«الإرهابية شو».. 10 فضائح أوصلت الإخوان إلى «الحارة المزنوقة»

عاش المصريون ٣٦٥ يومًا تحت حكم الكوميديا السوداء لجماعة «الإخوان» الإرهابية، فما إن تحدث الرئيس الراحل المعزول محمد مرسى، وقيادات مكتب إرشاد جماعته، حتى تحولت كلماتهم وتصريحاتهم إلى «كوميكس» على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى، ووصلات سخرية على المقاهى والشوارع والحارات والأزقة، بعدما عكست هذه التصريحات مدى الجهل الذى سيطر على عقول قياداتها، وكشف عن مدى سطحيتهم فى تناول قضايا وملفات الدولة.

وبين جمهورية «الحارة المزنوقة» و«كام صابع بيلعبوا فى البلد» و«ما ذنب النباتات؟»، مرورًا بـ«البسوا قطونيل عشان الحر»، و«الست لازم تغسل صدرها عشان الأطفال فى الصعيد جالهم إسهال»، تنوعت تصريحات «مرسى» نفسه، ورئيس وزراء حكومته هشام قنديل، ومرشده الأعلى محمد بديع، وتسببت جميعها فى سقوط الأقنعة المزيفة للجماعة الإرهابية تدريجيًا حتى سقطت بأكملها فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، بعد أن حكمت بلدًا بحجم مصر بخطاب لا يناسب مدرسة ولا يرقى لرئاسة دولة.

لم تسقط جمهورية الجماعة لأنها فشلت فقط فى إدارة الدولة، بل لأنها سخرت من الشعب، وباعت الأوهام، وخلطت الدعوة بالحكم، والمنبر بالقرار، والخطابة بالسياسة، ليبقى حكمها نموذجًا حيًا لكيفية سقوط جمهورية حين يعلو صوت «الزفة» على صوت «الدولة».

محمد مرسى أضحك الجميع عليه بــ«فيه كام صابع بيلعب فى البلد»

منذ اللحظة الأولى لتولى محمد مرسى الرئاسة، وقفت مصر على حافة أزمة سياسية، وشارفت على انهيار كامل فى بنية الدولة، حينما امتزج العبث الرسمى بالكوميديا السوداء، واختزلت السلطة فى عبارات مرتعشة ونصائح منزلية، وعبارات غوغائية إرهابية مثل «جبنة نستو يا معفنين!».

لم يكن قصر «الاتحادية» فى عهد مرسى غرفة عمليات لحماية الوطن من الإضرابات الداخلية والتهديدات الخارجية، لكنه صار مسرحًا لتصريحات مرتبكة ومواقف عبثية، تبدأ من «ما ذنب النباتات؟»، ولا تنتهى عند «الشرعية دونها الرقاب».

فى عام واحد خلال حكم الجماعة الإرهابية، فقدت مؤسسات الدولة توازنها، وتجاهلت الجماعة الدستور والقانون، وحكمت مصر من فوق المنابر، وعبر البيانات الصادرة من مكتب إرشاد الجماعة، وبالأحرى محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر، فظنت الجماعة أنها أصبحت فوق الدولة، وأنتج مكتب إرشادها رئيسًا يحكم مصر بتصريحات يساوى عبرها بين الخاطف والمخطوف، والقاتل والضحية، والبلطجى والثائر.

فى لحظة مصيرية، وبينما الكهرباء تنقطع فى أحياء كاملة، ودماء تسفك فى محيط القصر الرئاسى، والجيش فى سيناء يفقد أبناءه، خرج «مرسى» يخاطب الشعب، فى أول أزمة تمر بها البلاد بعد توليه الحكم، قائلًا: «لازم نحضن بعض ونعدى عنق الزجاجة.. كله بالحب».

كانت هذه الجملة كافية لتكشف عن مأساة الحكم، ومدى الغياب التام للرؤية، والاكتفاء بالخطابة بدلًا من القرارات، وبدت كلمات «مرسى» وقتها كأنها مقتبسة من ندوة تنمية بشرية، وليس من خطاب وطنى فى لحظة انهيار كامل للدولة.

لم يكتف «مرسى» بالعبارة السابقة، بل مد خط الكوميديا السوداء على استقامته حينما قال: «كام واحد بيلعبوا ضد مصر فى الحارة المزنوقة.. وفيه كام صابع بيلعب فى البلد!»، وهى تصريحات لا تليق أن يطلقها من يتقلد منصب رئيس الجمهورية وتصلح فقط لمهرج فى برنامج ساخر.

ما يغيظ أن هذه التصريحات البهلوانية التى أطلقها «مرسى» خرجت فى وقت كان فيه دم الشهداء من معارضى حكم «الإخوان» يسيل بطلقات ميليشيات خيرت الشاطر، والمؤسسات مرتبكة، والاستقالات تطال مستشارى «مرسى» نفسه فى الرئاسة، والمجتمع ينقسم ويتفتت وأصبح على مشارف حرب أهلية.

