في ظل التوترات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع تصاعد حدة الصراع مؤخرًا، تبرز أهمية اتخاذ تدابير حاسمة لتعزيز منظومة الأمن الغذائي، وهي المهمة التي بدأت وزارة الزراعة بالفعل في تنفيذها بشكل مكثف خلال الفترة الأخيرة.
أكد الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الوزارة كثفت جهودها خلال الفترة الأخيرة لتعزيز الأمن الغذائي المصري، في ظل التحديات الإقليمية الجارية وتداعيات الحرب الإيرانية الإسرائيلية، والتي ألقت بظلالها على سلاسل الإمداد العالمية وأسعار الغذاء.
وقال فاروق إن الوزارة اتخذت مجموعة من الإجراءات الاستباقية لضمان استقرار منظومة الغذاء في مصر، وعدم تأثرها بتقلبات الأسواق العالمية، مشددًا على أن تلك الجهود أسهمت في تأمين احتياجات المواطنين من السلع الغذائية الأساسية.
وأشار وزير الزراعة إلى استمرار انسياب حركة الصادرات والواردات الزراعية، موضحًا أن الصادرات شهدت ارتفاعًا غير مسبوق هذا العام، بفضل الجهود التي تبذلها جهات الوزارة المعنية، وعلى رأسها الإدارة المركزية للحجر الزراعي والإدارة العامة للعلاقات الزراعية الخارجية، لفتح أسواق جديدة أمام الحاصلات الزراعية المصرية، بما يسهم في زيادة الدخل القومي وتوفير العملة الصعبة.
وأوضح فاروق أن الوزارة تعمل على تنويع مناشئ الاستيراد للسلع الزراعية الاستراتيجية ومدخلات الإنتاج، من خلال اعتماد مناشئ جديدة عبر الحجر الزراعي، وذلك لتقليل الاعتماد على دول بعينها وضمان عدم تأثر السوق المحلية بأي اضطرابات خارجية، إلى جانب تعزيز المخزون الاستراتيجي بالتنسيق مع الوزارات المعنية.
وفي السياق ذاته، شدد الوزير على دعم الوزارة المتواصل للفلاح المصري، باعتباره العمود الفقري للقطاع الزراعي، مشيرًا إلى أن الدولة تواصل دعمها له عبر توفير مدخلات الإنتاج والتقاوي المعتمدة والمحسنة، بالإضافة إلى برامج التوعية والإرشاد الزراعي لتطبيق الممارسات الحديثة التي تساهم في رفع الإنتاجية وتحقيق الاستخدام الأمثل للأرض والمياه.
جهود استباقية لحماية الأمن الغذائي
وفي هذا السياق يقول الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن وزارة الزراعة كثفت من جهودها خلال الأسابيع الماضية من خلال خطة متكاملة تهدف إلى ضمان استقرار توافر السلع الأساسية وتقليل الاعتماد على الواردات في بعض المحاصيل الاستراتيجية، في وقت تتعرض فيه سلاسل الإمداد العالمية لضغوط شديدة نتيجة الصراعات المتصاعدة وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين.
وتابع صيام، أن التوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة وفول الصويا، فضلًا عن تشجيع الزراعة التعاقدية لتوفير مستلزمات الإنتاج للفلاحين بأسعار مناسبة وضمان شراء المحاصيل منهم بسعر مجزٍ كان عامل إيجابي للغاية مشيرًا إلى أن التوسع الأفقي في المشروعات الزراعية، مثل مشروع الدلتا الجديدة وتوشكى، يمثل خطوة مهمة نحو تقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
تعزيز التصنيع الزراعي وتقليل الفاقد
وفي نفس السياق شدد الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، على أهمية ما تقوم به الوزارة حاليًا من دعم مشروعات التصنيع الزراعي وتخزين المحاصيل، باعتبارها أدوات رئيسية لمواجهة تقلبات السوق والحد من الفاقد في المحاصيل فزيادة الاستثمارات في الصوامع ومراكز التعبئة والتبريد تُعد عاملاً حاسمًا لتحسين كفاءة منظومة الغذاء.
ولفت الشافعي، إلى أن التنسيق الجاري بين وزارتي الزراعة والتموين يهدف إلى تأمين احتياطي استراتيجي كافٍ من القمح والزيوت والسكر، تحسبًا لأي اضطرابات في الإمدادات العالمية وذكر أن مثل هذه التحركات توفر قدرًا من الطمأنينة للأسواق وتمنع حدوث قفزات غير مبررة في أسعار الغذاء.
وأضاف الشافعى، أن استمرار تلك الجهود وتوسيعها، إلى جانب التنسيق مع القطاع الخاص والمزارعين، يمثل صمام أمان في وجه الأزمات الإقليمية والعالمية كما شدد على ضرورة التركيز على التكنولوجيا الزراعية الحديثة وتحديث منظومات الري لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المتاحة، مشيرًا إلى أن الأمن الغذائي سيظل أحد أعمدة الأمن القومي في المرحلة المقبلة.