عاجل.. ختم الإجرام.. الدستور تنشر شهادات مروعة لأهالى غزة بعد تسلم جثامين أبنائهم

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

سلّم جيش الاحتلال الإسرائيلى عشرات الجثامين لفلسطينيين، كان يحتفظ بها منذ اندلاع الحرب فى قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، وكشفت الصور المروعة للجثامين عن حجم الوحشية التى تعرض لها هؤلاء الشهداء، ما يعكس ممارسات تعذيب ممنهجة، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأعلنت وزارة الصحة فى قطاع غزة عن أنها صُدمت من الحالة التى وصلت إليها الجثامين، حيث بدا واضحًا تعرضها لتعذيب شديد، وبعضها كان مقيدًا بالأغلال، وأظهرت نتائج التشريح أن عددًا من الشهداء أُعدموا من مسافة قريبة، فيما تُرك آخرون ينزفون حتى الموت دون تقديم أى إسعافات. وأفادت الوزارة بأن الاحتلال الإسرائيلى سرق أعضاء من أجساد الشهداء، مثل القرنية والكلى والكبد، فى انتهاك صارخ للأعراف الطبية والإنسانية.

فى السياق ذاته، تواصلت «الدستور» مع عدد من ذوى الشهداء الذين سردوا تفاصيل مؤلمة عن مراحل التعذيب التى تعرض لها أبناؤهم، وصولًا إلى لحظة التعرف على جثامينهم المشوهة.

 

هانى أبومعيلق: جثمان نجلى كان مكبلًا.. وعلامات تعذيب خطيرة فى صدره وظهره

 

كشف هانى أبومعيلق، عقيد متقاعد بالسلطة الفلسطينية والد الشهيد ليث المعيلق، عن تفاصيل مأساوية عن فقدان ابنه خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، وعن الواقع الذى يعيشه الفلسطينيون اليوم وسط دمار شامل وانقسام ميدانى خطير.

وقال «أبومعيلق»، الذى غادر غزة إلى القاهرة قبل اندلاع الحرب بيومين، إنه خرج فى زيارة عادية إلى القاهرة، وبعدها بيومين اندلعت الحرب، وكان آخر لقاء له مع نجله ليث قبل سفره بيوم، وبعد شهرين من الحرب تمكن من إخراج ٤ من أولاده ووالدته، فيما رفضت والدة ليث مغادرة غزة إلا رفقة ابنها المفقود، وبقيت هناك مع ٣ من بناتها وأزواجهن.

العقيد المتقاعد أب لثمانية أبناء، أربعة أولاد وأربع بنات، استشهد ابنه الأكبر عام ٢٠٠٢، فيما اختفى «ليث» منذ يوم ٨ أكتوبر، يقول: «منذ اختفائه لم نعرف إن كان معتقلًا أم شهيدًا، وكانت الأنباء متضاربة، وهناك مَن قال إنه أُخذ، ومَن قال إنه شوهد حيًا، لكن لم تكن هناك رواية مؤكدة». وأضاف: «كنا نعلم أنه قريب من أحد الفصائل لكن دون تأكيد منه، كان الموضوع حساسًا جدًا، وكان بيتنا يعج بالنازحين وبه أكثر من مائة شخص، ولم نكن نستطيع السؤال أو الحديث بحرية». وعقب عامين من الفقدان وإتمام صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، أفرج الاحتلال عن جثامين بعض الأسرى، ووضعت وزارة الصحة رابطًا ليتمكن الأهالى من تسجيل بيانات ذويهم المختفين، وعند استلام الجثامين تم التعرف على جثمان «ليث». وقال والده: «وجهه سليم وجسده سليم، لكن فى صدره وظهره آثار تعذيب واضحة، ويداه مكبلتان، وكنا من القلائل الذين تمكنوا من التعرف على أبنائهم لأن التشوه كان بسيطًا، وقد دُفن فى قبر أخيه، ووالدته هى مَن ودعته ودفنته فى غزة». وتذكر ابنه الشهيد، قائلًا: «ليث كان فارسًا حقيقيًا، عاشقًا للخيل والسباحة، اشتريت له فرسًا بخمسة آلاف دولار، وكان لا يعرف الخوف». 