كان «مرسى» يدرك منذ اللحظة الأولى من جلوسه على كرسى الرئاسة أنه مأمور من مكتب إرشاده، وليس آمرًا، لذا تجاهل أى قضية تخص الأمن القومى، خاصة حينما يصبح مُهدَدًا بالفعل، ليلتزم الصمت منتظرًا التعليمات والأوامر من مرشده، وشاطره.

فى أغسطس ٢٠١٢، استشهد ١٦ جنديًا فى رفح على يد جماعة تكفيرية، وبعدها بأشهر اُختطف ٧ جنود آخرين فى سيناء. ومع ذلك، لم يتعامل «مرسى» مع الحوادث إلا بالتصريحات الباهتة الصادرة عن مكتب إرشاد الجماعة.

ورغم أن اللواء مراد موافى، مدير المخابرات العامة آنذاك، صرح بأن الجهاز أبلغ الرئاسة بالمعلومات المسبقة حول عملية سيناء الأولى، فإن «مرسى» لم يتحرك لمواجهة تلك العمليات الإرهابية، التى على ما يبدو أنها كانت متماهية مع أفكار جماعته.

وبدلًا من الرد الفورى، أو إعلان حالة طوارئ، اكتفى «مرسى» بالصمت، ثم حاول تبرير حدوثها عبر أذرع الجماعة الإعلامية بقوله: «هناك أصابع خفية» و«مؤامرات داخلية» وراء تلك العمليات الإرهابية.

وما ذنب النباتات؟

فى ذروة الغضب الشعبى، وفى خضم اقتحام مقر الجماعة بالمقطم، خرج المرشد العام، محمد بديع، ليدين ما وصفه بالجريمة، لكنه لم يذكر الضحايا، ولا الاشتباكات، بل قال بغضب: «ما ذنب النباتات؟!».

عبارة غريبة، كانت صالحة لتكون عنوانًا لقصة قصيرة ساخرة، لكنها صدرت عن مرشد جماعة تحكم البلاد، فصارت مثار تندر وسخرية، وتحوّلت مع الوقت إلى رمز لانفصال القيادة عن الواقع، وانشغالها بما لا يهم، وتجاهلها لما يستحق الانتباه.

البسوا «قطونيل»!

مع الأزمة المتكررة لانقطاع الكهرباء، خرج رئيس وزراء حكومة «مرسى»، هشام قنديل ليقول أمام عدسات الإعلام: «البسوا ملابس قطنية خفيفة، واقعدوا فى أوضة واحدة»... كانت هذه وصفته لمواجهة الظلام. تصريح كفيل بهدم هيبة حكومة كاملة، بعدما اختزل الأزمة فى اقتراح منزلى، كأنه يبيع منتجات ترشيد استهلاك، وليس يدير دولة، ودفع النشطاء وقتها لأن يطلقوا عليه لقب «قنديل قطونيل»، وليقرر المصريون بعدها مضاعفة النكات على تصريحات «الإخوان». أما «مرسى» وجماعته فواصلوا الغياب.

أهلى وعشيرتى

فى أول ظهور له على منصة ميدان التحرير، بعد إعلان فوزه بالرئاسة، اختار محمد مرسى أن يخاطب الحشد بكلمة فئوية وليست وطنية جامعة، عندما قال: «أهلى وعشيرتى»، وهى عبارة كانت كافية لتؤكد أن الرجل القادم إلى الحكم لا يرى فى المصريين سوى فريقين: جماعته وخصومه! لم يقل «مرسى»: «أيها الشعب المصرى»، ولم يُخاطب الأمة، بل وجه خطابه للتنظيم، لتكشف الكلمة إعلان نوايا مبكرة للجماعة، مفادها بأن السلطة لن تكون للدولة، بل للجماعة، وهو ما أدى فى النهاية إلى انقسام مجتمعى كبير، ظهر جليًا كلما مرت أيام وأشهر حكم «الإخوان».

جبنة نستو يا معفنين

كانت أكثر المشاهد رمزية لسقوط الدولة تحت حكم «الإخوان»، ما حدث فى محيط قصر الاتحادية، يوم ٥ ديسمبر ٢٠١٢، حين اعتدت مجموعات من أنصار «الإخوان» على اعتصام سلمى للقوى الثورية المناهضة لحكم «مرسى»، والرافضة للإعلان الدستورى الذى أصدره فى ٢١ نوفمبر ٢٠١٢. فى مشهد وثقته الكاميرات، وقف شاب ملتحٍ، يفتخر بما غنمه من خيام المعارضين، رافعًا علبة «جبنة مثلثاث»، قبل أن يصرخ فى جملة خلدها «الكوميكس»: «جبنة نستو يا معفنين!». تحول المشهد إلى أيقونة للسخرية، فبينما كانت دماء معارضى «مرسى» تسيل، والرصاص يطلق من ميليشيات الجماعة على رءوس المتظاهرين السلميين عند قصر «الاتحادية»، كان بعض أنصار الجماعة يعتبرون سرقة طعام المعتصمين نصرًا سياسيًا، لتتحول «الجبنة النستو» إلى رمز لاختزال معركة وطنية فى تفاصيل ساذجة، وتفاهة لا تليق بـ«ثوار»، كما كان يعتقد شباب الجماعة فى أنفسهم، ولا برجال دولة وصلوا لحكم مصر فى غفلة من الزمن.

الواد عاشور بتاع الشرقية

فى واحد من أكثر التبريرات عبثية، برر «مرسى» استمرار انقطاع الكهرباء بقوله: «الواد عاشور بتاع الشرقية بياخد ٢٠ جنيه وينزل سكينة الكهربا»، تصريح أقرب للخيال الشعبى منه لبيان رئيس، فلم يُحاسب أحد وقتها، ولم يُفتح تحقيق، لكن الجميع عرف أن السلطة تسخر من عقولهم، وتبرر عجزها بالخرافات.

الشرعية دونها الرقاب

لم يكن الفشل فى إدارة الدولة هو أخطر ما شهدته مصر خلال حكم «الإخوان»، بل كان الإصرار على التهديد بالعنف باسم «الشرعية»، وهو ما عبر عنه محمد مرسى نفسه، فى خطاب شهير أمام أنصاره، منتصف عام ٢٠١٣، قال فيه بتهديد: «الشرعية دونها الرقاب!». لم تكن العبارة زلة لسان، بل كانت دعوة صريحة للاحتراب الأهلى، وهو ما اتضح جليًا فى دعوة مكتب الإرشاد إلى الحشد لمليونية تأييد بعدها بأيام قليلة.

وفى الليلة التالية، قُتل متظاهرون من معارضى «الإخوان» أمام قصر «الاتحادية»، بعضهم أحرقت جثته أمام البوابة الخلفية، تحت سمع وبصر «مرسى» وجماعته.

الست اللى مش بتغسل صدرها!

بعيدًا عن السياسة، كانت الجماعة تمارس شكلًا من أشكال الوصاية الأخلاقية السطحية، فخلال إحدى زيارات هشام قنديل إلى الصعيد، وتحديدًا محافظة بنى سويف، قال تصريحًا فى غاية الغرابة: «سبب انتشار الإسهال بين الأطفال هو أن الست مش بتغسل صدرها كويس!».

تصريح وصفه المصريون ومواطنو الصعيد تحديدًا بـ«الساذج»، ويفتقد للياقة وحسن الأدب فى التعامل مع سيدات الجنوب، قائلين بسخرية سوداء: بدلًا من الحديث عن البنية التحتية، أو تطهير المياه، يتحدث رئيس وزراء مصر عن صدور النساء!

سلامة الخاطفين والمخطوفين!

فى مايو ٢٠١٣، اُختطف ٧ جنود مصريين فى سيناء على يد جماعات تكفيرية إرهابية، فانتظر المصريون خطابًا رئاسيًا حاسمًا أو قرارًا يعيد هيبة الدولة، لكن «مرسى» فاجأ الجميع بقوله: «هدفى الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين معًا». العبارة نزلت كالصاعقة على الجميع، بعدما ساوى «مرسى» بين الجندى المختطف، والإرهابى الذى هدّد الأمن القومى، ما اعتبره البعض خيانة للجيش، وخيانة لمنطق الدولة. أثار تصريح «مرسى» غضب الشارع والقوى الثورية المناهضة للجماعة، وأسهم فى هزّ ثقة المؤسسة العسكرية فى الرئيس، وأدى لاحقًا إلى تعجيل نهاية حكم الجماعة.

جبهة الإنقاذ «فلول» والثوار «بلطجية»

اعتمد خطاب جماعة «الإخوان» على الاستقطاب، ومرجعيتهم على «من معنا فهو من أهل الجنة السياسية، ومن يعارضنا فهو فلول، أو بلطجى»، لذا حتى الثوار الذين أسقطوا «مبارك»، وفتحوا طريق وصول «مرسى» إلى الحكم، تم تخوينهم وتشويههم، بل وقتل بعضهم، مثل الحسينى أبوضيف وجابر جيكا ومحمد كريستى، ومحمد الجندى ومحمد الشافعى وأحمد نجيب، وغيرهم.

انطلقت حناجر أعضاء «الإخوان» الغوغائية فى القنوات الفضائية التابعة للجماعة لتصف شباب ثورة يناير بـ«البلطجية» لمجرد معارضتهم للتنظيم، ووصفوا «جبهة الإنقاذ» بـ«الفلول»، رغم تشكيلها من جميع فصائل المعارصة الوطنية، ليتحوّل المشهد السياسى إلى مشهد عبثى، لا يحتمل الحوار أو العقلانية، ولكنه قبل السخرية من «مرسى» وجماعته، وكان فى هذا محقًا وأكثر.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أسعار الذهب اليوم الإثنين 23-6-2025 في مصر.. آخر تحديث
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل