الأحد 02/نوفمبر/2025 - 05:25 م 11/2/2025 5:25:30 PM
في حدث وصف بأنه نقطة تحول خطيرة في الأزمة السودانية، تمكنت قوات الدعم السريع المتمردة، من السيطرة على مدينة الفاشر، بعد أكثر من عام من الحصار، ليصبح إقليم دارفور بالكامل، الذي يبلغ مساحته نحو 500 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة فرنسا، في حوزة الميليشيات المسلحة.
هذه التحولات الدراماتيكية، تركت آثارًا إنسانية وسياسية بعيدة المدى، فمع سقوط الفاشر بدأت مشاهد الفوضى والرعب تتجلى بوضوح، فقد تعرض المدنيون في المدينة إلى جرائم فظيعة، من بينها إعدام أكثر من 2000 مدني أعزل، فيما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مروعة تُظهر الجثث ملقاة على الأرض، في مشهد يصعب وصفه، كما أظهرت تلك المقاطع مقاتلي الدعم السريع، وهم يطاردون المدنيين، ويقتلون من تبقى على قيد الحياة.
لا يقتصر الأمر على تدهور الأوضاع الإنسانية فحسب، بل أن سقوط الفاشر يعني أيضًا انهيار وحدة السودان وتقسيمه إلى شرق يسيطر عليه الجيش وغرب يخضع لسلطة الدعم السريع، هذا الوضع يعكس انقسام البلاد إلى مناطق نفوذ متضاربة، مما يُعزز من حالة عدم الاستقرار.
تهديد الأمن القومي المصري
تعتبر السيطرة على إقليم دارفور، الذي يتاخم حدود عدة دول ويقع بالقرب من الحدود الجنوبية لمصر، ليست مجرد انتصارًا عسكريًا، بل تمثل أيضًا بوابة لثروات طبيعية ضخمة، اذ يحتوي الإقليم على موارد غنية مثل المعادن والذهب والنفط، بجانب موارد مائية جوفية هائلة، بالإضافة إلى ذلك، يتمتع بموقع استراتيجي يتيح تشكيل واقع سياسي جديد لدول الجوار.
إن ما يجري في دارفور، ليس مجرد صراع داخلي بين أطراف سودانية، بل يمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي المصري، فسيطرة "الدعم السريع" على غرب السودان ستمكنهم من التحكم في منطقة المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا، وهذا يمثل تهديدًا متعدد الأبعاد لاستقرار البلاد، نظرًا لما قد يترتب على ذلك من انتشار للفوضى والإرهاب وتهريب الأسلحة، بالإضافة إلى تسلل عناصر مسلحة عبر الحدود وزيادة أعداد اللاجئين.
الأخطر من كل ذلك هو وجود ميليشيا مسلحة ممولة على الحدود المصرية، قد تعيد تشكيل التحالفات الإقليمية وفتح ملفات تهدد مصالح الدولة.
تمدد الكيان المسلح المتمرد، على حساب الجيش السوداني، لم يأتي من فراغ بل نتيجةً لدعم خارجي وتمويل كبير، حيث تشير تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية، إلى أن قوات الدعم السريع، رغم سجلها الحقوقي المروع، تتلقى مساعدات عسكرية ضخمة من إحدى الدول العربية، إذ تؤكد التقارير أنه لولا هذا الدعم الذي قدمته الدولة الشقيقة، لما تمكنت قوات الدعم السريع، من الاستيلاء على دارفور.
الأزمة في السودان، تمثل تحديًا كبيرًا لمصر، حيث أن الاستقرار في السودان يعد أحد عوامل الاستقرار في مصر، مما يتطلب يقظة دبلوماسية وإعلامية أكبر، واتخاذ مواقف رسمية قوية وحاسمة ضد كل من له دور في تمويل ودعم الفوضى في السودان، مما يعكس ضرورة استخدام كل الوسائل والأدوات اللأزمة لمنع تأسيس دولة ميليشيات معادية، على حدودنا، لديها شبكة تحالفات مع دول جوار خصوصا إثيوبيا التي تبني سدود من أجل تعطيش مصر.
إن الأوضاع المتفاقمة في السودان، تمثل قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، مما قد يغير ملامح المنطقة بأسرها.


















0 تعليق