وبينما ثلاث من بناته لا يزلن فى غزة، يعيش ثلاثة من أولاده فى القاهرة، أحدهم يدرس الثانوية العامة وآخر فى جامعة القاهرة، ويقول «أبومعيلق» بنبرة أبٍ موجوعة: «رغم كل ما فقدناه، سنبقى نؤمن بأن غزة يمكن أن تعود للحياة، فقط إذا توقف النزف وانتهى الانقسام».

 

«نادى الأسير»: عشرات المعتقلين استشهدوا تحت وطأة التعذيب والإعدام الميدانى

 

أكد رئيس نادى الأسير الفلسطينى، عبدالله الزغارى، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى تمارس منذ عامين سلسلة من الجرائم المنظمة ضد الفلسطينيين وصلت حدّ التعذيب الوحشى وسرقة الأعضاء البشرية من جثامين الشهداء، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى وكل المواثيق الحقوقية.

وأوضح «الزغارى» أن الاحتلال نفّذ على مدار العامين الماضيين سياسة ممنهجة تعتمد على الإخفاء القسرى والتصفية الجسدية بحق المعتقلين، لا سيما من أبناء قطاع غزة الذين جرى اعتقال الآلاف منهم بعد السابع من أكتوبر دون أن يتم الإعلان عن مصيرهم أو السماح لأى جهة حقوقية، بما فى ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بزيارتهم أو التحقق من أوضاعهم.

وأشار إلى أن نادى الأسير وثّق خلال الفترة الماضية استشهاد ٧٨ معتقلًا فلسطينيًا داخل السجون الإسرائيلية، لافتًا إلى أن هناك العشرات من المعتقلين استشهدوا تحت وطأة التعذيب أو الإعدام الميدانى دون الكشف عن أسمائهم. 

وقال: «الجثامين التى تسلمناها، مؤخرًا، تؤكد حجم الجريمة، فقد بدت عليها آثار واضحة للتعذيب، الأيادى كانت مكبلة إلى الخلف، والعُصبات لا تزال على الجماجم بعد تحلل الأجساد، ما يُثبت أنهم أُعدموا عمدًا داخل أماكن احتجازهم».

وذكر أن تقارير طبية وشهادات أولية تشير إلى سرقة أعضاء داخلية من جثامين الشهداء، معتبرًا ذلك جريمة ضد الإنسانية تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالانتهاكات، فى ظل صمت دولى وتقصير المنظمات الحقوقية الدولية عن محاسبة إسرائيل، أو فرض رقابة حقيقية على سجونها.

وكشف رئيس نادى الأسير عن تعرض أسرى محررين لاعتداءات جسدية وجنسية مروعة، من بينها نهشهم من قبل كلاب بوليسية وهم أحياء ومكبّلو الأيدى، إضافة إلى استخدام أدوات حادة فى الاعتداء عليهم داخل الزنازين.

وقال إن بعض الأسرى الذين أفرج عنهم، مؤخرًا، ضمن صفقة التفاهمات بوساطة مصرية- قطرية- تركية يعانون كسورًا فى الأضلاع والأقدام، ومنهم من نُقل إلى مستشفيات نفسية فى القاهرة نتيجة الصدمات التى تعرضوا لها.

وأشار «الزغارى» إلى أن الاحتلال استخدم التجويع الممنهج كأداة تعذيب، حيث فقد العديد من الأسرى ما يزيد على ٥٠ كيلوجرامًا من وزنهم خلال فترة احتجازهم، فى ظل حرمانهم من الغذاء والرعاية الطبية.

وأوضح أن عائلات كثيرة من غزة ما زالت تتواصل مع مؤسسات الأسرى بحثًا عن أبنائهم المفقودين، لكن غياب المعلومات والتكتم الإسرائيلى الكامل يجعلان من هذه الملفات «قنابل إنسانية مفتوحة».

