لقى يوسف عصام محمد (19 عامًا)، المقيم في مركز أبو تيج بأسيوط، مصرعه صباح الأربعاء داخل أرضٍ زراعية بقرية تنيدة في مركز بلاط بمحافظة الوادي الجديد.
وأفاد مصدر أمني، بأنّ فريق النجدة نقل الجثمان إلى مشرحة مستشفى الداخلة العام تحت تصرف النيابة، التي عاينت الموقع وأمرت بانتداب الأدلة الجنائية لبيان سبب الصعق بدقة.
تحقيقات أولية واستجابة أمنية
أوضح اللواء محمد حامد مدير أمن الوادي الجديد، أنّ قوة من مركز شرطة بلاط انتقلت فور البلاغ، وحرزت كابل كهرباء غير معزول عُثر عليه ملاصقًا لمجرى المياه.
وجرى تحرير محضر بالواقعة، بينما كلّفت النيابة الطب الشرعي بإعداد تقرير مفصّل عن الإصابات وحجم الحروق.
وتشير التحريات الأولية إلى أن الشاب حاول إعادة تشغيل المضخة يدويًا بعد انقطاع الكهرباء المتكرر، ما عرضه للمسّ المباشر بالأسلاك.
مخاطر الكهرباء في الحقول
وفق مهندسين بقطاع الري، تعتمد الآلاف من مزارع الوادي الجديد على مواتير غاطسة تعمل بكابلات مكشوفة، خصوصًا في الأراضي البعيدة عن الشبكات الحكومية.
وأكدت مديرية الصحة، أن تلامس المياه مع التوصيلات غير المؤمَّنة يضاعف احتمالات الصعق ثلاثة أضعاف مقارنة بالبيئة الجافة، ما يستوجب عزل الدوائر الكهربائية ورفع لوحات التشغيل عن مستوى الأرض بما لا يقل عن متر.
حوادث متكررة تدق ناقوس الخطر
لم تكن مأساة يوسف الأولى من نوعها؛ ففي نوفمبر 2024 توفي شابٌ في حي «٢٥ يناير» بمدينة الخارجة بعد هبوط حاد سببه صعق كهربائي، كما لقى عاملٌ حتفه بالعسيرات في يوليو 2024 أثناء توصيل كابل لري أرضه
وتكشف إحصائية للأمان الوظيفي أنّ 120 حادث شغل قاتل سُجّلت عام 2023، بزيادة 17% عن 2022، وكان الصعق الكهربائي بين أبرز الأسباب
دخلت الكهرباء إلى الواحات في ستينيات القرن الماضي لتحويل الزراعة التقليدية إلى الريّ بالرفع الآلي، لكن ضعف الرقابة ترك مساحات شاسعة بلا شبكات أرضية مطابقة للمواصفات. وفي أبريل 2023 رفعت مصلحة الميكانيكا والكهرباء درجة الطوارئ في محطات الري حتى نهاية الموسم الصيفي، داعيةً المزارعين إلى الالتزام بتركيب قواطع حماية وترقيم العدادات
ورغم تلك الحملات، ما زال العديد من الحقول يعتمد توصيلات اجتهادية لسد نقص التيار، ما يخلق «قنابل موقوتة» مع أول تماس.
ودعت مديرية الزراعة الأهالي إلى إخطار الفنيين قبل أي تمديد أو صيانة، مع فصل التيار كليًّا عن مواتير الغطس قبل ملامستها.
كما ناشد الأهالي السلطات تسريع مشروع «كهرباء الحقول الآمنة» الذي يستهدف تأهيل 3 آلاف بئر ومزرعة خلال عامين.
أعاد رحيل يوسف عصام – وهو في مقتبل العمر – تسليط الضوء على ثغرات السلامة في حقولنا، وذكّر بأن الكهرباء التي أحيت الأرض يمكن أن تخطف الأرواح عند أول إهمال.