لليوم الثالث على التوالي، تتواصل في بلدة سنجل، شمال رام الله، جريمة تُقترف على مرأى العالم وصمته، حيث يواصل المستعمرون الإسرائيليون، وتحت حماية مباشرة من جيش الاحتلال، أعمال التجريف واقتلاع أشجار الزيتون المعمّرة، في واحدة من أكثر الهجمات فظاعة على التراب الفلسطيني والذاكرة الزراعية الممتدة من العهد الروماني حتى اليوم.
بحسب ما أفاد به الناشط عايد غفري، فقد امتدت أعمال التجريف لتطال نحو عشرة دونمات من أراضي البلدة، على طول يقارب 1200 متر، وبعمق يتراوح ما بين 10 إلى 15 مترًا، في مناطق متعددة أبرزها: النامورة، وشعب النمر، وحي المزيرعة، الواقعة جميعها بمحاذاة شارع رام الله–نابلس القديم. وفي ظل هذا التوسع، تم اقتلاع عدد كبير من أشجار الزيتون، بعضها ضارب بجذوره في أعماق الأرض منذ العصر الروماني، شاهدة على ألفي عام من الصمود والتاريخ.
وأشار غفري إلى أن المستعمرين لا يكتفون بالاقتلاع، بل يتعمدون تدمير جذوع الأشجار وإتلافها بالكامل قبل نزعها من الأرض، في محاولة خبيثة لمنع السكان من إعادة زراعتها، وكأنهم لا يقتلعون فقط شجرة، بل يقطعون شريان حياة، ويخنقون حلمًا أخضر بالعودة والاستمرار.
جرائم مستمرة
تأتي هذه الهجمة بعد أن شرع المستعمرون، يوم الثلاثاء الماضي، بإقامة بؤرة استيطانية جديدة في منطقة جبل التل، الواقعة جنوب سنجل، من خلال نصب غرف خشبية، في خطوة تؤكد اتساع المشروع الاستيطاني نحو أراضي البلدة.
ولم تكن هذه المرة الأولى، إذ سبقتها اقتحامات متكررة للمنطقة الأثرية نفسها، حيث نصب المستعمرون خيامًا استعمارية في محاولات متكررة لفرض وجود دائم.
وتترافق هذه الاعتداءات مع سياسات مصادرة منظمة تتبناها سلطات الاحتلال. ففي العشرين من أغسطس الماضي، أُعلن عن "أمر عسكري" جديد يقضي بالاستيلاء على أراضٍ إضافية بغرض تعديل مسار السياج الشائك المزمع إقامته بمحاذاة بلدتي ترمسعيا وسنجل، في خطوة تقطع أوصال الأرض وتغلق الطريق بين المزارعين وأراضيهم.
وكان الاحتلال قد أخطر أيضًا، في فبراير الماضي، بالاستيلاء على 29 دونمًا أخرى من أراضي البلدتين لنفس الغرض، أي إقامة سياج يحرم الأهالي من الوصول إلى الشارع الرئيسي، ويفصلهم قسرًا عن أراضيهم الواقعة خلف السياج، بما يعني عمليًا عزلهم عن مورد رزقهم وعن جذورهم التي لا تزال تنبض في جذوع الزيتون، وفي حجارة الأرض.