واختتم: «ما يجرى هو سياسة انتقام جماعى تستهدف الشعب الفلسطينى بأسره، داعيًا المجتمع الدولى إلى تحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية، وإيفاد لجان تحقيق مستقلة إلى السجون الإسرائيلية لكشف حجم الجرائم التى تُرتكب بحق الأسرى، ومحاسبة الاحتلال على الانتهاكات التى ترقى إلى مستوى جرائم حرب بحق الإنسانية».

 

يعقوب زكريا:  جسم أخى يظهر وكأن مركبة عسكرية سحقت رأسه

 

قال يعقوب زكريا، شقيق الشهيد الفلسطينى يوسف اليعقوبى، إن الأسرة استقبلت جثمانه أخيرًا بعد عامين من الغياب؛ فقد كان محتجزًا لدى الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب. 

وأضاف أن العائلة تمكنت من التعرف على جثمان الشهيد بواسطة بعض العلامات المميزة فى الوجه، رغم التشوهات الكبيرة التى لحقت به، موضحًا: «تعرفنا عليه من منطقة أسفل الوجه، الذقن والفم والأنف، التى كانت سليمة نسبيًا، بينما الجزء العلوى من الوجه والرأس كان متضررًا جدًا، حتى بدا وكأن مركبة عسكرية سحقت رأسه».

وأشار إلى أن العائلة استعانت، أيضًا، ببعض الملابس الداخلية البسيطة التى بقيت على الجثمان، بعدما جرده الاحتلال من معظم ملابسه لتتأكد من هويته بشكل نهائى.

وعن التحاليل الطبية اللازمة للتأكد من الهوية، أكد أن قطاع غزة يفتقر إلى الإمكانات المخبرية اللازمة لإجراء فحوص الحمض النووى، مضيفًا: «الاعتماد كان فقط على المشاهدة والعلامات الجسدية، إذ لا توجد أى جهة حكومية أو خاصة قادرة على إجراء فحوص من هذا النوع».

وشدد على أن الجثمان كان مليئًا بآثار تعذيب وضرب وربط، رغم أن شقيقه استشهد فى أول يوم فى الحرب ولم يُؤخذ حيًا، لافتًا إلى أنه «كانت هناك كدمات وضربات على الوجه والرأس ولم تظهر عليه آثار حرق، بخلاف جثامين أخرى أعلنَت وزارة الصحة عن أن بعضها كان محروقًا أو أُعدم ميدانيًا».

ولفت إلى أن يوسف، ٢٦ عامًا، كان محاميًا شابًا، أنهى دراسة القانون فى جامعة فلسطين وبدأ مرحلة التدريب قبل أن تُوقف الحرب أحلامه، حيث تزوج قبل العدوان بفترة قصيرة لم تتجاوز خمسة أشهر، وحملت زوجته وأنجبت بعد استشهاده.

وقال إن العائلة لم يكن لديها أى وسيلة لمعرفة مصيره خلال العامين الماضيين، مؤكدًا أن لحظة تسليم الجثمان كانت مزيجًا من الألم والراحة، موضحًا: «وزارة الصحة سلّمت الجثمان بعد التعرف عليه من خلال الصور، ثم تركت لكل عائلة حرية تفقد جثمان ابنها.. نحن رفضنا فتح الكفن مرة أخرى واكتفينا بأن نحمد الله أنه عاد إلينا وسيكون له قبر نزوره».

وأضاف: «كان قد أوصى الشهيد بأنه فى حال رزق بطفل ذكر بأن يُسمى يوسف على اسمه، والحمد لله اليوم يبلغ يوسف يوسف من العمر عامًا وسبعة أشهر»، مختتمًا: «الحمد لله.. عاد يوسف وصار بيننا ونقرأ له الفاتحة، وأرى أن صبر أمه وزوجته مثال يُحتذى به، ورضانا بقضاء الله هو ما يخفف عنا هذا الوجع».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق