أكد اللواء بحرى أركان حرب محمود عادل فوزى، قائد القوات البحرية، أن احتفال القوات البحرية بعيدها الثامن والخمسين، الذى يوافق الحادى والعشرين من شهر أكتوبر من كل عام، يمثل مناسبة وطنية غالية تعيد إلى الأذهان ذكرى يوم المجد والبطولة فى عام ١٩٦٧، حين سطر رجال البحرية المصرية صفحة ناصعة فى سجل النضال الوطنى بإغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات» أمام سواحل بورسعيد الباسلة، لتتحطم معها أسطورة التفوق العسكرى الإسرائيلى، وتُستعاد ثقة الأمة العربية فى قدرتها على الانتصار.
وقال قائد القوات البحرية إن ذكرى هذا اليوم تظل رمزًا للفداء والعطاء، مشيرًا إلى أن القوات البحرية تجدد فى كل عام العهد والولاء لمواصلة المسيرة بنفس الإخلاص والتفانى.
ولفت إلى أن يوم ٢١ أكتوبر يظل يومًا خالدًا فى تاريخ البحرية المصرية، إذ تحقق فيه أول عمل عسكرى مصرى بعد نكسة ١٩٦٧، حين نجحت لنشات الصواريخ فى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»، ما أدى إلى تغيير الفكر الاستراتيجى العالمى فى مجال القتال البحرى، ولذلك تم اختياره عيدًا للقوات البحرية.
وأوضح أن ذلك اليوم لم يكن مجرد انتصار عسكرى، بل تحول إلى محطة غيرت مفاهيم القتال البحرى فى العالم، إذ كانت أول عملية فى التاريخ يتم فيها استخدام صواريخ سطح/ سطح من لنشات صواريخ لإغراق مدمرة بحرية، فى عملية خاطفة أبهرت العالم وأثبتت كفاءة العقيدة القتالية المصرية، مؤكدا أن رجال القوات المسلحة أثبتوا للعالم أن البحار مهما اتسعت لا ترهب القلوب المؤمنة بالعقيدة والإيمان والعزم.
وأشار «فوزى» إلى أن موقع مصر الجغرافى يجعلها «دولة بحرية بامتياز»، تطل على البحرين الأحمر والمتوسط وتمتلك قناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية فى العالم، ما يستدعى امتلاك قوة بحرية قادرة على حماية المصالح المصرية وتحقيق السياسة الخارجية للدولة فى المكان والتوقيت المناسبين، موضحًا أن القيادة السياسية والعسكرية دعمت هذا التوجه، من خلال استراتيجية تطوير شاملة تهدف إلى تعزيز القدرات القتالية والجاهزية الدائمة.
ونوه إلى أن التطور السريع فى التكنولوجيا العسكرية وتداخل العلوم الحديثة غيّرا شكل الحروب التقليدية، لافتًا إلى أن التكلفة الاقتصادية باتت عاملًا حاسمًا فى طبيعة التسليح، إذ أصبح استخدام الوسائل المسيّرة منخفضة التكلفة أكثر فاعلية فى بعض المواقف من الأسلحة الباهظة الثمن.
كما نوه إلى أن اختلاف طبيعة مسرح العمليات- سواء بريًا أو بحريًا- يؤثر فى طبيعة الأسلحة المستخدمة، مشيرًا إلى أن المواجهة بين إسرائيل وإيران مثلًا لم تشهد مسرحًا بحريًا مشتركًا، ما انعكس على نوعية الذخائر وأسلوب القتال المستخدم.
وبيّن قائد القوات البحرية أن العقيدة القتالية المصرية والعنصر البشرى المدرب يمثلان عاملًا حاسمًا فى ترجيح كفة القوات المصرية، مؤكدًا أن التدريب المتواصل والجاد هو السبيل لتقليل الفوارق التقنية وتحقيق التفوق الميدانى.
وتابع: «البحرية المصرية تعتمد تدريبات متدرجة تشمل المحاكيات والذخيرة الحية، وتولى أهمية خاصة للتدريبات المشتركة التى تسهم فى تبادل الخبرات وتعزيز التعاون مع الدول الصديقة والشقيقة».
ولفت إلى أن القوات البحرية المصرية تحظى بسمعة طيبة على المستوى الدولى لما تملكه من احترافية وقدرات عالية، مشيرًا إلى أن هناك العديد من التدريبات المشتركة التى نُفذت داخل مصر وخارجها، من أبرزها تدريبات «النجم الساطع» و«بحر الصداقة»، التى أسهمت فى رفع مستوى الجاهزية القتالية للقوات المشاركة.
ووجه اللواء بحرى محمود عادل فوزى رسالة إلى رجال القوات البحرية، دعاهم فيها إلى المحافظة على أعلى درجات الكفاءة القتالية واليقظة التامة، والإدراك الواعى للمستجدات العالمية والإقليمية التى تمس الأمن القومى المصرى، موضحًا أن المرحلة الراهنة تتطلب استمرار الجاهزية العالية والاستعداد لتنفيذ المهام الموكلة إليهم بكفاءة واحتراف، قائلًا: «كونوا دائمًا على قدر المسئولية، أوفياء للوطن، حافظين للأمانة، مستعدين لبذل التضحيات من أجل رفعة مصرنا الغالية».
وذكر أن التطورات الدولية والإقليمية المتسارعة، وما تحمله من تداعيات على الأمن القومى، دفعت القيادة العامة للقوات المسلحة، بدعم من القيادة السياسية الحكيمة، إلى إيلاء اهتمام كبير بتطوير القوات البحرية فى مجالات البنية التحتية والتصنيع العسكرى وامتلاك أحدث الوحدات البحرية وأنظمة التسليح، لتصبح البحرية المصرية واحدة من أقوى القوات البحرية فى الشرق الأوسط.
وشدد على أن العنصر البشرى يظل حجر الزاوية فى منظومة التطوير، حيث يجرى انتقاء المقاتل البحرى وفقًا لأعلى المعايير البدنية والعلمية والأخلاقية، مع الحرص على صقل مهاراته، ليكون قادرًا على أداء مهامه باحترافية عالية.
وفى ختام حديثه، وجّه «فوزى» تحية فخر واعتزاز إلى ضباط وصف ضباط وجنود القوات البحرية، مؤكدًا أنهم يواصلون أداء واجبهم فى حماية السواحل المصرية على البحرين الأحمر والمتوسط، والدفاع عن مقدرات الدولة ومياهها الإقليمية والاقتصادية، مع الالتزام الكامل بالقوانين البحرية الدولية، قائلا: «رحم الله شهداءنا الأبرار، وحفظ الله مصر وشعبها العظيم وقواتها المسلحة الباسلة».


















0 تعليق