شبرا بلولة.. القرية المصرية التي تُعطّر العالم بالياسمين

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في قلب دلتا مصر، تقع قرية شبرا بلولة السخاوية بمحافظة الغربية، وهي قرية صغيرة تُعد من أهم مراكز إنتاج الياسمين في العالم، إذ تسهم بما يقارب 60% من الإنتاج العالمي من هذه الزهرة العطرة التي تدخل في صناعة أشهر العطور العالمية مثل "شانيل" و"ديور" و"إيف سان لوران".

تغطي مزارع الياسمين معظم مساحة القرية البالغة نحو 257 فداناً، حيث تُزرع في صفوف متناسقة تنبعث منها الروائح الزكية مع حلول الليل، حين تتفتح الأزهار وتفوح بأجمل عبيرها.

ليالي الحصاد ورائحة العطاء

يمتد موسم حصاد الياسمين من يونيو حتى ديسمبر، وهو طقس يومي مميز لأهالي القرية. يبدأ القطف قبل الفجر بساعات قليلة، حين تتفتح الأزهار وتبلغ ذروة عطـرها، ويستمر العمل حتى شروق الشمس، لأن الأزهار تفقد رائحتها بعد ذلك.

يعمل في الحصاد جميع أفراد الأسرة، من الأطفال إلى كبار السن، حيث يستيقظ الصغار في الثالثة فجراً لقطف الزهور قبل التوجه إلى مدارسهم. وتُقطف الزهور واحدة تلو الأخرى بعناية فائقة للحفاظ على زيوتها الثمينة.

يحتاج العامل لجمع نحو 6 آلاف زهرة لإنتاج كيلوغرام واحد فقط من الأزهار الطازجة، فيما يتطلب إنتاج كيلوغرام واحد من زيت الياسمين أكثر من طن من الزهور، ما يجعل هذه الصناعة دقيقة ومجهدة في آن واحد.

بين جمال الرائحة ومشقة العمل

رغم روعة الزهرة وقيمتها في الأسواق العالمية، فإن المقابل المادي الذي يحصل عليه القاطفون لا يعكس حجم الجهد المبذول. إذ يبلغ سعر الكيلوغرام من الأزهار نحو 30 جنيهاً فقط، ويجمع العامل في المتوسط ثلاثة كيلوغرامات يومياً، وهو ما لا يكفي لتلبية متطلبات المعيشة.

ومع ذلك، يظل موسم الياسمين بالنسبة لأهالي القرية موسماً للحياة والفرح، إذ يعتمدون عليه في تغطية التزاماتهم السنوية، بل ويحدد كثيرون مواعيد حفلات الزفاف وفقاً له.

صناعة تفوح بالابتكار

تضم شبرا بلولة عدداً من مصانع استخلاص الزيوت العطرية التي تطور تقنيات جديدة لاستخراج زيت الياسمين النقي.

 فقد تمكن أحد المصانع المحلية من إنتاج الزيت العطري عبر التقطير بالبخار، في خطوة غير مسبوقة عالمياً، ما فتح آفاقاً جديدة أمام استخدامه في العلاج بالروائح.

ويُستخدم زيت الياسمين لرفع الحالة المزاجية وتعزيز الطاقة والشعور بالسعادة، وقد أثبتت دراسات علمية فعاليته في تحفيز المشاعر الإيجابية وتقليل التوتر.

سياحة عطرية في حقول الدلتا

بدأت القرية في جذب اهتمام الزوار والسائحين الذين يأتون لمشاهدة عملية جمع الياسمين عند الفجر، والتعرف على طريقة استخلاص زيوته. ومع تزايد الاهتمام بالسياحة البيئية والعلاج بالطبيعة، أصبحت شبرا بلولة وجهة مميزة للسياحة الداخلية، تجمع بين عبق الريف المصري وسحر العطور العالمية.

زهرة مصرية تزيّن العالم

الياسمين بالنسبة لأهالي شبرا بلولة ليس مجرد نبات عطري، بل رمز للحياة والرزق والجمال. من هذه القرية الصغيرة في دلتا النيل، تُصدر مصر عطرها إلى العالم، ليظل عبير الياسمين المصري يرافق أجمل لحظات البشر، من باريس إلى نيويورك، ومن القاهرة إلى طوكيو.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق