عقدت وزارة الخارجية البريطانية مؤتمراً استمر ثلاثة أيام في إحدى المناطق الريفية بجنوب إنجلترا، جمع مسؤولين من الشرق الأوسط وأوروبا، في إطار الجهود الدولية الرامية إلى وضع خطة لإعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب.
ووفقاً لما نقلته وكالة فرانس برس، فإن المؤتمر الذي عُقد بعيداً عن الأضواء، جاء بالتوازي مع القمة الدولية الرفيعة التي استضافتها مدينة شرم الشيخ بشأن اتفاق السلام في غزة، لكنه ركّز على الجانب الفني والإجرائي المتعلق بإعادة الإعمار وإعادة تأهيل القطاع الذي دمرته الحرب على مدى عامين.
إطلاق مرحلة التخطيط والتنسيق الحيوية
وقالت رئاسة الوزراء البريطانية في بيان رسمي إن الهدف من المؤتمر هو “إطلاق مرحلة التخطيط والتنسيق الحيوية لما بعد الحرب في غزة”، مؤكدة أن عملية إعادة البناء يجب أن تكون بقيادة فلسطينية، مع دعم دولي واسع.
وأضاف البيان أن المملكة المتحدة ترى ضرورة الاستعداد المسبق للتحرك فور تثبيت وقف إطلاق النار الكامل، مشيراً إلى أن الأولويات تشمل “إزالة الأنقاض، وإعادة بناء المنازل، واستعادة البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الكهرباء والمياه والمدارس والمستشفيات”.
بدوره، قال وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، هاميش فالكُنر، في تصريحات خلال المؤتمر: “علينا أن نكون مستعدين للعمل سريعاً لإعادة الحياة إلى غزة. المهمة ضخمة ومعقدة، لكنها ضرورية لضمان استقرار المنطقة وعودة الأمل للفلسطينيين”. وأضاف: “ندرك تماماً حجم التحدي ومدى تعقيده، ونعرف أنه سيستغرق سنوات وسيتطلب مليارات الدولارات من التمويل”.
وأشار فالكُنر إلى أن إعادة الإعمار يجب أن تسير بالتوازي مع الجهود السياسية لضمان عدم عودة الصراع، مشدداً على أن أي استثمار في غزة لن يكون مستداماً ما لم يتم التوصل إلى تسوية دائمة تضمن الأمن والحوكمة الرشيدة والشفافية في إدارة الموارد.
وبحسب مصادر دبلوماسية شاركت في اللقاء، فقد ناقش المؤتمر آليات التنسيق بين الدول المانحة والمنظمات الدولية، إضافة إلى سبل إشراك القطاع الخاص في جهود إعادة البناء، خاصة في مجالات الطاقة والإسكان والتعليم.
كما تم التطرق إلى أهمية تمكين السلطة الفلسطينية من تولي دور مركزي في الإشراف على المشاريع المستقبلية في غزة، مع إشراف دولي لضمان حسن التنفيذ ومنع الفساد، إلى جانب خطط طويلة الأمد لتعزيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل مستدامة.
ويُعد هذا الاجتماع البريطاني أول مبادرة أوروبية عملية للتركيز على “اليوم التالي للحرب”، في وقت تتكثف فيه الجهود الدولية بعد اتفاق الهدنة الأخير الذي رعته الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا.
بهذا التحرك، تسعى لندن إلى ترسيخ دورها في صياغة مستقبل ما بعد الصراع في غزة، بالتعاون مع حلفائها الإقليميين والدوليين، في محاولة للموازنة بين دعم عملية السلام وضمان الأمن الإقليمي واستقرار المنطقة على المدى الطويل.
0 تعليق