مراد حرفوش لـ"الدستور": اجتماعات الفصائل الفلسطينية في القاهرة ضرورية وفي توقيت حساس

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال مراد حرفوش الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني، إن اجتماعات الفصائل الفلسطينية في القاهرة ضرورية فقد جاءت في ظرفٍ حساس تمرّ به قضية وقف إطلاق النار في غزة بعد عامين من المذبحة التي عاشها الفلسطينيون، وأنّ هذه اللقاءات الهامة في هذا التوقيت تستوجب أن تتفق الفصائل الفلسطينية على رؤية موحدة للمرحلة القادمة، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية لمستقبل القطاع والقضية الفلسطينية، والتي ستُناقش خلال تلك المرحلة.

واستضافت القاهرة يومي 23 و24 أكتوبر الجاري، اجتماع لعدد من الفصائل الفلسطينية، في إطار استكمال الجهود لوقف الحرب على غزة ومعالجة تداعياتها، وبحث المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب على غزة، تمهيدًا لحوار وطني شامل لاستعادة الوحدة الوطنية.

حرفوش: مصر قادت جهودا جبارة لإسقاط المخططات الإسرائيلية

وأضاف حرفوش، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هذه المرحلة تتطلب اتفاق الضرورة، إذ لا مبرر لعدم الاتفاق، لأن مصير القضية في مهبّ الريح إذا لم تتوحد المواقف والأداء السياسي أمام القضايا المطروحة في المرحلة الثانية من الاتفاق، مشيرا إلى أن تاريخ ومستقبل القضية، وتضحيات الشعب الفلسطيني، تفرض على الجميع أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية الوطنية تجاه مسيرة القضية الفلسطينية.

وأوضح الباحث الفلسطيني، أنه منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، بدأت مصر بالتحرك إقليميًا ودوليًا لوقف هذا العدوان، إدراكًا مسبقًا لنوايا الاحتلال الإسرائيلي الساعية إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وتفريغها من سكانها. لذلك، جاءت الجهود الجبارة التي بُذلت لإسقاط هذه النوايا وأهداف اليمين الإسرائيلي الذي اعتبر أنّ الظروف التاريخية قد حانت لتحقيق أهدافه الاستراتيجية في حسم الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

وتابع: "أثمرت هذه الجهود عن وقفٍ لإطلاق النار، وتواصلت من أجل تثبيت هذا الاتفاق وتحويله من مؤقت إلى دائم، كما ترى القيادة المصرية أنّ ترتيب البيت الفلسطيني وتوحيد الموقف السياسي للفصائل ووحدة الأداء الوطني، تُعدّ من أهم متطلبات المرحلة المقبلة وأساسًا للبدء في اليوم التالي، من خلال تشكيل لجنة تكنوقراط مؤقتة لإدارة قطاع غزة، تنسجم مع مخرجات القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في مارس الماضي بالقاهرة، والتي أقرت بضرورة توحيد الصف الفلسطيني وتشكيل لجنة تكنوقراط مستقلة، وذلك استعدادًا لعقد مؤتمر دولي لإعمار القطاع المقرر انعقاده في نوفمبر المقبل".

وأوضح حرفوش، أن البيان المشترك للفصائل الفلسطينية عقب اجتماعهم في القاهرة على مدار يومين، جاء نتاج حواراتٍ ونقاشاتٍ نضجت بالاتفاق على توحيد الموقف المشترك للمرحلة المقبلة. غير أنّه يجب أن تُترجم مضامين هذا البيان على أرض الواقع، وأن تتوفر إرادة سياسية حقيقية لدى الفصائل الفلسطينية لطيّ صفحة الانقسام السياسي.

وأضا: "في ظني، لا يمكن الحفاظ على منجزات الشعب الفلسطيني وتضحياته ما لم يتفق الفلسطينيون على استراتيجيةٍ موحّدةٍ لمستقبل القضية الفلسطينية. فالقادم خطيرٌ جدًا دون وحدة الأداء والخطاب السياسي، ودون توحيد وتفعيل مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني".

حرفوش: تنفيذ مخرجات اللقاءات يعتمد على جدية قادة الفصائل الفلسطينية

وقال مراد حرفوش، إن تنفيذ مخرجات هذه اللقاءات يعتمد على جدّية قادة الفصائل الفلسطينية وإدراكهم أنه لا مفرّ من مواجهة التحديات الخطيرة التي تتهدد مستقبل القضية الفلسطينية إلا من خلال وحدة الموقف والأداء السياسي.

وأوضح أنه على الرغم من وجود تجارب سابقة كثيرة ومريرة من الحوارات والاتفاقيات لإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني، إلا أن الظروف الراهنة مختلفة كليًا، إذ لم يعد هناك متّسع من الوقت للمناورة بين الفصائل أو لتأجيل إنهاء الانقسام وترتيب الصفوف، مشيرا إلى أن ما هو مطروح اليوم على الساحة، إن لم يتفقوا عليه، سيتجاوزهم، وستُفرض حلول من خارج الإرادة الفلسطينية.

وتابع: "ما حدث في قمة شرم الشيخ من زخم واهتمام دولي لوقف المقتلة في قطاع غزة، إضافةً إلى الحراك الدولي المتزايد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكذلك التحولات في الرأي العام العالمي لصالح الحقوق الفلسطينية، كلها تطورات تستدعي من الفصائل اغتنام هذه اللحظة التاريخية والعمل المشترك للبناء على هذه الإنجازات الإيجابية، والمضي قدمًا نحو تحقيق الأهداف الوطنية المتمثلة في دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".

وشدد حرفوش على أن التوافق الفلسطيني يقطع الطريق على جميع مخططات الاحتلال الإسرائيلي التي تسعى لاستغلال حالة الانقسام من أجل مزيدٍ من التفرد بالسيطرة، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، متذرعًا بأن الفلسطينيين منقسمون ولا يستحقون دولة، مشيرا إلى أن الوحدة السياسية الفلسطينية تساهم في توحيد الموقف الوطني إزاء القضايا المصيرية للشعب الفلسطيني، خاصة خلال المرحلة الثانية من خطة دونالد ترامب، كما تُسهم في تمكين الأشقاء العرب من تقديم رؤية وموقف موحّد بشأن مستقبل العملية السياسية للقضية الفلسطينية.

وقال إن هذه الجهود تأتي في ظل المبادرة السعودية–الفرنسية المشتركة، المدعومة من الدول العربية والإسلامية والدولية، والتي تهدف إلى الحفاظ على مسار حل الدولتين وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كما أن هذا التوافق يعزّز وحدة الأراضي الفلسطينية التي يعمل الاحتلال الإسرائيلي على تقويضها عبر الاستيطان، ومصادرة الأراضي، وزيادة أعداد المستوطنين، وتفريغ الأرض من سكانها العرب، في محاولةٍ لإفشال أي إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية عبر عزل قطاع غزة عن الضفة الغربية.

وأوضح أن وحدة الأداء الفلسطيني تمثل ضرورة وطنية واستراتيجية، لأنها تُظهر الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي كطرفٍ موحّدٍ ومسؤولٍ سياسيًا، قادرٍ على إدارة شؤونه وتحقيق تطلعاته الوطنية في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية مضيفا: "اليوم، لا أبالغ بالقول إن القضية الفلسطينية تمرّ بمرحلة دقيقة ومصيرية، تتطلب معالجة العامل الذاتي الداخلي الفلسطيني عبر توحيد الرؤية والاستراتيجية للمرحلة القادمة دون تأجيل أو مماطلة. فكل من يُعطّل تحقيق هذه الوحدة يتحمّل المسؤولية التاريخية عن مسار القضية الفلسطينية ومستقبلها".

 

سيناريوهات مفتوحة

وعن سيناريوهات الفترة المقبل قال إن السيناريو الأول وهو الأفضل فهو الخيار الأمثل للحفاظ على تضحيات الشعب الفلسطيني يتمثل في الاتفاق على طيّ صفحة الانقسام، وتوحيد وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، من خلال التوافق على برنامج سياسي مشترك يكون على رأس أولويات المرحلة القادمة، يتضمن تشكيل لجنة تكنوقراط مستقلة، والدعوة إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني الداخلي يتم خلاله الاتفاق على موعد لإجراء الانتخابات العامة لكافة مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني وهذا السيناريو يُعدّ خطوة أساسية نحو إنهاء الانقسام السياسي بشكلٍ نهائي، والانطلاق نحو توحيد الأداء والخطاب السياسي بما يجسّد الوحدة السياسية والجغرافية لاراضي الفلسطينية ووحدة النظام السياسي الفلسطيني.

أما السيناريو الثاني بحسب حرفوش فهو الاتفاق على تشكيل لجنة تكنوقراط مستقلة من أبناء قطاع غزة، وفق مخرجات القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في مارس الماضي، على أن تكون تابعة للحكومة الفلسطينية الحالية، دون التوصل إلى اتفاقاتٍ أخرى تنهي الانقسام السياسي القائم ويُعزى ذلك إلى غياب الثقة المتبادلة بين الأطراف، واستمرار الشرخ الكبير في الرؤية السياسية بين أكبر فصيلين، فتح وحماس.

وقال إنه رغم الجهود الإقليمية والعربية والتقديرات الدقيقة التي تدرك خطورة اللحظة التاريخية والسياسية في عمر القضية الفلسطينية، إلا أنّ تحقيق وحدة الموقف الوطني ما زال ضرورة ملحّة لمواجهة المخاطر التي تهدد القضية، خاصة في ظل السياسات الإسرائيلية الواضحة التي تسعى إلى تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.

أما السيناريو الثالث المتشائم وهو سيناريو محبط لكنه غير مستبعد، يتمثل في بقاء الوضع الداخلي الفلسطيني على حاله دون أي تقدم نحو جسر الفجوة بين الأطراف، في ظل استمرار الخطاب السياسي المتشنّج والمفردات الانقسامية بين طرفي الانقسام، ما يجعل الساحة الفلسطينية عرضةً للإملاءات الخارجية، محذرا من أن هذا السيناريو سيكون باهظ الكلفة على القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني، وقد يؤدي إلى تكريس الانفصال الكامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما لا يتمناه أي فلسطيني مخلص لوطنه وقضيته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق