تشهد العاصمة المصرية القاهرة خلال الساعات المقبلة لقاءً فلسطينياً موسعاً يضم وفوداً من الفصائل الفلسطينية، لبحث تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة في المرحلة التي تلي اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
لقاءات مكثفة ومشاورات متواصلة
أكدت مصادر مطلعة أن وفداً من حركة حماس برئاسة خليل الحية سيصل إلى القاهرة الليلة، لعقد سلسلة من الاجتماعات مع المسؤولين المصريين والوسطاء الدوليين. ومن المتوقع أن يتناول اللقاء بحث آليات توحيد الموقف الفلسطيني بشأن إدارة القطاع، وترتيب الوضع الداخلي لما بعد الحرب.
كما أشارت المصادر إلى أن وفداً من حركة الجهاد الإسلامي برئاسة زياد النخالة ونائبه سيصل القاهرة اليوم الخميس، حيث من المقرر عقد لقاءات منفصلة بين الفصائل الفلسطينية ووسطاء الهدنة، في إطار الجهود المصرية الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار ووضع أسس مرحلة ما بعد الحرب.
استعدادات إسرائيلية لفتح معبر رفح
ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الاستعدادات لفتح معبر رفح البري أمام حركة الأفراد ما زالت مستمرة بالتنسيق مع الجانب المصري، مشيراً إلى أن الإعلان الرسمي عن موعد إعادة فتح المعبر سيتم في وقت لاحق.
وأكد الجيش في بيانه أن معبر رفح لن يُستخدم لمرور المساعدات الإنسانية، موضحاً أن إدخال المساعدات إلى القطاع يتم حالياً عبر معبر كرم أبو سالم وعدة معابر أخرى، في حين يبقى المعبر الحدودي مع مصر مخصصاً لحركة الأفراد فقط في المرحلة المقبلة.
أونروا: المساعدات جاهزة لكنها ممنوعة من الدخول
من جهتها، أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أنها تمتلك كميات كافية من المواد الغذائية خارج قطاع غزة لتغطية احتياجات السكان لمدة ثلاثة أشهر، لكنها لا تزال ممنوعة من إدخالها إلى القطاع رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وشددت الوكالة على ضرورة إعادة فتح المعابر كافة أمام المساعدات الإنسانية لتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، داعيةً المجتمع الدولي إلى الضغط من أجل ضمان تدفق الإمدادات الحيوية بشكل عاجل.
مصر تواصل جهودها لتوحيد الصف الفلسطيني
تأتي هذه التحركات ضمن الجهود المصرية المستمرة لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وإطلاق عملية سياسية تضمن إدارة موحدة ومستقرة لقطاع غزة بعد سنوات من الانقسام، وتهيئة الأجواء نحو تسوية شاملة تُنهي دوامة الصراع.
يُعدّ اللقاء المرتقب في القاهرة محطة مفصلية في مسار إعادة ترتيب المشهد الفلسطيني الداخلي، خصوصاً في ظل الحاجة المُلّحة إلى إدارة موحدة لقطاع غزة بعد الحرب الأخيرة. فالمشاورات الجارية لا تقتصر على الجوانب الإدارية فحسب، بل تمتد إلى إعادة توزيع الأدوار بين الفصائل، وتحديد شكل السلطة التي ستدير القطاع خلال المرحلة الانتقالية.
ويرى مراقبون أن التحرك المصري يعكس حرص القاهرة على منع فراغ سياسي وأمني في غزة، وعلى ضمان أن تكون إدارة القطاع نابعة من توافق وطني فلسطيني، وليس بفرض خارجي. كما يُتوقع أن يكون تشكيل لجنة إدارة غزة مقدمة لبحث توحيد المؤسسات الفلسطينية واستئناف الحوار حول المصالحة الشاملة.
وفي المقابل، يشير محللون إلى أن الموقف الإسرائيلي بشأن معبر رفح وعدم السماح بمرور المساعدات عبره يعكس استمرار التعقيدات الميدانية والسياسية رغم وقف إطلاق النار، وهو ما يضع الوساطة المصرية والأممية أمام تحديات جديدة لإيجاد توازن بين الأمن والإنسانية.
وبينما تبقى الأنظار موجهة إلى القاهرة، يُرجّح أن تحدد نتائج هذه الاجتماعات ملامح المرحلة المقبلة في غزة، سواء من حيث إدارة الشؤون المدنية أو إعادة الإعمار أو حتى استئناف المفاوضات السياسية، في خطوة قد تمهد لبداية جديدة في الملف الفلسطيني برمته.
0 تعليق