ما هو فقدان الشهية العصبي؟.. الأعراض والأسباب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وسط عالم مهووس بالمثالية الجسدية وصور الجمال غير الواقعية التي تروج لها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، يبرز اضطراب فقدان الشهية العصبي كأحد أخطر الاضطرابات النفسية التي تصيب المراهقين والشباب، وخاصة الفتيات. هذا المرض، الذي قد يبدو في بدايته مجرد رغبة في إنقاص الوزن، قد يتحول سريعًا إلى مأساة صحية ونفسية حقيقية قد تودي بالحياة.
 

تعريف المرض

اضطراب فقدان الشهية العصبي، المعروف طبيًا باسم Anorexia Nervosa، هو اضطراب نفسي وسلوكي ضمن فئة اضطرابات الأكل، يتسم بالخوف الشديد وغير المبرر من زيادة الوزن، مع قناعة مرضية بضرورة الوصول إلى النحافة بأي ثمن. ويترافق هذا الاضطراب مع تصور مشوه لصورة الجسد، حيث يرى المصاب نفسه سمينًا رغم أن وزنه قد يكون منخفضًا إلى مستويات خطيرة.
 

من الأكثر عرضة للإصابة؟

تشير الإحصائيات الطبية إلى أن الغالبية العظمى من الحالات يتم تسجيلها بين الفتيات المراهقات والشابات في العشرينيات. وبحسب دراسات أجريت في مراكز طبية متخصصة مثل مركز كولومبيا الطبي، فإن ما يقرب من 4% من النساء قد يتعرضن للإصابة بهذا الاضطراب في مرحلة ما من حياتهن. ورغم أن نسبة الإصابة بين الذكور أقل بكثير، إلا أن ذلك لا ينفي وجود حالات بين الفتيان والشباب.

حتى اليوم، ما زالت الأسباب الدقيقة لهذا المرض غير واضحة بالكامل. لكن المتخصصين يرجحون أن تفاعلًا معقدًا بين العوامل الوراثية، النفسية والاجتماعية هو الذي يؤدي إلى ظهور المرض.

من بين أبرز العوامل:

  • الضغوط الاجتماعية: مثل معايير الجمال التي تمجد النحافة وتربطها بالنجاح والجاذبية.
  • العوامل الوراثية: حيث لوحظ تزايد احتمالية الإصابة لدى من لديهم تاريخ عائلي مع اضطرابات الأكل.
  • السمات الشخصية: مثل الكمالية المفرطة، الوسواس، وضعف تقدير الذات.
  • الأحداث الحياتية الصادمة: مثل التعرض للتنمر، أو فقدان أحد المقربين.

 

الأعراض والعلامات التحذيرية:

غالبًا ما يبدأ المرض تدريجيًا. في البداية يظهر اهتمام متزايد بالطعام والسعرات الحرارية، ثم يتطور إلى سلوكيات قهرية للحد من تناول الطعام، مصحوبًا بإنكار شديد لوجود أي مشكلة.

من الأعراض الشائعة:

  • فقدان سريع وملحوظ في الوزن.
  • هوس بعدد السعرات الحرارية.
  • الامتناع المتعمد عن الطعام.
  • ممارسة الرياضة بشكل مفرط ومُجهد.
  • اضطرابات في الدورة الشهرية عند الفتيات.
  • انخفاض في حرارة الجسم، ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
  • نمو زغب خفيف على الجلد لمقاومة البرد.
  • اكتئاب، قلق، واضطرابات نفسية مرافقة.
  • عزلة اجتماعية وتجنب المناسبات التي تتضمن طعامًا.

الأخطر من ذلك، أن المصابين قد يطورون سلوكيات مثل التقيؤ المتعمد، استخدام المسهلات أو مدرات البول، في محاولة يائسة للتخلص من أي سعرات حرارية مكتسبة.

 

المضاعفات الصحية:

قلة السعرات الحرارية ونقص التغذية يؤديان إلى خلل في وظائف جميع أجهزة الجسم تقريبًا. من أبرز المخاطر:

 

  • هشاشة العظام.
  • فشل في عضلة القلب.
  • اختلال في أملاح الدم مثل الصوديوم والبوتاسيوم، مما يهدد بحدوث اضطرابات خطيرة في نظم القلب.
  • تراجع المناعة.
  • أضرار دائمة في الكلى والكبد.
  • في الحالات المتقدمة… قد تحدث الوفاة نتيجة توقف القلب أو فشل الأجهزة الحيوية.

 

كيف يتم التشخيص؟

نظرًا لطبيعة المرض، فإن معظم الحالات لا تطلب المساعدة الطبية بنفسها. غالبًا ما يكون أفراد الأسرة هم من يلاحظون علامات الخطر.

 

عند التشخيص، يعتمد الأطباء على عدة عناصر:

  • التقييم السريري العام.
  • قياس مؤشر كتلة الجسم (BMI).
  • تحاليل دم شاملة لرصد نسب الأملاح والفيتامينات.
  • تخطيط كهربي للقلب (ECG).
  • فحوصات لهرمونات الغدة الدرقية والكورتيزول.
  • اختبار كثافة العظام لرصد احتمالات الإصابة بهشاشة العظام.

كما يتم استخدام استبيانات خاصة للكشف عن اضطرابات الأكل ومراجعة التاريخ الغذائي والسلوكي للمريض.

 

رحلة العلاج.. صراع طويل نحو التعافي:

علاج فقدان الشهية العصبي ليس أمرًا سهلًا، ويتطلب تدخلًا متعدد الجوانب. يشمل البرنامج العلاجي عادة:
 

  1. العلاج الغذائي: الهدف الأول هو استعادة الوزن المفقود بشكل آمن ومدروس.
  2. المعالجة النفسية: من خلال جلسات فردية وجماعية تستهدف تعديل السلوكيات والأفكار المشوهة حول الطعام والجسد.
  3. العلاج الأسري: خاصة للمراهقين، حيث تلعب الأسرة دورًا محوريًا في دعم المريض وتشجيعه على الالتزام بالخطة العلاجية.
  4. المتابعة الطبية المنتظمة: لرصد أي مضاعفات صحية والتدخل السريع عند الحاجة.

 

في الحالات الشديدة، قد يكون اللجوء إلى التنويم بالمستشفى أمرًا ضروريًا، خاصة عند وجود خطر مباشر على الحياة بسبب انخفاض الوزن إلى مستويات حرجة أو ظهور اضطرابات قلبية.

 

نسب الشفاء والمآل المتوقع:

التقديرات تشير إلى أن نصف المرضى تقريبًا ينجحون في الوصول إلى التعافي التام واستعادة نمط حياة طبيعي، بينما يظل ربع الحالات معرضًا للانتكاسات بين الحين والآخر. أما النسبة المتبقية، فتظل تعاني من اضطرابات غذائية ونفسية مزمنة تتطلب دعمًا مستمرًا.

العلاج المبكر، خاصة في مرحلة المراهقة، يُعد عاملًا حاسمًا في تحسين فرص التعافي وتقليل المخاطر طويلة المدى.

 

كلمة أخيرة

فقدان الشهية العصبي أكثر من مجرد “هوس بالنحافة”… إنه مرض نفسي معقد قد يحول حياة المصاب وأسرته إلى سلسلة من المعاناة. التوعية، الملاحظة المبكرة، والتدخل الطبي المتخصص هي الركائز الأساسية لإنقاذ الأرواح. ومهما كان الحلم بالرشاقة مشروعًا، إلا أن الصحة النفسية والجسدية يجب أن تبقى دائمًا في المقدمة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أول تحرك من النيابة ضد مروجى شائعات القبض على أحد أعضائها
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل