هذا تقرير عما يُرجح حدوثه فى إيران، ربما فى أقرب وقت ممكن هذا الأسبوع، وفقًا لمصادر إسرائيلية مطلعة، ومسئولين أمريكيين اعتمدت عليهم لعدة عقود. ويتضمن ذلك قصفًا أمريكيًا كثيفًا. وقد تحققت من صحة هذا التقرير مع مسئول أمريكى مخضرم فى واشنطن، قال لى: «إن كل شىء سيكون تحت السيطرة إذا ما رحل المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى». غير أن الكيفية التى قد يحدث بها ذلك، إن لم تكن عن طريق اغتياله، غير معروفة. لقد دار الكثير من الحديث عن القوة النارية الأمريكية والأهداف داخل إيران، لكن ما لم ألحظه هو التفكير العملى بشأن كيفية التخلص من زعيم دينى يحظى بتقديس كبير، ويتبعه جمهور واسع.
لقد كتبت منذ عقود عن السياسة النووية والخارجية لإسرائيل من بُعد. فى كتابى الصادر عام ١٩٩١ بعنوان «الخيار شمشون»، رويت قصة تصنيع القنبلة النووية الإسرائيلية واستعداد أمريكا لإبقاء المشروع سريًا. السؤال الأهم الذى لم تتم الإجابة عنه فى الوضع الحالى هو: كيف سيكون رد فعل العالم، بما فى ذلك فلاديمير بوتين، الرئيس الروسى، الذى يُعد حليفًا لقادة إيران؟
تظل الولايات المتحدة الحليف الأهم لإسرائيل، رغم أن كثيرين هنا، وفى أنحاء العالم، يمقتون استمرار حرب إسرائيل الدموية فى غزة. وتدعم إدارة ترامب بالكامل خطة إسرائيل الحالية للتخلص من أى أثر لبرنامج نووى عسكرى إيرانى، مع الأمل فى أن يسقط النظام الذى يقوده رجال الدين فى طهران.
قيل لى إن البيت الأبيض وافق على حملة قصف شامل فى إيران، لكن الأهداف النهائية، وهى أجهزة الطرد المركزى المدفونة على عمق لا يقل عن ٨٠ مترًا تحت الأرض فى منشأة فوردو، لن تُستهدف- حتى لحظة كتابة هذا التقرير- إلا فى عطلة نهاية الأسبوع. هذا التأجيل جاء بناءً على إصرار ترامب، الذى يرغب فى أن يتزامن وقع الصدمة الناتجة عن القصف مع افتتاح التداول فى بورصة وول ستريت صباح الإثنين لتقليل الأثر. «ترامب أنكر فى منشور على وسائل التواصل تقريرًا لصحيفة وول ستريت جورنال أشار إلى أنه اتخذ قرار الهجوم على إيران، قائلًا إنه لم يحسم مسار التحرك بعد».
منشأة فوردو تضم الغالبية المتبقية من أجهزة الطرد المركزى الإيرانية الأكثر تقدمًا، التى أنتجت- وفقًا لتقارير حديثة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإيران عضو فيها- نحو ٩٠٠ رطل من اليورانيوم المخصب بنسبة ٦٠٪، وهى نسبة قريبة من المستوى المستخدم فى الأسلحة النووية.
الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران لم تحاول تدمير أجهزة الطرد المركزى فى فوردو، لأنها مدفونة بعمق شديد. لكن تقرر، حتى يوم الأربعاء، أن تبدأ قاذفات أمريكية مجهّزة بقنابل خارقة للتحصينات قادرة على اختراق هذا العمق، بقصف منشأة فوردو فى عطلة نهاية الأسبوع.
ويمنح هذا التأجيل وقتًا للأصول العسكرية الأمريكية المنتشرة فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط- حيث يوجد أكثر من عشرين قاعدة جوية وميناء بحرى أمريكى- للاستعداد للرد الإيرانى المحتمل. الافتراض السائد أن إيران لا تزال تمتلك قدرات صاروخية وجوية ستدرج ضمن أهداف القصف الأمريكى. قال لى أحد المسئولين المطلعين اليوم: «هذه فرصة للتخلص من هذا النظام مرة واحدة وإلى الأبد، ولذلك فليكن الهجوم واسع النطاق»، وأضاف: «لكنه لن يكون قصفًا شاملًا عشوائيا».
كما ستشمل الضربات الجديدة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أهدافًا أخرى، منها قواعد الحرس الثورى الإيرانى، الذى وقف ضد المعارضين للنظام الثورى منذ الإطاحة العنيفة بشاه إيران فى أوائل ١٩٧٩.
وتأمل القيادة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فى أن يُفضى القصف إلى «خلق ظروف لانتفاضة» ضد النظام الإيرانى الحالى، الذى أظهر قمعًا شديدًا لأى تحدٍ للسلطة الدينية وفتاواها. وستُستهدف مراكز للشرطة فى إيران، إلى جانب مكاتب حكومية تحتوى على ملفات خاصة بالمشتبه بهم فى المعارضة.
ويبدو أن الإسرائيليين يأملون- أو هكذا قيل لى- أن يفر خامنئى من البلاد وألا يصمد حتى النهاية. أُبلغت بأن طائرته الخاصة غادرت مطار طهران متوجهة إلى عُمان فجر الأربعاء، رفقة طائرتين مقاتلتين، لكن لا يُعرف إن كان هو على متنها.
ثلث سكان إيران فقط من الفرس، من أصل ٩٠ مليون نسمة. وتضم الأقليات الأخرى الأذريين- كثير منهم على صلة سرية طويلة بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية- والأكراد، والعرب، والبلوش. كما توجد أقلية يهودية صغيرة «أذربيجان تحتضن قاعدة سرية ضخمة لوكالة الاستخبارات الأمريكية تُستخدم فى عمليات داخل إيران».
قيل لى إن فكرة إعادة نجل الشاه، الذى يعيش فى المنفى قرب واشنطن، لم تُطرح أبدًا بشكل جدى لدى المخططين الأمريكيين والإسرائيليين. لكن جرى حديث داخل فريق التخطيط فى البيت الأبيض، الذى يضم نائب الرئيس جاى دى فانس، حول تنصيب زعيم دينى معتدل لقيادة البلاد إذا ما أُطيح بخامنئى. غير أن الإسرائيليين اعترضوا بشدة على ذلك. وقال المسئول الأمريكى المخضرم: «لا يهتمون بالدين على الإطلاق، بل يريدون دمية سياسية للسيطرة»، مضيفًا: «نحن منقسمون مع الإسرائيليين بشأن هذا. النتيجة ستكون عداء دائمًا وصراعًا مستقبليًا بلا نهاية، وبيبى (نتنياهو) يائس فى جر أمريكا لتكون حليفتهم ضد كل ما هو مسلم، مستخدمًا معاناة المواطنين كطُعم دعائى».
وتأمل الأوساط الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية، كما قيل لى، أن تنخرط عناصر من المجتمع الأذرى فى انتفاضة شعبية ضد النظام الحاكم، إذا تطورت خلال استمرار القصف الإسرائيلى. كما يُرجّح أن ينضم بعض عناصر الحرس الثورى إلى ما وُصف لى بأنه «انتفاضة ديمقراطية ضد رجال الدين»، وهو طموح أمريكى قديم. وأُشير إلى إسقاط بشار الأسد المفاجئ كاحتمال نموذجى، رغم أن سقوط الأسد أتى بعد حرب أهلية طويلة.
ومن الممكن أن تُفضى الحملة الجوية الإسرائيلية والأمريكية إلى دخول إيران فى حالة من الفشل الدائم، كما حدث بعد التدخل الغربى فى ليبيا عام ٢٠١١، الذى انتهى بمقتل العقيد معمر القذافى بوحشية، بعدما حافظ لعقود على توازن القبائل المختلفة هناك. أما مستقبل سوريا والعراق ولبنان- وهى دول تعرضت لهجمات خارجية متكررة- فلا يزال غامضًا.
من الواضح أن دونالد ترامب يسعى إلى تحقيق نصر دولى يمكنه تسويقه انتخابيًا. ولتحقيق ذلك، يجرّ هو ونتنياهو أمريكا إلى أماكن لم تذهب إليها من قبل.