأضواء في صمت رغم أنها تركت بصمة واضحة في تاريخ الغناء والسينما المصرية.
بدايات رجاء عبده.. من شبرا إلى الميكروفون
وُلدت رجاء عبده في حي شبرا بالقاهرة، وبدأت رحلتها مع الغناء وهي لم تُكمل العاشرة من عمرها، حيث كانت تغني في المحطات الأهلية والحكومية، قبل أن تعمل مطربة في الإذاعة الأهلية، إذ كانت تمتلك صوتا دافئا ومحببا جعلها محط أنظار الوسط الفني في وقت كانت فيه الساحة مليئة بأسماء كبيرة مثل أم كلثوم وأسمهان.
رشحها المخرج محمد كريم في بداياتها لبطولة فيلم "الوردة البيضاء" أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب، لكن اللقاء تأخر لصغر سنها، وبعد سنوات، جمعهما فيلم "ممنوع الحب" عام 1942، لتصبح واحدة من أبرز الوجوه النسائية في السينما الغنائية، وقد أشاد عبد الوهاب بموهبتها الصوتية وأدائها العفوي، وهو ما تجلى في أغنياتها اللاحقة.
"البوسطجية اشتكوا".. الأغنية التي أثارت الجدل
من أشهر أغانيها "البوسطجية اشتكوا" التي كتبها أبو السعود الإبياري ولحنها محمد عبد الوهاب، وقدمتها في فيلم "الحب الأول" عام 1945، وحققت الأغنية انتشارًا واسعًا، حتى أنها أصبحت علامة مميزة في مشوارها، لكن بعد ثورة يوليو عام 1952 تم منع إذاعتها، إذ كان والد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يعمل في مصلحة البريد، فخشي أن تُفهم الأغنية على أنها سخرية منه.
وازداد الجدل حين استخدمتها الإذاعات المعادية للسخرية من النظام المصري بعد العدوان الثلاثي، كما فعلت الإذاعة العراقية وقت الخلاف السياسي بين البلدين، ومع تولي أنور السادات الحكم، أعيد السماح بإذاعتها مجددًا تكريمًا للفن وأهله.
رجاء عبده.. بين المسرح والشاشة
شاركت رجاء عبده في عدد من الأوبريتات الغنائية مثل "شهرزاد"، كما أدّت دور البطولة في المسرحية الشهيرة "زوبا الكلوباتيه"، إلى جانب ظهورها في التلفزيون بمسلسل "مع حبي وتقديري".
أما في السينما، فقدمت نحو 13 فيلمًا من أبرزها: وراء الستار (1937)، ممنوع الحب (1942)، رجاء (1945)، الحب الأول (1945)، بياعة اليانصيب (1947)، ورد شاه (1948)، حبايبي كتير (1950)، كباريه الحياة (1977) – وكان آخر ظهور لها على الشاشة.
الحياة الخاصة لـ رجاء عبده
تزوجت رجاء عبده مرة واحدة من الطبيب يوسف عطية، وأنجبت منه طفلين، ولكن حياتها الزوجية لم تدم طويلًا، إذ انتهت بعد ثماني سنوات بسبب إدمان زوجها القمار، وهو ما تسبب في مشكلات وصلت إلى ساحات المحاكم.
وبعد الطلاق، ابتعدت عن الساحة الفنية لفترة طويلة، وحاولت العودة إلى الفن في الستينيات لكنها لم تحقق النجاح السابق، فقررت الابتعاد عن الأضواء نهائيًا، وعاشت ما تبقى من حياتها في عزلة شبه تامة حتى رحلت في 13 يناير 1999 عن عمر ناهز 79 عامًا، تاركة إرثًا فنيًا يجمع بين الصدق والبساطة والعذوبة.














0 تعليق