بيراميدز السوبر.. تجربة كشفت "اكذوبة الاحتراف" في الاندية الجماهيرية المصرية

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الأحد 19/أكتوبر/2025 - 02:55 م 10/19/2025 2:55:36 PM

من حينٍ لآخر، تظهر تجربة تهز ثوابت كرة القدم المصرية وتكشف عوارتها، وتُجبر الجميع على إعادة الحسابات.. وفعلها بيراميدز، ولم يكتفِ بالبطولات، بل قدم درسًا عمليًا في معنى "الاحتراف الحقيقي" بعدما حصد كأس دوري ابطال افريقيا ثم السوبر الإفريقي وقبلها كأس الثلاث قرات وبطل المحيطات وتأهل لدور الثمانية في مونديال الاندية، ليقول للعالم أن المنظومة أهم من الجماهير، وأن الإدارة أهم من التاريخ.
بيراميدز لم يعتمد على الحظ  في المنافسة علي قمة الكرة المصرية والفوز بالبطولات القارية، بل اعتمد على عقلية استثمارية واضحة، وإدارة تخطط وتحاسب، وانضباط مالي، ولاعبين ومدربين يتم اختيارهم بمعايير فنية لا بالمجاملات والعمولات، ومشروع يسير وفق استراتيجية لا تعرف الصدفة.
في المقابل، تبدو باقي الأندية الجماهيرية المصرية وكأنها تعيش في كوكب تاني، أو في زمن آخر مثل الزمالك والاسماعيلي والاتحاد السكندري يغرقون في الديون، ويعيشون في زمن الصعبنيات، يتشدقون بتاريخ البطولات، ومازالوا  يبحثون عن ممول للانقاذ من الافلاس والسقوط في غيابات الماضي، وللاسف التاريخ وحده لايكفي.. حتى الأهلي رغم تاريخه وجماهيره وانجازاته يترنح ماليًا لولا القروض والتبرعات من رجال الاعمال الاهلاوية الذين ينفقون ببذخ علي النادي دون استفادة فنية ودون حسيب أو رقيب.
الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وضع خارطة طريق واضحة لإنقاذ الأندية في العالم من الإفلاس وتحويل الاندية الي هيئات اقتصادية لمواكبة الاستثمارات الرياضية، واصدر "فيفا" قانونا بتحويل قطاع الكرة في الاندية إلى شركات رياضية مساهمة مستقلة عن الكيان الاداري والمالي للنادي، ويحق للجمهور المساهمة في رأس المال والمضاربة في البورصة والدخول في المشاريع الاستثمارية من أجل تحقيق أرباحًا طائلة للاندية لمجاراة عالم الاحتراف وسوق اللاعبين وإرتفاع اسعارهم وتكاليف المشاركات في المسابقات والبطولات، ووضع "فيفا" بنود في القانون خاصة بحوكمة الشركات الرياضية  لمنع اهدار المال العام، واصبحت الاندية في اغلب دول العالم تحقق مكاسب بملايين الدولارات بسبب تسويق واستثمارات كرة القدم.
وفي مصرتم تعديل قانون الرياضة لتطبيق نظام الشركات الرياضية وتوسيع قاعدة الاستثمارات في الاندية، ولكن بصراحة اننا نطبق نظام الشركات “على الورق فقط”.. ونمارس الاحتراف في المؤتمرات والتصريحات فقط أكثر مما نمارسه في الملاعب، وبات المشهد ساخرًا ومؤلمًا في آنٍ واحد، نحن نملك أكبر جماهير، وأطول بيانات، واكثر تصريحات وأضعف ميزانيات، بينما بيراميدز النادي “الحديث” يسير بثبات نحو القمة دون ضجيج.
عفوا.. الكرة المصرية الآن أمام مفترق طرق إما أن نواجه الحقيقة بشجاعة ونُطبق الاحتراف الحقيقي بمعاييره العالمية،وتفرض وزارة الرياضة علي الاندية رقابة حقيقية، أونستمر في الغرق في نفس الدائرة القديمة ديون، مجاملات، شعارات واهدار للمال العام وفي النهاية افلاس.
الخلاصة.. الدرس الذي يقدمه بيراميدز ببساطة هو أن النجاح لم يعد حكرًا على "الكبار"، بل على من يملك الفكر والإدارة في زمن الشركات الرياضية المحترفة، ولكن التاريخ وحده لايكفي، التاريخ وحده لا يشتري الصفقات، التاريخ وحده لا يصنع البطولات، إن الإدارة المحترفة الناجحة هي التي تعرف كيف تستثمر في المستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق