تمثل مرحلة الثانوية العامة في مصر إحدى أهم المراحل التعليمية في حياة الطالب، بل قد تُعد الأهم على الإطلاق، لما لها من تأثير مباشر على مستقبله الجامعي والمهني، إنها ليست مجرد اختبارات تُقاس بها درجات التحصيل، بل هي تجربة متكاملة من الضغوط النفسية، والتحديات الدراسية، والتعاملات الأسرية، التي تتطلب من الطالب وأسرته ومعلميه وبيئته المحيطة تعاونًا حقيقيًا ووعيًا عميقًا.
ومن هذا المنطلق، وجه الدكتور مجدي حمزة، الخبير التربوي، مجموعة من الرسائل الهامة إلى الأطراف الرئيسية في هذه المنظومة وهم: الطلاب، وأولياء الأمور، والمعلمين والمراقبين، وذلك لمساعدتهم على اجتياز هذه المرحلة بأقل قدر من التوتر، وبأعلى قدر من النجاح.
حل النماذج الاسترشادية
ينصح الدكتور مجدي حمزة طلاب الثانوية العامة بالتركيز خلال هذه الفترة على حل أكبر عدد ممكن من نماذج الامتحانات، لا سيما النماذج الاسترشادية التي وفرتها وزارة التربية والتعليم، إذ أنها مصممة على نفس نمط الأسئلة الرسمية، وتُعد مرآة حقيقية لما سيواجهه الطالب في لجان الامتحانات.
ويشير إلى أن جدول امتحانات هذا العام يمنح الطلاب فرصة ذهبية للمراجعة الجيدة، حيث توجد فواصل زمنية مناسبة بين المواد—تصل في بعض الأحيان إلى يومين أو أكثر، بل إن الفاصل بين اللغة العربية واللغة الأجنبية الثانية يبلغ حوالي أربعة أيام ونصف، وهو وقت كافٍ للمراجعة الفعالة وحل مزيد من النماذج.
لا تُرهق نفسك بمراجعة المنهج كاملًا
يحذر الدكتور حمزة من خطأ شائع يقع فيه كثير من الطلاب، وهو محاولة مراجعة المنهج بأكمله قبل كل امتحان. ويؤكد أن هذا النهج يؤدي إلى إرهاق ذهني شديد وضعف في التركيز، خصوصًا في الأيام الحاسمة. ويقترح بدلًا من ذلك أن يركز الطالب على حل الامتحانات والنماذج بشكل مكثف، مع مراجعة النقاط التي أخطأ بها أو لا يفهمها بشكل كافي فقط.
التنظيم مفتاح النجاح.. لا للسهر والمشتتات
يشدد الخبير التربوي على ضرورة الابتعاد عن السهر، مؤكدًا أن السهر "عدو النجاح والتفوق"، وأن النوم الجيد قبل الامتحان أهم من ساعات مذاكرة متواصلة بلا تركيز. ويوصي بأن ينام الطالب مبكرًأ، ليستيقظ نشيطًا ومستعدًا للامتحان، محذرًا من المنبهات مثل الشاي والقهوة والمشروبات التي تبقي العقل في حالة استنفار، ويطالب بالابتعاد عنها تمامًا، خاصة في الأيام السابقة للامتحانات.
ويُعد الهاتف المحمول والتلفاز من أبرز المشتتات التي يجب تجنبها خلال هذه الفترة، إلا إذا كان استخدام الهاتف لغرض تعليمي مثل حل النماذج. كما ينصح بالابتعاد عن متابعة مباريات كرة القدم وأخبارها، خصوصًا كأس العالم للأندية، والاكتفاء بمشاهدة بجزء بسيط جدًا للترفيه إن لزم الأمر.
جدول مذاكرة واقعي وبسيط
يدعو الدكتور مجدي حمزة الطلاب إلى وضع جدول بسيط وواقعي للمذاكرة، يتناسب مع قدرات الطلاب واستعدادهم الحالي. ويقترح أن يكون الجدول يوميًا بمعدل عشر ساعات، منها سبع ساعات لحل النماذج، وثلاث ساعات لمراجعة الأجزاء غير المفهومة، مع تخصيص فترات للراحة والنوم والترويح عن النفس.
وينبه إلى أهمية الاستعانة بالأسرة في هذه المرحلة، خاصة عند مراجعة الأجزاء الصعبة، رغم ما قد يشعر به بعض الطلاب في سن المراهقة من رغبة في الاستقلالية.
ربط المذاكرة بالصلاة والروحانية
يحث الدكتور مجدي حمزة الطلاب على الاقتراب من الله خلال هذه الفترة، مشيرًا إلى أن قراءة القرآن والصلاة تبعث في النفس الطمأنينة وتعزز التركيز الذهني. ويوصي بربط مواعيد المذاكرة بأوقات الصلاة، بحيث تُقسم فترات الاستذكار ما بين الفجر والظهر، ثم العصر والمساء، وبينهما راحات قصيرة، ناصحًا الطلاب ببدء المذاكرة بقراءة القرآن ثم انهائها بالفعل نفسه قائلًا "ما بين القرآنين لا ينسى".
رسائل إلى أولياء الأمور
يوجه الدكتور حمزة نداءً هامًا لأولياء الأمور قائلًا: "رجاءً، تحلّوا بالهدوء في هذه المرحلة، فابنك أهم مليون مرة من الامتحان نفسه."
ويشدد على أن الصراخ والضغط النفسي لن يُجديا نفعًا، بل يجب أن يتحول المنزل إلى بيئة داعمة وهادئة، وأن يدرك الأهل أن الطالب يمر بمرحلة ضغط شديد تتطلب التفهم والدعم النفسي وليس التوبيخ واللوم، مطالبًا بتجنب الخلافات الزوجية والمشاكل الأسرية خلال هذه الفترة، لما لها من أثر نفسي مدمر على الطالب.
التغذية الصحية والراحة النفسية
يشير الدكتور حمزة إلى دور الأسرة في توفير طعام صحي ومتوازن للطالب، وتجنب الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، والتركيز على الأطعمة التي تدعم التركيز مثل العسل والمكسرات الطبيعية والعصائر الطازجة. كما يشدد على أهمية الهدوء النفسي والاستقرار العائلي في تعزيز قدرة الطالب على التركيز والاستيعاب.
دور المعلمين والمراقبين
وأخيرًا، يؤكد الدكتور حمزة أن دور المعلم لا يتوقف بانتهاء الحصة الدراسية، بل يجب أن يكون متاحًا للطلاب خلال فترات المراجعة، للرد على أسئلتهم واستفساراتهم.
كما يوجه رسالة إلى المراقبين في اللجان بضرورة التعامل بلطف واحترام مع الطلاب، وتجنب التوتر الزائد أو الأسلوب غير اللائق، داعيًا وزارة التربية والتعليم إلى تنظيم ورش عمل تدريبية للمراقبين حول فنون التعامل النفسي والتربوي داخل اللجان، لضمان بيئة امتحانية هادئة وعادلة.