ماذا يريد المثقفون من معرض القاهرة الدولي للكتاب؟.. سؤال فرض نفسه منذ لحظة إعلان تعيين الدكتور أحمد مجاهد مديرًا تنفيذيًا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المقبلة عام 2026.
ما الذي يتمنى الكتّاب والمثقفون أن يتحقق في دورة هذا العام؟ وما الملاحظات والمقترحات التي يطرحونها لتطوير المعرض، ليواكب تحديات الثورة التكنولوجية؟ وكيف يمكن أن يتحول من مجرد سوق كبيرة لبيع الكتب وعرضها إلى منصة للتحاور حول المشهد الثقافي الراهن؟
هذا وغيره من القضايا والمحاور تجيب عنه الكاتبة عزة سلطان وتطرحه في تصريحات لـ«الدستور».
القراءة تتحول إلى فعل جماعي في معرض القاهرة الدولي للكتاب
استهلت «سلطان» حديثها قائلة: «لمعرض القاهرة الدولي للكتاب مكانة مميزة، ليس فقط لأنه من أقدم معارض الكتب في المنطقة العربية، ولكن لكونه مساحة تتقاطع فيها الكتب مع الحياة اليومية، وتتحول فيها القراءة إلى فعل جماعي يلامس وجدان الناس ويثري وعيهم، فهو ليس مجرد تظاهرة ثقافية، بل حدث معرفي وجماهيري لا يقتصر على النخبة المثقفة، بل يمتد ليشمل أطيافًا متنوعة من الجمهور، ولذا فهو يحتاج دومًا إلى التطوير وضخ دماء جديدة ليواكب التغيرات المعرفية والثقافية، ويبقى في قلب الخريطة الثقافية العربية والعالمية».
وأضافت: «ولكي نفكر بجدية في الاقتراحات، فقد قدّم الدكتور أحمد السعيد، رئيس مؤسسة بيت الحكمة، تصورًا بضرورة وجود الفعاليات وسط أجنحة النشر بحيث يكون هناك تفاعل حقيقي بين الجمهور والفعاليات، وأنا أتفق معه، وإن كنت أرى أن تنفيذ ذلك قد يواجه بعض الصعوبات. وهنا أتساءل: لماذا لا توجد شاشات في الساحات المحيطة بالأجنحة تنقل الندوات إلى الجمهور في الخارج؟ فيمكن لمن لم يحضر الندوة أن يتعرف على محاضريها وموضوعها.
بالإضافة إلى أن الفعاليات تُقام في أماكن يصعب الوصول إليها، ويُلاحظ أحيانًا غلظة في التعامل من بعض العاملين مع من يحاول الصعود إلى منطقة البلازا حيث تُقام الفعاليات».
تعزيز البعد الرقمي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب
ولفتت «سلطان» إلى أهمية تعزيز البعد الرقمي للمعرض، قائلة: «من الضروري إطلاق منصات افتراضية موازية تتيح حضور الجلسات ومتابعة الندوات عن بُعد، مع إمكانية شراء الكتب إلكترونيًا وتوصيلها دوليًا. بذلك يصبح المعرض جسرًا يربط القارئ العربي داخل الوطن والمغترب أو المهتم بالثقافة العربية في أي مكان بالعالم».
وأضافت: «يمكن للمعرض أن يتحول إلى مركز دائم للحوار الثقافي لا يقتصر على فترة انعقاده، بل يمتد طوال العام من خلال فعاليات شهرية أو موسمية تربط بين القاهرة والعواصم العربية الأخرى، مع وجود برنامج تفاعلي مستمر يمنح المعرض حضورًا يتجاوز حدود المكان والزمان».
تطوير معرض القاهرة الدولي للكتاب ليس ترفًا
وتابعت «سلطان»: «أعتقد أن فتح مساحة أوسع للتجارب الإبداعية غير التقليدية، مثل المسرح الأدبي، وجروبات القراءة، ونوادي القراءة، وعروض الفنون البصرية، والمختبرات الإبداعية التي تجمع الكتّاب مع صُنّاع السينما أو مطوري الألعاب الإلكترونية، من شأنه أن يرسخ حضور الأدب في مجالات أكثر رحابة ويجذب أجيالًا جديدة».
وأضافت: «أتمنى أن يشكّل المعرض منصة لتوثيق الذاكرة الثقافية العربية، من خلال أرشفة رقمية لأهم الجلسات والحوارات واللقاءات مع المبدعين، بحيث تصبح مرجعًا مفتوحًا للأجيال القادمة».
واختتمت مؤكدة: «إن تطوير معرض القاهرة الدولي للكتاب ليس ترفًا، بل ضرورة تواكب تحولات العصر، وتمنحه دورًا رياديًا يتجاوز فكرة السوق الثقافي إلى كونه مشروعًا حضاريًا يرفع مكانة الكتاب العربي ويعزز أثره في العالم».
0 تعليق