سلط موقع /إنترسبت/ الأمريكي الضوء على استمرار إسرائيل وإيران، اليوم الأربعاء، في تبادل الضربات لليوم السادس على التوالي، وسط تصاعد الحديث عن دور أمريكي مباشر في العدوان الإسرائيلي على إيران، مما يطرح سؤالا هاما حول ما إذا كان ترامب يحتاج إلى موافقة الكونجرس قبل اتخاذ أي إجراء عسكري يقحم واشنطن في الحرب ضد طهران.
وذكر الموقع الأمريكي أنه في الوقت الذي يدفع فيه ترامب الولايات المتحدة إلى حافة الحرب مع إيران، يحاول بعض أعضاء الكونجرس العمل مع الحزبين الديمقراطي والجمهوري في محاولة للسيطرة على الاوضاع والحيلولة دون إنزلاق أمريكا في مواجهة مباشرة مع إيران.
وقدم النائبان توماس ماسي، جمهوري من كنتاكي، ورو خانا، ديمقراطي من كاليفورنيا، أمس الثلاثاء قرار صلاحيات الحرب، والذي من شأنه أن يحظر "على القوات المسلحة الأمريكية القيام بأعمال عدائية غير مصرح بها في إيران".
وقد قدم السيناتور تيم كين، الديمقراطي من ولاية فرجينيا، تشريعا مماثلا في مجلس الشيوخ أول أمس الاثنين.
وأشار الموقع إلى أن قرار "صلاحيات الحرب"، المعروف باسم قانون صلاحيات الحرب لعام 1973، وهو قرار صادر عن الكونجرس يهدف للحد من قدرة رئيس الولايات المتحدة على بدء أو تصعيد العمليات العسكرية في الخارج، ينص على منع "القوات المسلحة الأمريكية من القيام بأعمال عدائية غير مصرح بها في إيران ".
ويسعى القانون، إلى الحد من سلطة السلطة التنفيذية عند إرسال القوات العسكرية الأمريكية إلى نزاع مسلح دون موافقة الكونجرس الأمريكي، إذ ينص القانون على وجوب إخطار الرئيس الكونجرس في غضون 48 ساعة من بدء العمل العسكري، ويحظر على القوات المسلحة البقاء لأكثر من 60 يوما.
ومع ذلك، على مر العقود، تجاهل الرؤساء في واشنطن مرارا القانون الفيدرالي الذي يسمح بنشر القوات الأمريكية في الخارج دون موافقة الكونجرس، مما ورط الولايات المتحدة في حروب خارجية عديدة.
و أشار ماسي في بيان صحفي إلى أن قرارات صلاحيات الحرب تتمتع بحصانة في مجلس النواب، و"يمكن طرحها للمناقشة والتصويت عليها بعد 15 يوما دون اتخاذ أي إجراء في اللجنة".
وقال النائب خانا لموقع "ذا إنترسبت": "إن تورط الولايات المتحدة في حرب إسرائيل مع إيران خط أحمر. نحتاج إلى أن يعلن الكونجرس عن ذلك ويُصدر قرارا يمنعه. ونحتاج إلى أن تسعى الولايات المتحدة لإنهاء هذه الحرب بين إسرائيل وإيران".
ويأتي القرار على خلفية تصاعد الهجمات الصاروخية بين إسرائيل وإيران على مدى الأيام الخمسة الماضية، بدءا بالهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية قبل المفاوضات المقررة بين الولايات المتحدة والقيادة الإيرانية.
وذلك على الرغم من ورود تقارير تفيد بأن الاستخبارات الأمريكية قالت في تقديرات حديثة لها إن "إيران لا تُشكل تهديدا نوويا"، بيد أن يبدو أن إسرائيل تريد من الولايات المتحدة قصفها على أي حال، وفقا للتقرير.
مع استمرار الهجمات، تزايدت المخاوف بشأن التدخل الأمريكي المباشر في الصراع، وعزز ترامب هذه المخاوف أمس الثلاثاء بسلسلة منشورات على منصة "تروث سوشيال" ساخرا من النظام الإيراني ومطالبا إياه بالاستسلام.
وكتب ترامب على منصته للتواصل: "نسيطر الآن سيطرة كاملة وشاملة على سماء إيران. كانت إيران تمتلك أجهزة تتبع جوية جيدة ومعدات دفاعية أخرى، بل ووفرة منها، لكنها لا تُضاهي ما تصنعه أمريكا وتصممه وتصنعه".
وفي منشور آخر، ادعى ترامب معرفة مكان المرشد الأعلى لإيران. وكتب: "نعلم تماما مكان اختباء ما يُسمى بـ"المرشد الأعلى". إنه هدف سهل، لكنه آمن هناك - لن نقتله، على الأقل ليس في الوقت الحالي".
وفي منشور ثالث، دعا ترامب إيران إلى "الاستسلام غير المشروط".
وظهرت تقارير إخبارية بعد ظهر الثلاثاء تفيد بأن ترامب أبلغ المسؤولين في اجتماع بغرفة العمليات في البيت الأبيض أنه يفكر في الانضمام إلى الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية.
وحتى قبل يوم الثلاثاء، أعرب المشرعون الأمريكيون عن قلقهم إزاء عدم وضوح موقف الرئيس ترامب والقيادة العسكرية العليا.
وفي الأسبوع الماضي، رفض وزير الدفاع بيت هيجسيث تقديم ضمانات للنائب خانا بأن الولايات المتحدة ستواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولن تنجر إلى الصراع القادم. ويوم الاثنين، أثناء مغادرته قمة مجموعة السبع في ألبرتا، كندا، رفض ترامب الإجابة على أسئلة أحد الصحفيين حول ما إذا كان الجيش الأمريكي سيتدخل في الحرب، وقال ترامب للصحفيين "لا أريد التحدث عن هذا".
وقالت عضو الكونجرس سمر لي، ديمقراطية من ولاية بنسلفانيا، لموقع "ذا إنترسبت" إن من واجب الكونجرس التدخل ومنع ترامب من اغتصاب سلطته.
وأضافت لي "منذ توليه منصبه، دأب ترامب على محاولة تجاوز الكونجرس، وهو الآن يستغل الأزمة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران لتبرير تجاوزات السلطة التنفيذية، وتفويض الكونجرس ليس اختياريا، وكثيرون يعارضون بالفعل الانجرار إلى حرب أخرى لا نهاية لها".
كما ألمحت النائبة عن ولاية بنسلفانيا إلى غزوي الولايات المتحدة الكارثيين للعراق وأفغانستان كسبب للحذر. وقالت لي: "لقد تم خداع الشعب الأمريكي سابقا، ودفع الملايين - في الداخل والخارج - الثمن. لا يمكننا السماح لترامب أو أي شخص آخر باستغلال حرب الآخرين لتحقيق مكاسب سياسية أو مالية".
وسبق لأعضاء الكونجرس أن حاولوا كبح الجهود العسكرية للرئيس في الشرق الأوسط. وفي وقت سابق من هذا العام، أرسل التقدميون رسالة إلى البيت الأبيض يطالبون فيها ترامب بشرح الأساس القانوني لشن غارات على اليمن.
ولكن يوم الثلاثاء، اتخذ السيناتور الديمقراطي جون فيترمان، وهو أيضا من ولاية بنسلفانيا، موقفا مختلفا تماما عن موقف سمر لي، إذ شجع على العمل العسكري ضد إيران.
وقال فيترمان في تصريحات إعلامية: "آمل حقا أن ينفذ الرئيس ترامب أخيرا هجوما جويا على الإيرانيين".
ووفقا للموقع الأمريكي، يمثل موقف فيرتمان هذا هذا تراجعًا عن موقفه السابق الذي انتقد فيه ترامب عام 2022 لانسحابه من طاولة المفاوضات مع إيران.
من جانبه،قال عضو اللجنة الاستشارية لمركز التعليم السياسي والمركز العربي للموارد والتنظيم، سامر عرابي، إن تعليقات فيترمان ليست مفاجئة.
وتابع بالقول "إنه أقل شيء مفاجئ من عضو مجلس الشيوخ الذي كان أصما وأعمى بشكل مروع تجاه الوضع في فلسطين وغير راغب على أي مستوى في الاعتراف بجرائم الحرب التي لا تعد ولا تحصى التي تواصل إسرائيل ارتكابها"، مضيفا "سيكون الأمر مثيرا للسخرية لو لم يكن مروعا للغاية".
وحذر عرابي من أن التدخل الأمريكي المباشر في الحرب سيكون أسوأ من غزو العراق، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدد سكان إيران الأكبر وحجمها.
وأضاف "نحن على حافة ليس مجرد عراق آخر، بل شيء من شأنه أن يكون أكثر زعزعة للاستقرار إلى حد كبير".
وقال عرابي إن التدخل العسكري الأمريكي إلى جانب إسرائيل سيزيد من المخاطر على جميع الأطراف المعنية في الشرق الأوسط وخارجه.
واختتم بالقول: "حتى قراءة سريعة لتاريخ هذا البلد على مدى الثلاثين عاما الماضية تخبرنا أن كل ما يحدث الآن في هذا التوجه نحو الحرب يجعلنا جميعا أقل أمانا. إنه يجعل كل إنسان على وجه الأرض أقل أمانا. إنه بالتأكيد يجعل الإيرانيين أقل أمانا. إنه يجعل الإسرائيليين أقل أمانا، وهو بالتأكيد يجعلنا في الولايات المتحدة أقل أمانا".