اليونان تحيي الذكرى الـ 85 ليوم "لا".. عندما رفض اليونانيون الخضوع لقوات المحور

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يُشكل يوم 28 أكتوبر من كل عام، لحظة محورية في تاريخ اليونان، في ذلك اليوم قبل 85 عامًا، استجاب الشعب اليوناني متحدًا، لإنذار الغزاة المُحتمل بالرفض وقالوا "لا"، ورفضوا أي شكل من أشكال الخضوع، ومنذ ذلك الحي سمى بيوم "أوخي" أو يوم “لا،” وأصبح عطلة رسمية يُحتفل به في اليونان وقبرص، وكذلك يحتفل به اليونانيين حول العالم.

قصة يوم "لا"

قصة يوم "لا" بدأت بعد الساعة الثالثة صباحًا بقليل من يوم 28 أكتوبر عام 1940، عندما أرسلت الحكومة الإيطالية آنذاك إنذارًا نهائيًا إلى اليونان، عن طريق السفير الإيطالي في أثينا، إيمانويل جرازي، الذي سلم الخطاب شخصيًا إلى رئيس الوزراء اليوناني حينذاك يوانيس ميتاكساس، في منزله في كيفيسيا، حيث طلبت إيطاليا مرور الجيش الإيطالي من الحدود اليونانية الألبانية لاحتلال بعض النقاط الاستراتيجية لمملكة اليونان (الموانئ والمطارات، وما إلى ذلك)، لتلبية احتياجاتها من الإمدادات والمرافق الأخرى، في تقدمها اللاحق إلى أفريقيا.

بعد قراءة الخطاب، وجّه "ميتاكساس" نظره إلى السفير الإيطالي، ثم أجابه بالفرنسية (اللغة الدبلوماسية الرسمية) بالعبارة التاريخية: " إذن، إنها الحرب!".

رئيس الوزراء اليوناني
رئيس الوزراء اليوناني

لاحقًا وصف السفير الإيطالي "إيمانويل جرازي" المشهد في مذكراته المنشورة عام 1945 بعنوان "بداية النهاية" بأنه كان مشهدًاحزينًا وحازمًا من قبل رئيس الوزراء اليوناني.

في الأيام التالية، انتشر رد "ميتاكساس" في أرجاء أثينا وخرج الشعب اليوناني إلى الشوارع يهتف بـ "لا !"، ومنذ ذلك الحين أصبح يُحتفل به سنويًا يوم 28 أكتوبر، باعتباره يوم يُجسّد الشجاعة والتضامن والبطولة لملايين اليونانيين حول العالم، حيث شعل موقف “ميتاكساس” الثابت موجةً من الحماسة الوطنية في جميع أنحاء اليونان، وتصدرت كلمة “لا" عناوين الصحف اليونانية.

6864f49b12.jpg

موقع استراتيجي 

خطة إيطاليا لدخول اليونان حينذاك، كان بسبب الموقع الاستراتيجي لليونان، حيث أرادت قوات المحور عبر دخول اليونان احتلال جزء كبير من البحر الأبيض المتوسط ​​والمناطق المحيطة به. وينطبق هذا بشكل خاص على الجزر الجنوبية، مثل جزيرة كريت، حيث يُشكل هذا الموقع الاستراتيجي لهذه الجزيرة قاعدة عمليات ممتازة خلال أوقات الحرب.

أرادت دول المحور في الحرب العالمية الثانية ترسيخ وجودها في اليونان لتعزيز استراتيجيتها الحربية الشاملة خلال الحرب العالمية الثانية، بينما أراد بينيتو موسوليني منح اليونان فرصةً للخضوع للاحتلال سلميًا ودون قتال، فأصدرذلك الإنذار النهائي، والذي قال في جوهره إنه إذا لم تسمح اليونان لدول المحور باحتلال أجزاء استراتيجية معينة منها، فسيُعتبر رفضها عملًا حربيًا، وهو ما رفضته اليونان.

5e3d39c6cd.jpg

الحرب اليونانية الإيطالية

بعد رفض رئيس الوزراء اليوناني “ميتاكساس” السماح لقوات المحور باحتلال بعض أهم المناطق الاستراتيجية في اليونان، أشعلت هذه الخطوة الحرب اليونانية الإيطالية، التي اندلعت خلال الحرب العالمية الثانية، وبدأت الحرب رسميًا في 28 أكتوبر 1940، وهو اليوم الذي رفض فيه “ميتاكساس” إنذار موسوليني، واستمر الحرب بين اليونان وإيطاليا حتى 23 أبريل. 1941.

 اندلعت الحرب اليونانية الإيطالية بغزو مفاجئ للقوات الإيطالية في إبيروس (مع إنذار نهائي بأن الهجوم سيبدأ في السادسة صباحًا)، فدخلت اليونان الحرب، وتلا ذلك احتفالٌ بما يُسمى "ملحمة ساراندا"، والانتصارات التي حققها الجيش اليوناني على الإيطاليين.

الحرب اليونانية الإيطالية هي التي دفعت لاحقًا اليونان إلى الدخول في الحرب العالمية الثانية، ثم استمرت مقاومة الشعب اليوناني بنفس القوة أثناء الاحتلال الألماني، حيث تمكن اليونانيون، على الرغم من التضحيات والجوع والاضطهاد، من الحفاظ على أملهم في الحرية.

على الرغم من أن اليونان حاولت البقاء على الحياد في الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية، إلا أنها تحالفت لاحقًا مع بريطانيا العظمى. واستطاع الجيش اليوناني  صدّ قوات المحور عن دخول اليونان لما يقرب من ستة أشهر، وعلّق ونستون تشرشل على الحرب اليونانية الإيطالية قائلًا: “لا نقول إن اليونانيين يقاتلون مثل الأبطال، بل إن الأبطال يقاتلون مثل اليونانيين”.

احتفالات يوم لا في اليونان
احتفالات يوم لا في اليونان

احتفالات في جميع أنحاء اليونان

في هذا اليوم من كل عام، تُقام احتفالات في المدن اليونانية، بمسيرات حاشدة، وترفع المباني العامة والخاصة العلم اليوناني، كما تظهر المواكب المكونة من فرق موسيقية وتلاميذ مدارس بالآلاف، يسيرون في وسط المدينة، مرورًا بالبرلمان اليوناني في ساحة سينتاجما، مُشيدًا بنصب الجندي المجهول، فيما تكتظ الشوارع والشرفات بالناس الذين يلوحون بالأعلام اليونانية بفخر.

ملحمة أربعينيات القرن العشرين كُتبت على مدار عقود في نفوس اليونانيين، مما ساعد على وحدتهم ووحدة الهيلينية التي لاتزال تؤثر على العالم حتى يومنا، حاملة القيم التي دافع عنها أسلاف اليونانيين: الحرية والديمقراطية والعدالة.

احتفالات يوم لا في اليونان
احتفالات يوم لا في اليونان
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق