تراجع كبريات شركات المحاماة عن مواجهة سياسات ترامب يثقل كاهل المكاتب الصغيرة

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تقرير حديث لها أن كبرى شركات المحاماة في الولايات المتحدة باتت أقل استعدادًا لمواجهة سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية، مقارنة بما كانت عليه خلال ولايته الأولى، الأمر الذي دفع المكاتب القانونية الصغيرة والمتوسطة لتحمل العبء الأكبر من المعارك القضائية ضد الإدارة الأمريكية.

ووفقًا لتحليل أجرته الصحيفة، فإن الشركات الكبرى مثّلت فقط 15% من القضايا التي طعنت في أوامر ترامب التنفيذية منذ بداية ولايته الحالية حتى منتصف سبتمبر الماضي، مقارنةً بنحو 75% خلال الفترة المماثلة من ولايته الأولى.

ويعني ذلك أن غالبية الدعاوى البالغ عددها قرابة 400 قضية تم رفعها من قبل مكاتب صغيرة ومتوسطة الحجم، في مواجهة أكثر من 200 أمر تنفيذي أصدرها ترامب خلال الأشهر الأولى من ولايته الثانية — وهو رقم يتجاوز بكثير وتيرة إصدار الأوامر في فترته الأولى.

وتشير الصحيفة إلى أن العديد من هذه القضايا تتعلق بقرارات تمس حقوق الموظفين الفيدراليين، والرعاية الصحية، والتعليم، والهجرة، وهي ملفات مثيرة للجدل منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

تقول «إيف هيل»، وهي شريكة في مكتب صغير بمدينة بالتيمور يضم نحو 20 محاميًا، إنها تتلقى يوميًا اتصالات من مواطنين تضرروا من قرارات الإدارة، وتضيف في حديثها للصحيفة: «الناس يتوسلون إلينا... يقولون إنهم سيفقدون وظائفهم ومنازلهم وربما أسرهم».

وبحسب التقرير، فإن قرابة 90% من المكاتب التي تقاضي الحكومة الآن تضم أقل من 500 محامٍ، مقابل 60% فقط خلال الفترة نفسها من الولاية الأولى لترامب. كما أن بعض هذه المكاتب لا يتجاوز عدد محاميها شخصًا واحدًا، وتعتمد بشكل متزايد على التعاون مع منظمات غير ربحية مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية.

وترى الصحيفة أن جزءًا من هذا التراجع يعود إلى الضغوط التي مارسها ترامب نفسه على كبرى الشركات القانونية، بعد أن استهدفها بأوامر تنفيذية في الربيع الماضي تحرمها من التعاقد مع الحكومة أو دخول المباني الفيدرالية، ردًا على تورط بعضها في مقاضاته أو دعم خصومه السياسيين.

وأصدرت تلك الشركات ردود فعل متباينة: أربع شركات كبرى رفعت دعاوى قضائية ضد الإدارة وربحتها حتى الآن، بينما فضّلت تسع شركات أخرى التسوية مع البيت الأبيض، في صفقات تضمنت تقديم نحو مليار دولار من الخدمات القانونية المجانية في قضايا يختارها ترامب، من بينها مساعدة المحاربين القدامى ومكافحة معاداة السامية.

غير أن «واشنطن بوست» لفتت إلى أن تلك الصفقات أثارت غضبًا واسعًا داخل أروقة الشركات نفسها، حيث أعرب عدد من المحامين الشباب عن استيائهم من خضوع إداراتهم لـ«ابتزاز سياسي»، بحسب وصفهم.

ويؤكد التقرير أن هذا المناخ من الترهيب جعل العديد من المكاتب الكبرى تتجنب الانخراط في قضايا ضد الحكومة، ما خلق فجوة كبيرة في الدعم القانوني لمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية. وذكر محامو رابطة المحامين الأمريكية أن المنظمة «واجهت صعوبة في إيجاد مكاتب كانت في السابق تتطوع لتمثيلها».

أما المكاتب الصغيرة، فتعمل اليوم في ظروف ضاغطة للغاية. تقول «كارا يانسن»، وهي مستشارة قانونية في مكتب «روزن بين جالفان وغرنفيلد» بسان فرانسيسكو، إن فريقها أمضى «أسابيع من العمل المتواصل، بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع، لإنقاذ متحولات جنسيًا محتجزات في سجون اتحادية من انتهاكات خطيرة».

في المقابل، تحذر الصحيفة من أن حكمًا أصدرته المحكمة العليا في يونيو الماضي بتقييد صلاحيات القضاة الفيدراليين في إصدار أوامر حظر وطنية ضد قرارات الحكومة سيزيد من صعوبة المواجهة القانونية، وسيفرض أعباء إضافية على هذه المكاتب الصغيرة.

من جانبه، قال «ستيفن بانكس»، المسؤول السابق في «جمعية المساعدة القانونية» في نيويورك، إن الموارد الخاصة لشركات المحاماة الكبرى «ضرورية لدعم الجهود القانونية ضد الحكومة»، مشيرًا إلى أن العمل الجماعي بين المكاتب التجارية والمنظمات الحقوقية «هو السبيل الوحيد لمضاعفة الأثر القانوني وتوسيع نطاق العدالة».

وفي ختام التقرير، خلصت واشنطن بوست إلى أن تراجع مشاركة الشركات العملاقة في القطاع القانوني الأمريكي – في قضايا الحقوق المدنية والإدارية ضد إدارة ترامب، قد يترك فراغًا خطيرًا في ميزان العدالة، ويجعل مواجهة السياسات المثيرة للجدل أكثر صعوبة في السنوات المقبلة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بسبب عادل إمام وسعاد حسني.. مديحة حمدي تتصدر التريند ما القصة؟
التالى الحمصاني: الحكومة تبحث فرصًا استثمارية جديدة في بورسعيد (فيديو)