محللون عرب: تنفيذ إيران عمليات ردع نوعية ضد إسرائيل يدخلها المفاوضات من منطق القوة

 

أكد خبراء سياسيون أن إيران اتجهت إلى توسيع قائمة أهدافها فى إسرائيل من خلال استهداف مواقع بحثية وعسكرية فى العمق الإسرائيلى، واستخدام صواريخ جديدة متعددة الرءوس وذات تقنيات دقيقة.

وقال الكاتب والمحلل السياسى اللبنانى، على ضاحى، إن الضربات الصاروخية الإيرانية الأخيرة، خاصة تلك التى استهدفت مواقع استراتيجية فى بئر السبع، تؤكد انتقال طهران إلى مرحلة «الرد النوعى» فى مواجهة التصعيد الإسرائيلى، مشددًا على أن إيران باتت تستخدم صواريخ متطورة تفلت من أنظمة الاعتراض وتحقق أهدافًا مباشرة.

وأضاف «ضاحى» أن استهداف مواقع بحثية وعسكرية فى العمق الإسرائيلى، واستخدام صواريخ جديدة متعددة الرءوس وتقنيات دقيقة، يعكس تطورًا واضحًا فى الأداء العسكرى الإيرانى، كما يشير إلى أن إيران تمتص الهجمات وترد عليها بشكل تصاعدى ومدروس، ما يلحق ضررًا بالغًا بالبنية التحتية الأمنية والعسكرية للاحتلال.

وأشار إلى أن استمرار التصعيد ترافقه تحركات دبلوماسية لافتة، منها محاولات أوروبية جارية فى جنيف لإطلاق مسار تفاوضى يهدف إلى احتواء المواجهة، فى ظل عجز واضح من جانب إسرائيل عن تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، منوهًا بأن إيران ستدخل أى مفاوضات من موقع القوة، وليس من منطلق الانكسار أو التراجع.

وتابع: «إيران أوضحت، عبر تصريحات وزير خارجيتها عباس عراقجى، أنها تلقت رسائل أمريكية غير معلنة لاستئناف التفاوض، لكنها رفضت أى حوار فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى، وتمسكت بشروط واضحة، على رأسها وقف الغارات ومحاسبة من يقف وراء الجرائم».

ورأى أن إسرائيل فشلت حتى اللحظة فى تقويض قدرات إيران النووية أو الصاروخية، وأن طهران تمكنت من فرض معادلة ردع جديدة، مؤكدة قدرتها على إيذاء العمق الإسرائيلى سياسيًا وعسكريًا، رغم التفوق التكنولوجى المفترض لدى الاحتلال.

وحول التلويح الأمريكى بخيار عسكرى، خاصة بعد تصريحات الرئيس دونالد ترامب بشأن مهلة تمتد لأسبوعين لتقييم الموقف، أشار «ضاحى» إلى أن هذا السيناريو قد لا يكون جديًا، بل يدخل فى إطار الضغط السياسى والتضليل، لافتًا إلى أن تجارب سابقة أثبتت أن واشنطن تعلن نوايا تفاوضية بينما تدعم ميدانيًا تصعيدًا ضد إيران.

وحذر من أن أى تدخل أمريكى مباشر سيعنى توسع دائرة الحرب إقليميًا ودوليًا، مؤكدًا أن إيران تمتلك أوراق قوة استراتيجية، منها السيطرة على مضيق «هرمز» و«بحر قزوين»، وقدرتها على التأثير فى خطوط إمداد الطاقة إلى أوروبا وأمريكا، فضلًا عن امتلاكها منظومة صاروخية متطورة قادرة على استهداف قواعد أمريكية فى المنطقة.

واختتم «ضاحى» بالقول إن «الميدان لا يزال مفتوحًا على جميع الاحتمالات، لكن الواضح حتى الآن أن إيران تحافظ على تماسكها الداخلى، وعلى ثقتها بقدرتها الردعية، ما يجعل من أى مغامرة عسكرية ضدها خيارًا بالغ الخطورة، لن تحمد عواقبه».

وحول تطورات المواجهة بين إيران وإسرائيل، قال الباحث السياسى الأردنى خالد شنيكات، إن المنطقة دخلت مرحلة غير مسبوقة من التوتر، باتت فيها كل السيناريوهات مفتوحة، بما فى ذلك توازن الردع أو استنزاف الطرف الأضعف، وسط مؤشرات متزايدة على تعقيد المسار العسكرى والسياسى للصراع.

وأشار «شنيكات» إلى أن هناك عدة سيناريوهات رئيسية يمكن أن ترسم مسار المرحلة المقبلة، أولها أن تقبل إسرائيل بوقف إطلاق النار ضمن تسوية شاملة تحقق لها مكاسب نوعية، أبرزها مراقبة البرنامج النووى الإيرانى، ووقف تطوير البرنامج الصاروخى، إلى جانب وضع قيود على سلوك طهران الإقليمى، منبهًا إلى أن تحقق هذا السيناريو يعتمد على كثافة القصف الإسرائيلى ومدى تدخل الولايات المتحدة عسكريًا أو سياسيًا لدعم هذا التوجه.

أما السيناريو الثانى فرأى أنه يتمثل فى استمرار المواجهة لفترة طويلة، وهو ما من شأنه أن يضعف الموقف الإسرائيلى بمرور الوقت، نظرًا لأن إيران- وفق تقديره– تملك قدرة تحمل أطول، وقدرة على المناورة السياسية والعسكرية بشكل أوسع، وفى هذا الإطار، قد تضطر إسرائيل لاحقًا إلى قبول حلول تراعى المصالح الإيرانية، بما فى ذلك الإبقاء على التخصيب داخل الأراضى الإيرانية.

وأكمل: «فى حال استمرت المواجهة بوتيرة عالية دون حسم، يبرز سيناريو التوازن القائم على الاقتناع المشترك بضرورة التهدئة، أى أن يصل الطرفان إلى قناعة بأن الاستمرار فى الحرب لن يحقق أهدافًا حاسمة، وهو ما قد يفضى إلى تسوية متبادلة تحفظ ماء وجه كل طرف، وتحقق الحد الأدنى من مطالبه».

وتابع: «هناك احتمال رابع بالغ الحساسية، يتمثل فى تكبد إسرائيل خسائر استراتيجية كبيرة، خاصة مع تعرض مراكز علمية وتكنولوجية حساسة للقصف، وتعطل الحياة الاقتصادية. فقد تعطلت حركة الطيران فى مطار بن غوريون، وتوقفت السياحة، كما تأثرت موانئ الشحن مثل ميناء حيفا، وهو ما يضع إسرائيل- بحسب تعبيره- تحت نوع من الحصار الداخلى».

ورأى أن استمرار هذا الوضع قد يؤدى إلى أزمة داخلية عميقة داخل إسرائيل، قد تفضى إلى تفكك الائتلاف الحكومى، أو حتى إجراء انتخابات مبكرة، فى ظل تراجع شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعجز حكومته عن فرض السيطرة، أو تقديم ضمانات أمنية للمجتمع الإسرائيلى.

وقال إن السيناريو الأخطر على إسرائيل يتمثل فى تحول المواجهة إلى حرب استنزاف شاملة، مشيرًا إلى أن التاريخ يعيد نفسه، كما جرى عقب نكسة يونيو ١٩٦٧، حين شنت مصر حرب استنزاف أجبرت إسرائيل على التراجع قبل أن تندلع حرب أكتوبر المجيدة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الهلال الأحمر تزود المستفيدين من برامجها فى العريش بحقائب صيانة
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل