الدولة الفاشلة والدولة الدينية

الدولة الفاشلة والدولة الدينية
الدولة
      الفاشلة
      والدولة
      الدينية

ظهر مصطلح «الدولة الفاشلة» فى الدراسات السياسية قبل أربعة عقود تقريبًا، وبالتحديد مع الموجة الثانية للصراعات الداخلية والحروب الأهلية والانقلابات فى عدة دول إفريقية وآسيوية وفى أمريكا اللاتينية. النموذج المثالى للدولة الشاملة، الذى حظى باهتمام الباحثين فى الدراسات والمؤتمرات المتخصصة، هو الصومال. كان هذا البلد الإفريقى العربى، ولا يزال، بلدًا فاشلًا بامتياز بعرف المصطلح السياسى أو الفرع الجديد. ثم انضمت إليه، عدة بلدان قريبة منا مثل السودان وجنوب السودان وليبيا والعراق واليمن.. والقائمة تطول، حتى إنه قد ظهر مؤشر أممى للدول الفاشلة يقيس أداء الدول ومدى استقرار وتقييم المخاطر السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى قد تواجهها. ويصدر هذا المؤشر بشكل سنوى بواسطة هيئة دولية اسمها «صندوق السلام» (FFP)، وهى منظمة غير ربحية ومقرها واشنطن.

وهنا ألخص تعريفًا من بين ما قرأت عن تعريف الدولة الفاشلة: «هى دولة فقدت قدرتها على أداء وظائفها الأساسية، مثل حفظ الأمن، وتوفير الخدمات الأساسية، والسيطرة على أراضيها. وغالبًا ما تتسم الدولة الفاشلة بالصراع الداخلى، والفساد، وتدهور الاقتصاد، والعجز عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين». 

أما التعريف الثانى الذى أريد التركيز عليه فى هذا المقال فهو حول «الدولة الدينية» «هى دولة نظام حكمها تكون فيه السلطة العليا فى إدارة شئون الدولة وسن القوانين لرجال الدين أو المؤسسة الدينية. بمعنى آخر، الدولة الدينية هى دولة تحكم بالشريعة الدينية، وتعتبر الدين هو المرجعية الأساسية فى جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية».

وإذا طبقنا المعايير التى اتفق عليها أساتذة وخبراء العلوم السياسية ومعهم أساتذة القانون الدولى أيضًا، بتركيز وحيادية واتساع أفق ودون تحيز، فإننا سنصل إلى أن الدولتين اللتين تدور المواجهة المسلحة بينهما حاليًا- إسرائيل وإيران- دولتان فاشلتان ودينيتان بامتياز. 

فى معيار الفشل، كلتاهما عجزت عن تحقيق الأمان لشعبها.. هناك خوف وقلق دائم لدى الشعبين من هجمات خارجية أو عمليات تفجير وإرهاب محلى. الصراعات الدائمة على الحدود مع الجيران.. بل هما تهددان السلم الإقليمى وقد تجران دولًا أخرى للصراع. نظاما البلدين سخّر الجزء الأكبر من المخصصات المالية للإنفاق العسكرى بما انعكس سلبيًا على الأوضاع العامة. هذا النموذج أوضح فى إيران عنه فى إسرائيل.. لأن الدولة اليهودية تتلقى دعمًا دائمًا وغير محدود من العواصم الغربية. هى عبء دائم على الغرب. أما فيما يتعلق بأنهما نموذجان للدولة الدينية، فإن إيران رسميًا تؤكد فى كل مكان وعلى مواقعها الرسمية أن لديها حكومة دينية إسلامية تضم عناصر من ديمقراطية رئاسية.. والسلطة العليا منوطة بـ«المرشد الأعلى للثورة الإسلامية».. وهو المنصب الذى يشغله على خامنئى منذ وفاة الإمام الخمينى، مُفجر وقائد الثورة الإسلامية.

فى واقع الأمر فإن المنظومة الديمقراطية هناك هشة وضعيفة للغاية.. واليد العليا فى كل المجالات هى للمرشد الأعلى ولنظام الملالى. وقد تقلصت الحريات العامة وزادت القبضة الأمنية لفرض هذه المنظومة الدينية. وهناك مؤشرات عديدة على أن الشعب ضجر من هذه القيود والممارسات، وكذلك أوجه الإنفاق من خيرات الشعب، لدعم وتسليح ميليشيات ومنظمات شيعية وسنية، فى دول إسلامية وغير إسلامية.

أما إسرائيل، وحتى لو ادعت كل يوم، بأنها واحة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط ولديها أحزاب قوية ونظام مؤسسات يعمل وفقًا للمعايير الغربية، إلا أنها دولة بُنيت من الأساس على فكرة دينية تم استدعاؤها قسرًا وتأويلًا من الكتب اليهودية المقدسة. ولأجل ذلك اغتصبوا أرضًا ليست بأرضهم وشردوا شعبًا كاملًا.. وقتلوا ولا يزالون، الآلاف، إن لم يكن الملايين. هم قد استخرجوا وفقًا لقناعاتهم وفهمهم، أفكارًا عنصرية من التوراة والتلمود توحى بسيادة اليهود وتفوقهم على من سواهم. ولذلك هم لا يؤمنون بالسلام ولا العيش المشترك مع الذين اغتصبوا أرضهم فعليًا. 

هذه الأفكار يؤمن بها جميع الإسرائيليين اليهود، أيًا كانت انتماءاتهم السياسية.

أنا كمصرى، أتمنى أن تُهزم إسرائيل اليوم وغدًا، من إيران أو فلسطين أو مصر.

وأتمنى الخير لإيران وشعبه الشقيق. لديهم حضارة وثقافة عظيمة وقد أفادت البشرية كلها. لكننى أعتقد أن المنطقة ستكون أفضل لو عاشت دون إسرائيل، ودون النظام الحالى فى إيران.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تحركات غامضة في الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض يحرج إسرائيل.. ماذا يحدث؟
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل