أكدت مساعد وزيرة البيئة للتنسيق وتطبيق السياسات البيئية، الدكتورة شيرين فكري، أن مصر لديها التزام نحو نهج الصحة الواحدة؛ حيث تم الإعلان عن الخطة التنفيذية للصحة الواحدة (2024-2027) التي تعد تتويجًا للجهود المصرية المبذولة لتفعيل "الإطار الاستراتيجي القومي للصحة الواحدة" الذي تم الإعلان عنه في أبريل 2023، وتهدف هذه الخطة التنفيذية إلى ترجمة أهداف الإطار الاستراتيجي إلى إجراءات عملية وملموسة على أرض الواقع، من خلال تعزيز التعاون والتنسيق الفعال بين مختلف القطاعات المعنية.
الصحة الواحدة
جاء ذلك خلال مشاركة وزارة البيئة بمؤتمر"الصحة الواحدة.. مستقبل واحد" والذي عقد بدولة تونس، ويهدف إلى التأكيد على التزام الدول العربية والمنظمات الدولية بتعزيز نهج "الصحة الواحدة" كوسيلة فعالة لمواجهة التهديدات الصحية المشتركة التي تشمل الإنسان والحيوان والبيئة، وأن التعاون بين القطاعات المختلفة هو السبيل لمواجهة التحديات الصحية المستجدة، مثل الأمراض المشتركة، وتغير المناخ، ومقاومة مضادات الميكروبات.
وذلك بمشاركة الدكتورة شيرين فكري مساعد وزيرة البيئة للتنسيق وتطبيق السياسات البيئية، وبحضور مصطفى الفرجاني، وزير الصحة التونسي، وعز الدين بن الشيخ وزير الزراعة التونسي، والحبيب عبيد وزير البيئة التونسي، وممثلي عدد من المنظمات الدولية والإقليمية، والبنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وصندوق مكافحة الأوبئة، ووكالة الإمارات للتنمية الدولية، وشبكة شرق المتوسط للصحة العامة.
وأوضحت أن الإطار الاستراتيجي للصحة الواحدة (2023-2027) الذي أعدته مصر جاء انطلاقًا من الإيمان العميق بترابط صحة الإنسان والحيوان والبيئة، وقد تم تطوير هذا الإطار الاستراتيجي من خلال تعاون وثيق بين وزارات الصحة، والسكان، والزراعة، والبيئة، بهدف تعزيز التنسيق بين القطاعات، وبناء القدرات الوطنية، وتحسين الجاهزية والاستجابة للمخاطر الصحية المشتركة مثل الأمراض الحيوانية المنشأ، ومقاومة مضادات الميكروبات.
وأشارت الدكتورة شيرين فكري، إلى أن هذا الحدث يكتسب أهمية خاصة وضرورة ملحة نظرًا لمعاناة العالم المتقدم والنامي على السواء من الآثار التي قد تترتب عن التغيرات المستمرة في هذا الملف الهام؛ لما له من ترابط بين جميع القطاعات والمؤثرات المباشرة وغير المباشرة على الصحة، حيث ترتكز خطوات مواجهة هذه الظاهرة وتداعياتها على عدد من المحاور مثل تعزيز مرونة النظم الوطنية بما فيها الأوبئة والأمن الصحي، وكذا استخدام التقنيات النظيفة بجميع القطاعات، والتوجه والمساعي الدولية التي تستهدف التحول للاقتصاد الأخضر والنمو الأخضر، مشيرة الى أن مسار النمو الأخضر للخروج من الأزمة مهم للعالم عمومًا ولمنطقتنا العربية، لذلك فان المؤتمر يعد منصة مثالية لمشاركة الأفكار مما يسمح بالشراكات بين القطاعات المختلفة.
وأوضحت مساعد وزيرة البيئة، أن مصر تولى قطاعات الصحة والبيئة أهمية كبرى من خلال تنفيذ العديد من المبادرات الداعمة في هذا المجال، والذي تشارك به جميع الوزارات والجهات المعنية حيث توجهت نحو الاهتمام بهذا النوع من الاقتصاد كأحد السبل المهمة والرئيسية في خطط التنمية الشاملة التي تجري على أرض الوطن، وذلك من خلال عدة محاور تضمنت تحقيق متطلبات التنمية المستدامة من خلال حماية الموارد الطبيعية والاستغلال الرشيد لها، والتوسع في استخدام التكنولوجيا النظيفة، ومشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة والاستفادة من الإمكانيات والمصادر الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها مصر لإنتاج هذه الطاقة، مثل إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم بمنطقة بنبان بأسوان.
إلى جانب إنشاء 14 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع، والتي تعتمد بشكل كلي على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتبني العديد من المبادرات التي تتيح للقطاع الخاص الاستثمار في مجالات عدة مثل مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة والاستثمار في المخلفات الزراعية، والاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحميات الطبيعية، وأيضا إنشاء سوق للسندات الخضراء بهدف التصدي للتغيرات المناخية، ودعم نمو المشروعات الخضراء في مصر.
كما اتخذت مصر عدة خطوات نحو التوجه للاقتصاد الأخضر من خلال مبادرة حياة كريمة وتنمية الريف المصري وتوفير مياه صالحة للشرب والصرف الصحي بالقرى الأكثر احتياجا، كما عملت على تبنى إستراتيجية تتناسب مع رؤية 2030، وتنفيذ استراتيجية متكاملة تتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، وتبطين الترع بهدف تحسين جودة الري والبيئة وجودة المنتج والمحافظة على الصحة العامة.
وكذا زيادة الاعتماد على وسائل النقل النظيفة من خلال التوسع في شبكات المترو والقطارات الكهربية وتوطين صناعة السيارات الكهربائية، بالإضافة الى إعداد إستراتيجية شاملة للهيدروجين، ووضع أولوية لتمويل المبادرات والمشروعات الاستثمارية الخضراء، وذلك في إطار رؤية وتوجهات الحكومة للتعافي الأخضر، وتخضير خطة الدولة.
وأضافت أن المبادرات والفعاليات الدولية أحد الوسائل الفاعلة لخلق التقارب والتنسيق والدعم بين الدول، ومن هنا جاءت أهمية الدورة السابعة والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدث الإطارية لتغير المناخ التي عقدت بمدينة شرم الشيخ، كعنوان كبير للجهود المصرية المبذولة على مدار السنوات الماضية للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، حيث استضافت مصر قمة المناخ وسط اضطرابات عالمية فضلًا عن التغيرات المناخية ومحاولة العالم للتعافي من تداعيات جائحة كورونا، وكان المؤتمر دافعًا للدول المتقدمة من أجل التحول من تقديم التعهدات إلى التنفيذ الفعلي وتعزيز الارتباط بين صحة الحيوان وصحة الإنسان، ومما يؤثر على الامن الغذائي ويؤثر بشكل كبير علي البيئة، مؤكدة على أن تبني منهج سياسة الصحة الواحدة لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة ملحة، وأصبح من الضروري الدمج بين قطاعات الصحة والزراعة والبيئة والخروج بالسياسات الداعمة للدول للحصول علي رؤية واضحة وقابلة للتنفيذ.
وعلى هامش مشاركتها في المؤتمر، عقدت الدكتورة شيرين فكري لقاء مع الحبيب عبيد، وزير البيئة التونسي ناقشا خلاله سبل التعاون بين البلدين في مجال المخلفات، حيث قدم الوزير التونسي في بداية اللقاء التهنئةذ للدكتورة ياسمين فؤاد لتوليها منصبها الجديد، مؤكدا على تقديمه الدعم الكامل لها في مهام منصبها الجديد، وقام الوزير التونسي باستعراض بعض الملفات البيئية بجمهورية تونس، كما قامت مساعد الوزيرة بعرض كافة جهود الوزارة في ملفات تحويل المخلفات إلى طاقة والمخلفات الإلكترونية ومنظومة جمع الزيوت المستهلكة وما تم من تقدم بارز في هذا الملفات، وطلب السيد الحبيب عبيد دعم وزارة البيئة وتبادل الخبرات بين مصر وتونس في المجالات البيئية وعلى رأسها ملف المخلفات.
وتم خلال المؤتمر صدور إعلان قرطاج الذي يهدف إلى الاعتراف بأهمية نهج الصحة الواحدة المتكامل، ويدعو الإعلان إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين وزارات الصحة، والزراعة، والبيئة، إلى جانب دعم الشراكات مع المنظمات الإقليمية والدولية، مع تشجيع الاستثمار في بناء القدرات البشرية والتقنية، وتعزيز تبادل البيانات والخبرات بين الدول، من أجل تحسين الاستجابة المشتركة للمخاطر الصحية، كما يدعو إلى تعزيز البحث العلمي والابتكار في مجالات الصحة الواحدة، لتوفير الأدلة وتحسين السياسات الصحية فإدماج نهج الصحة الواحدة ضمن الاستراتيجيات والخطط الوطنية للتنمية والصحة يعد خطوة أساسية نحو تحقيق تنمية مستدامة وضمان صحة ورفاه الأجيال القادمة.
وشهد المؤتمر تنفيذ عدد من الجلسات والحلقات النقاشية منها وجهات النظر العالمية والإقليمية حول تنفيذ الصحة الواحدة، وما الذي يمكن لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فعله بشكل أكبر لاعتماد نهج صحى واحد، والحفاظ على الموارد الطبيعية وإدارة الحياة البرية للحد من مخاطر الأمراض، بالاضافة إلى عرض "قصص نجاح الصحة الواحدة: حوار حول التكامل والتعاون داخل الحدود وعبرها"، وجلسة بعنوان " من البحث إلى العمل: حلول مبتكرة لصحة واحد"،" وتحديات وفرص الصحة الواحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".