في مواجهة حرارة الصيف وتقلبات الجغرافيا السياسية، قررت مصر ألا تترك أمنها الطاقوي للصدفة، فوسط التحديات العالمية ووسط صراع الطاقة المتزايد، تُبحر سفن عملاقة لا تحمل سلاحًا، بل طاقةً تنقذ الشبكة الكهربائية من الانهيار، وتعيد الأمل في استقرارٍ طال انتظاره.
تشغيل 4 سفن تغويز بطاقة 2.25 مليار قدم مكعب يوميًا قبل أغسطس 2025
سفن «التغويز» ليست مجرد ناقلات عائمة، بل هي صمام أمان لأمة تتطلع إلى الاستقلال الطاقوي، وخطة بديلة في ظل الانقطاعات وتعليق الإمدادات من الشمال والشرق، وفي قلب هذه الاستراتيجية، تتحرك الدولة بأقصى سرعة لتجهيز وتشغيل أربع سفن بحلول أغسطس 2025، في معركة لا تقل أهمية عن أي مواجهة عسكرية.
مدبولي يتفقد «Energos Eskimo» ضمن خطة تعزيز أمن الطاقة
في سياق حراك استباقي لضمان أمن إمدادات الطاقة، أجرت الحكومة المصرية سلسلة من الخطوات الاستراتيجية لتعويض النقص في الغاز الطبيعي، وعلى رأسها تدشين وتشغيل أربع سفن متخصصة في إعادة تغويز الغاز الطبيعي المسال، ضمن خطة طوارئ موسعة تستهدف تأمين احتياجات الكهرباء خلال فترات الذروة الصيفية.
خطوات استباقية لمواجهة نقص الغاز بعد توقف الإمدادات من إسرائيل
بدأت هذه الخطوات بجولة تفقدية لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي بميناء العين السخنة، حيث اطلع على تجهيزات سفينة "Energos Eskimo"، ثاني سفن التغويز بعد "Hoegh Galleon"، ضمن خطة تشغيل 4 سفن لتعويض الفجوة في الإمدادات الناتجة عن توقف تدفق الغاز من إسرائيل بسبب النزاع المسلح في المنطقة.
وأكد وزير البترول كريم بدوي أن السفن الأربع ستدخل الخدمة تباعًا حتى أغسطس 2025، بطاقة إجمالية تصل إلى 2.25 مليار قدم مكعب يوميًا، وهو ما يُمثل نقلة كبيرة في تأمين مصادر الغاز للمصانع ومحطات الكهرباء، وتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية.
وأشار الوزير إلى أن الوزارة سارعت منذ العام الماضي إلى تنويع مصادر الاستيراد عبر تفاهمات سياسية وتجارية مع دول مثل الأردن وألمانيا، مشيرًا إلى تجهيز أرصفة متخصصة بموانئ سوميد وسونكر لاستقبال السفن، فضلًا عن ذراعي تحميل وخطوط لربط الغاز بالشبكة القومية.
ويجري في الوقت الحالي الانتهاء من الأعمال الفنية لسفينتي تغويز إضافيتين، لتكونا جاهزتين للعمل بجانب السفينة العاملة حاليًا في ميناء سوميد، في حين أن السفينة الرابعة ستتمركز في ميناء العقبة ضمن اتفاقيات التعاون مع الأردن، خاصة في حالات الطوارئ.
وبجانب هذه الجهود، أوضح الوزير أن الحكومة ستعود مجددًا إلى سياسة التحوط من تقلبات أسعار النفط بعد توقف مؤقت، كما تواصل مصر دفع مستحقات الشركاء وتشجيع الاستثمار في الاستكشاف والإنتاج المحلي، لتعزيز الإنتاج وتعويض التناقص الطبيعي في الآبار.
سفن التغويز، التي تُعد تكنولوجيا متقدمة لتحويل الغاز المسال إلى غاز جاهز للاستهلاك، تُستخدم كحل استراتيجي يسمح بنقل الغاز في صورته السائلة وتغويزه في الموانئ، مما يقلل الاعتماد على خطوط أنابيب محددة، ويوفر مرونة في استقبال الغاز من مصادر متعددة.