
من قلب الأوبرا العالمية إلى روح المسرح المصري، تعود " كارمن "، تلك المرأة التي لا ترضى بالقيد، إلى الجمهور في عرض مسرحي جديد يحمل توقيع المخرج الكبير ناصر عبد المنعم، وبرؤية معاصرة تغوص في أعماق النفس البشرية، يعيد المخرج تشكيل الحكاية التي ألهمت العالم لسنوات، ليُشعل من خلالها أسئلة كبرى عن الحب، والسيطرة، والتمرد، والكرامة.. فكانت "كارمن" ليست مجرد بطلة.. إنما هي إحساس دائم بالحُلم، وصراع لا ينتهي بين القلب والعقل، بين من يريد أن يملك، ومن يريد أن يطير.
وفي هذا السياق، أجرت البوابة نيوز حوارًا مع المخرج المسرحي الكبير ناصر عبد المنعم حول رؤيته لهذا العمل المسرحي، فجاء الحوار كالتالي:

في البداية.. ما الذي دفعك لاختيار "كارمن" تحديدًا لتقديمها على خشبة المسرح؟
لأن "كارمن" تحمل في طياتها حكاية إنسانية خالدة. إنها ليست مجرد قصة حب وانفعال، بل هي صراع عميق بين الحرية والامتلاك، بين إرادة المرأة واستحواذ الرجل. وجدت في هذا النص فرصة لإعادة طرح تلك الأسئلة الوجودية من منظور معاصر يلامس وجدان جمهورنا اليوم.
كيف تعاملت مع النص الأصلي؟ وهل قمت بإجراء أي تعديلات في المعالجة الدرامية؟
بالطبع كان هناك تدخل درامي في المعالجة، لكنني لم أتعامل مع النص بوصفه مادة مقدسة، بل احترمت روحه وجوهره. حافظت على الخط الرئيسي للحكاية، لكنني قدمتها من زاوية درامية جديدة تُبرز التوترات النفسية بين الشخصيات، وتعكس أبعادًا أعمق في العلاقات الإنسانية.
وماذا عن اختيار فريق العمل؟ هل استعنت بنجوم معروفين؟
على العكس تمامًا، اعتمدت على مجموعة من الشباب الموهوبين الذين يمتلكون شغفًا حقيقيًا بالمسرح. كنت حريصًا على أن يدرك كل ممثل أبعاد الشخصية التي يجسدها، ليس فقط من حيث الأداء، بل أيضًا من حيث الإحساس والتعبير الجسدي والانفعالي.
كيف تصف رؤيتك الإخراجية لهذا العرض؟
رؤيتي الإخراجية قائمة على البساطة دون الوقوع في فخ السطحية. اعتمدت على حركة الممثلين، والتكوينات البصرية، والإضاءة، لنقل الصراع الداخلي بصدق دون إثقال بصري. كنت أهدف إلى إبراز المشاعر والانفعالات الحقيقية بدلًا من التركيز على الإبهار أو الزخرفة المسرحية.
وما هي الرسالة الأساسية التي تود إيصالها من خلال هذا العرض؟
أن الحرية ليست دائمًا حلمًا ورديًا. في بعض الأحيان، تكون مؤلمة، وتُكلّف الإنسان أثمانًا باهظة. "كارمن" تجسد هذه الفكرة بوضوح. فهي ليست ملاكًا، لكنها امرأة قررت أن تعيش بشروطها الخاصة، ودفعت ثمن تلك الحرية دون ندم.